هل فكرت يومًا في كل الاختراعات التي تقوم باستخدامها خلال يومك، بدءًا من لحظة استيقاظك على صوت المنبه، مرورًا بغسيل وجهك وشرب القهوة ثم قيادة سيارتك للعمل، حتى خلودك للنوم؛ وكلها أشياء تفعلها واختراعات سوف تستمر في استخدامها في كل يوم من حياتك.
المنبهات والمياه الجارية والقهوة والسيارات هي أمثلة بسيطة للعدد الهائل من الاختراعات التي لا نستطيع الاستغناء عنها يوميًّا؛ إلا أن معظمنا لا يدرك القصص وراء اختراعها أو حتى من يرجع إليه الفضل في اختراعها. فبدايةً من أبسط الأجهزة وحتى الأجهزة الأكثر تعقيدًا، لم تأتِ تلك الابتكارات من فراغ، بل لها تاريخ ووراءها مجموعة هائلة من المبتكرين.
فكرة "حادة"
شفرات الحلاقة
يقضي الرجال تقريبًا حوالي خمسة أشهر من عمرهم في الحلاقة، وبالتالي فليس من الغريب أن يقوم شخص مثل كينج كامب جيليت بالتفكير في تسهيل المهمة!
ففي يوم من الأيام، راود جيليت حلم بصنع شفرة بسيطة يمكن استخدامها عدة مرات ثم التخلص منها؛ حينها قام بالاستعانة بويليام نيكرسون، المتخرج حديثًا من معهد ماساتشوستس، لابتكار شفرة معدنية حادة وغير مكلفة في نفس الوقت، وذلك في عام 1901 م. ولقد لاقت الشفرة الجديدة نجاحًا كبيرًا عندما قامت الحكومة الأمريكية بتوزيع "الشفرات الآمنة" على أفراد القوات المسلحة. وفي وقت لاحق، تم إنتاج شفرات ذات موسين وثلاثة وأربعة وحتى خمسة أمواس، قد تم طرحها للجمهور.
وبينما يعتبر جيليت هو مخترع الشفرات الحديثة، إلا أن غريمه الكولونيل جاكوب شيك قد تفوق عليه "بشعرة" عندما اخترع الشفرات الإلكترونية في عام 1925.
الاختراع المُر
البن
تظهر الإحصاءات أنه يتم تناول أكثر من 400 مليون كوب قهوة كل عام. إلا أن قليل من أولئك الذين يستهلكون القهوة على دراية بقصة اختراعها.
ففي حوالي القرن الخامس عشر، كانت نباتات البن البرية تُنقل من إثيوبيا إلى جنوب شبه الجزيرة العربية حيث كانت تستخدم كغذاء للحيوانات. ووفقًا للأساطير فإنه تم اكتشاف تأثير ذلك النبات لأول مرة في عام 850 م عندما لاحظ راعي الماعز العربي الخالدي أن الماعز تصبح أكثر نشاطًا عندما تأكل من البن؛ فانتابته الحيرة وقرر أن يقوم بتجربته بنفسه، فشعر بالانتعاش وقدم اكتشافه للعالم.
أدى التأثير المحفز للبن إلى إكسابه شهرة واسعة بالرغم من ظهور الكثير من الجدل حوله. وفي عام 1908 م، عندما أرهق شرب البن وبه بقايا النبات ربة المنزل الألمانية ميليتا بنتز، قامت باختراع أول مرشح للبن باستخدام أوراق مرشحة رقيقة. وبعد ذلك بثلاثين عام، قامت شركة نستله باختراع البن سريع الذوبان، وبذلك ازدهرت صناعته وأصبح من أكثر السلع رواجًا في العالم، حيث تأتي في المرتبة الثانية بعد النفط.
ابقِها "معًا"
السحَّاب (السوستة)
تستغرق بعض الأفكار العظيمة وقتًا طويلاً لتنفيذها، وفي حالة السحاب فإنها استغرقت 80 عامًا!
سجل إلياس هاو، مخترع آلة الخياطة، براءة اختراع أداة لغلق الملابس بطريقة سهلة مستمرة ولكن النجاح الباهر الذي حققته آلة الخياطة لم يترك له الكثير من الوقت لتطوير تلك الأداة. وبعد أربعة وأربعين عامًا، عرض ويتكومب جادسون فكرة السحاب المنزلق في المعرض الكولومبي عام 1893 م بشيكاجو؛ وسحاب جادسون عبارة عن مجموعة من الكلابات والفتحات لها شريحة منزلقة للفتح والغلق.
استخدم المهندس الألماني جيديون ساندباك، والذي عمل بالولايات المتحدة الأمريكية، المشابك البارزة بدلاً من الكلابات والفتحات، وفي 29 إبريل 1913 م حصل على براءة اختراع السحاب الخالي من الكلابات. وفي عام 1923 م، أطلق بي. جي. وارك من شركة
بي. إف. جودريك اسم "زيبر" (zipper) أو "سوستة" على السحاب المنزلق الذي تم استخدامه لغلق الأحذية.
وبعيدًا عن الأحذية، لم تستخدم السوستة في عالم الأزياء إلا بعد مرور 20 عامًا من اختراعها. إلا أنه في نهاية الأمر ومع مرور السنوات أصبحت تستخدم في الملابس والحقائب والكثير من الأشياء التي يصعب حصرها.
بدون هؤلاء المخترعين وغيرهم، وبدون الروح الإبداعية التي تمتعوا بها وتعطشهم لإيجاد الإجابات لأسئلتهم ورغبتهم المستمرة في الحصول على المزيد، لكان عالمنا مختلفًا عمَّا هو عليه الآن، ولكان أصبح عالمًا خاليًا من وسائل الراحة التي اعتدناها في حياتنا اليومية ومن الأشياء التي نستخدمها يوميًّا دون التفكير للحظة في كيفية اختراعها أو كينونة مخترعها.
ففي المرة القادمة التي تقوم فيها بإرسال رسالة نصية قصيرة أو تحتسي كوبًا من القهوة أو تستخدم المصعد، تذكر أنك تدين بالفضل لهؤلاء الرواد الذين اخترعوا جميع الوسائل والأدوات التي نستخدمها حاليًّا ولا نستطيع الحياة بدونها. تذكر أن أصحاب تلك الاختراعات اليومية التي عملت على جعل عالمنا مكانًا أفضل، يلقنوننا أيضًا دروسًا في كيفية المثابرة للنجاح.
المراجع
David Wallechinsky and Irving Wallace, History and Story Behind Inventions, "The People's Almanac" series of books, 1975 – 1981
www.about.com
www.clockhistory.com
Kendall F. Haven, 100 greatest science inventions of all time, Libraries Unlimited, 2006
Encyclopedia Britannica Ultimate Reference Suite, 2010
Catherine O'Reilly, The Inventions That Changed Our Homes and Our Lives, Skyhorse Publishing Inc., 2008
http://news.bbc.co.uk
www.associatedcontent.com
http://web.mit.edu/invent/iow/otis.html
*المقال منشور في نشرة مركز القبة السماوية العلمي، عدد شتاء2011.