أحيانًا عندما يراودنا شعور الاشتياق إلى شخصٍ ما، نتمنى أن يزورنا في الحلم؛ وبطريقة ما نحلم به بالفعل دون أن نعرف كيف تتشكل أحلامنا؟ فعلى الرغم من تقدم العلم ووسائل المعرفة، فلا تزال الأحلام موضع نقاش علمي كبير بين علماء الطب النفسي وعلم الأعصاب؛ من حيث تركيب الصور بداخل العقل البشري لتكون صورة واضحة في الحلم. ليس هذا فحسب، بل يتساءلون كيف تتشكل أحلام الأشخاص المكفوفين دون حاسة الإبصار؟ وهذا ما سنعرفه في هذا المقال.
مبدئيًّا ما الأحلام؟
الأحلام انعكاس لتفكير العقل الباطن في الأشياء متكررة الظهور، أو الموجودة حولنا بالفعل؛ في صورة سلسلة من المشاهد المرئية أو التخيلات. وتحدث نتيجة استجابة لمؤثر خارجي، يصنعه العقل خلال النوم؛ وقد تكون أحداثًا، أو مواقف غير مترابطة أو غير منطقية، ولكنها تبدو منطقية بشكل كبير في أثناء الحلم. ومن ثم، فالسؤال الذي يطرح نفسه في أذهاننا:
كيف يتشكل الحلم لدى المبصرين؟
تتشكل الأحلام في أثناء مرحلة حركة العين السريعة، وهي اللحظة التي تصادف الدقيقة التسعين من النوم، وتستمر لمدة عشر دقائق أو أكثر، وتتكرر عدة مرات على حسب فترة النوم؛ إذ يصبح الدماغ بأكمله في أوج نشاطه. ويتحكَّم هنا نظام تنشيط شبكي، يمر من منطقة جذع الدماغ إلى المهاد ثم إلى القشرة.
يعد النظام النطاقي (Limbic System) الموجود في منتصف الدماغ، مسئولًا عن التعامل مع العواطف بشكل عام خلال الأحلام؛ ويشمل هذا النظام اللوزة الدماغية (Amygdala) المرتبطة عادةً بعواطف الخوف، والتي تنشط في أثناء الأحلام. وتعد القشرة الدماغية مسئولة عن محتوى الأحلام من أشخاص أو أشياء.
لماذا يصعب علينا إذن تمييز الأحلام عند القيام من النوم؟
تكمن الإجابة في أن الفص القحفي، الذي يحتوي القشرة في الجزء الخلفي من الدماغ، يكون نشطًا؛ في حين يكون الفص الجبهي أقل نشاطًا؛ مما يصعِّب علينا تمييز الأحلام بعد الاستيقاظ من النوم. وننتقل هنا لنعرف:
ما العمى؟
هو حالة من فقد الإدراك البصري والقدرة على تفسير البيئة المحيطة من خلال الضوء المرئي. ويُعد الشخص فاقدًا للبصر إذا كانت حدة الإبصار لديه لا تزيد على 200/20 قدمًا في أحسن العينين، أو باستعمال النظارات الطبية للإبصار. ومن هنا يأتي السؤال الأهم:
هل يحلم الكفيف؟
يحلم الشخص الكفيف كسائر البشر تمامًا، لكن ليس بالطريقة نفسها التي يحلم بها المـُبصِر. فأحلام المكفوفين مزيج من المعلومات الحسية التي تترجمها له حواسه، وتختلف درجة الحلم وعمقه بوقت الإصابة بفقدان البصر. فعلى سبيل المثال، الشخص الذي أصيب بفقدان البصر منذ الولادة يحلم كالآخرين تمامًا لكنه لا يرى صورًا في الحلم؛ ذلك لأنه لا يوجد لديه ذاكرة تصويرية حتى يستنبط منها ما مر أمامه في الحلم؛ وإنما تعتمد أحلامه على حواسه الأخرى كالشم والرائحة واللمس. وهناك عديد من الدراسات التي أفادت أن الأعمى يُمكن أن يتخيَّل أشكالًا في أحلامه، تمامًا كما يتخيل الطفل وحوشًا سمع بها من القصص الخيالية قبل نومه.
أما الذي فقد حاسة البصر بعد فترة من الإبصار لأي سببٍ كان، سواء حادث أو مرض أو شيءٍ آخر، فيشاهد صورًا تعتمد على فترة إبصاره؛ إذ ينحصر الحلم لديه في أشكال وألوان محدودة. ويتلاشى الوضوح تدريجيًّا مع مرور الوقت، وتقل الأشكال والألوان في أحلامه إلى أن تصبح مبهمة المعالم؛ حينها يعتمد في حلمه على حواسه أيضًا.
أخيرًا وليس آخرًا، على الرغم من اختلاف الطبيعة الحسية بين أحلام المكفوفين والمبصرين، فإنها لا تختلف في شعور الحالم بها، بل تُعطي شعور المبصر نفسه خلال حلمه وإن كان كفيفًا!
المراجع
allaboutvision.com
howsleepworks.com
quora.com
sciencefocus.com