في مطلع عام 2016 أعلنت جامعة ولاية متشجن ومستشفى هيرلي للأطفال عن مبادرة جديدة للصحة العامة للأطفال؛ لمواجهة مشكلة تعرض سكان مدينة فلينت للرصاص. جاءت المبادرة بعد أن قامت دكتورة أطفال وأم لطفلين من فلينت بإجبار ولاية متشجن على وضع نهاية لاستخدام نهر فلينت كمصدر للمياه.
أصبحت الدكتورة منى حنا عطيشة، التي ولدت بالمملكة المتحدة لأبوين عراقيين، أحد أشهر أطباء فلينت. فبعد استكمال فترة تدريبها كطبيب مقيم بمستشفى ولاية متشجن للأطفال، حصلت على درجة الماجستير من كلية الصحة العامة بجامعة متشجن؛ حيث ركزت على إدارة الصحة وسياستها. وحاليًّا هي رئيسة أطباء الأطفال المقيمين بمستشفى هيرلي للأطفال، وأستاذ مساعد لطب الأطفال بكلية الطب البشري بجامعة ولاية متشجن.
في سبتمبر عام 2015 قامت الدكتورة منى وفريقها بتحليل دم المرضى؛ حيث وجدوا نسبة مرتفعة من الرصاص في نتائج التحاليل. فيتسرب الرصاص إلى مصدر المياه بالمدينة منذ أكثر من عام؛ ويرجع السبب في ذلك إلى تدفق المياه الآكلة – وهي مياه قادرة على إذابة المعادن الخطرة - خلال شبكة إمدادات المياه بالولاية؛ مما عمل على تآكل المواسير وتسرب الرصاص إلى المياه. وباستخدام نتائج المستشفى التي تعمل بها، قامت الدكتورة منى بدراسة نتائج تحاليل أكثر من 3000 طالب من فلينت والمناطق المحيطة بها؛ فاكتشفت أن عدد الأطفال الذين تحتوي نتائج فحصهم على نسب مرتفعة من الرصاص قد تضاعف، مرتفعًا من 2.1٪ إلى 4٪، وقد جاء ذلك بعد تحول الولاية إلى مصدر مياه جديد.
شعرت الدكتورة منى أن ولايتها تواجه حالة طارئة ويتوجب عليها القيام بشيء تجاهها؛ فقامت بنشر النتائج التي توصلت إليها في مؤتمر صحفي. وكانت ردود الفعل الأولية عكس ما توقعت؛ فقد أصر المسئولون أن المياه آمنة وحاولوا تكذيب النتائج التي وصلت إليها الدكتورة منى. إلا أن لاحقًا قام مسئول بإقناع مسئولي الدولة بإجراء مزيد من الأبحاث والتأكد من النتائج التي قدمتها؛ فجاءت النتائج لتؤكد ما قدمته سابقًا. فأعلن مسئولو الدولة ومسئولون فيدراليون حالة الطوارئ في الولاية، وأرسل المحافظ ريك سنيدر الأمن الوطني لتوزيع زجاجات وفلاتر المياه على المواطنين.
من الجدير بالذكر أن الرصاص مادة سامة تصيب الأعصاب بأضرار بالغة لا يمكن علاجها مدى الحياة، بل يمتد تأثيرها إلى الأجيال المتتالية؛ كما يتسبب في انخفاض معدل ذكاء الأطفال ويرتبط ارتباطًا مباشرًا بجرائم العنف. ومن ثَمَّ، تنبأت الدكتورة منى أنه في السنوات المقبلة سيكون هناك كثير من الأطفال بحاجة إلى تعليم خاص. لذلك أسست هي وزملاؤها صندوق دعم صحة وتنمية أطفال فلينت؛ حيث يقوم الصندوق بجمع التبرعات لمواجهة احتياجات الأطفال على المدى الطويل الناتجة عن التعرض للرصاص.
وتعمل مبادرة الصحة العامة للأطفال على تجميع أخصائيي طب الأطفال وتنميته، وعلم النفس، وعلوم الأوبئة، والتغذية، وعلوم السموم، والجغرافيا، والتعليم، إلى جانب أخصائيي تنمية المجتمع والقوى العاملة. وسوف تطبق المبادرة تدابير دليلية لمواجهة مشكلة احتواء المياه على عنصر الرصاص. وتركز المبادرة على ثلاثة محاور رئيسية: التعليم، والتغذية، والصحة.
فيعمل أطباء التغذية بملحق جامعة ولاية متشجن مع مركز هيرلي الطبي لتجهيز برنامج غذائي تعليمي يحتوي على وصفات غنية بالحديد، والكالسيوم، وفيتامين سي، وكلها عناصر تعمل على منع امتصاص الجسم للرصاص. بالإضافة إلى ذلك، نشر الملحق هذه الوصفات من خلال فصول برنامجها التعليمي عن التغذية التكميلية.
وقد أشادت إيرين بروكوفيتش - المساعدة القانونية الشهيرة التي ساعدت على الفوز بتسوية تقدر بعدة ملايين دولار من شركة في ولاية كاليفورنيا في حادثة تلوث المياه الجوفية عام 1993 - بالدكتورة منى على صفحات الفيسبوك يوم 13 يناير 2016؛ فكتبت: «هذه هي أفضل الأخبار التي سمعتها عن فلينت حتى الآن، شكرًا دكتورة منى».
المراجع
mashable.com
www.usatoday.com
humanmedicine.msu.edu
www.democracynow.org
education.hurleymc.com
*المقال الأصلي منشور في مجلة كوب العلم، عدد النساء والعلم (ربيع 2016).