على عكس غيره من العلوم، يعتمد علم الفلك كليًّا على الملاحظة وليس التجربة. وبمراقبة علماء الفلك للسماوات، يرون مشكالاً من الألوان؛ ولكل لون داخل ذلك المشكال دلالة خاصة.
إذا تأملت السماء ليلاً من موقع مظلم، سترى آلاف النجوم. وبما أن النجوم بعيدة جدًّا عنا، فإننا نراها كنقاط في السماء الفسيحة فتظهر غالبية النجوم باللون الأبيض، ولكن يظهر بعضها باللون البرتقالي أو الأحمر مثل نجم قلب العقرب أو "أنتارس" (Antares) ونجم إبط الجوزاء أو "بتلجيز" (Betelgeuse)، ويظهر البعض الآخر باللون الأزرق مثل نجم رجل الجبار (Rigel).
ولون النجم يعبر في المقام الأول عن درجة حرارته؛ فيشبه سلوك النجم سلوك جسم معتم مُشِع، كلما ارتفعت درجة حرارته تغير لونه. فإذا قمت بتسخينه، فسيصدر إشعاعًا في نطاق الأشعة تحت الحمراء، ومع التسخين المستمر سيشع بلون أحمر قاتم، ومع زيادة درجة حرارته سيشع باللون البرتقالي ثم الأصفر ثم الأبيض وأخيرًا باللون الأزرق. وفي نهاية المطاف، إذا انخفضت درجة حرارة النجم، سيصدر الجسم الأسود معظم الطاقة الخاصة به في النطاق فوق البنفسجي.
على الرغم من أن الغبار الكوني يمثل 1% فقط من كتلة الفضاء بين النجوم (ISM)، فهو يمتص الضوء من النجوم ويقوم بنشره. ولا تعتبر كتلة الفضاء بين النجوم فراغًا مثاليًّا؛ حيث تحتوي تلك الكتلة على غازات باردة متعادلة الشحنة، وغازات دافئة متعادلة الشحنة، وبلازما ساخنة مؤينة. ويتكون الغبار الكوني من حبيبات صغيرة من أحماض السيليكا والحديد والكربون ومياه متجمدة وآمونيا متجمدة، مما يعني أن كثافة الضوء القادم من أي نجم بعيد تقل فيبدو أنه أكثر إعتامًا مما هو عليه في الحقيقة.
ويصطلح على تسمية هذا التأثير باسم الاضمحلال، وهو يتناسب عكسيًّا مع الطول الموجي، لهذا يكون الضوء الأحمر أقل تأثرًا من الضوء الأزرق. والنجوم الأكثر بعدًا تتعرض لاضمحلال أو اختزال أكثر في لمعانها من النجوم القريبة، لهذا تبدو النجوم البعيدة أكثر حمرة من الحقيقة. فتظهر العمالقة الحمراء، مثل نجم إبط الجوزاء، بلون أكثر احمرارًا من لونها الطبيعي؛ حيث إن لونها الطبيعي يميل إلى البرتقالي أكثر من الأحمر. وتظهر مجموعة صغيرة من النجوم باللون الأحمر الداكن، ويطلق عليهم اسم نجوم الكربون. تتميز تلك النجوم الياقوتية اللون بأنها مليئة بجزيئات الكربون في طبقاتها الخارجية، وتقوم تلك الجزيئات بامتصاص معظم الفوتونات الموجودة في الأجزاء الزرقاء والبنفسجية من الطيف. يطلق على تلك المجموعة الآن اسم النوع C في إشارة إلى وجود الكربون.
ويتم تصنيف النجوم وفقًا لأطيافها، بمعنى أنها تُصنَّف وفقًا للمواد التي تمتصها، إلى جانب درجة حرارتها. وتوجد سبعة أنواع أساسية للنجوم، وهي مرتبة وفقًا لانخفاض درجة حرارتها على النحو التالي: O، B، A، F، G، K، وM. وتعتبر نجوم O وB من النجوم غير الشائعة ولكنها الأكثر سطوعًا، بينما توجد نجوم M بكثرة ولكنها معتمة.
مخطط هيرتزبرنج راسل (R-H) هو رسم بياني يوضح ألوان النجوم وتقابُل نوع الطيف أو درجة حرارة السطح مع درجة السطوع. ويوضح ذلك الشكل وجود ثلاثة أنواع مختلفة من النجوم:
- تعد معظم النجوم، بما فيها الشمس، من "نجوم السلسلة الرئيسية" والتي تتغذى من جراء الانشطار النووي الذي يقوم بتحويل الهيدروجين لهليوم. وهذه النجوم في أكثر مراحل وجودها استقرارًا، وهي مرحلة تستمر لحوالي خمسة بلايين من الأعوام، وكلما ارتفعت درجة حرارة تلك النجوم كلما زاد سطوعها.
- عندما تبدأ النجوم في الاحتضار تتحول إلى "عمالقة"؛ حيث تكون قد استنفذت مخزونها من الهيدروجين، وتبدأ النواة الخاصة بها بالتقلص في حين تتمدد طبقاتها الخارجية. وتنفجر تلك النجوم في نهاية المطاف لتصبح سُدُمًا كوكبية أو نجومًا متوهجة (سوبرنوفا) وذلك وفقًا لكتلتها، متحولةً في نهاية الأمر إلى أقزام بيضاء أو نجوم نيوترونية أو ثقوب سوداء.
- أما النجوم الصغيرة مثل الشمس فتتحول إلى أقزام بيضاء خافتة؛ حيث إنها بعد أن تكون قد استنفذت وقودها النووي تتقلص لتصبح نجومًا حارة صغيرة كبيرة الكثافة يحتل الكربون الجزء الأكبر من تكوينها. وتعتبر تلك النجوم هي البقايا التي تظهر بعدما تفقد العمالقة الحمراء طبقاتها الخارجية، فتبدأ في فقدان حرارتها تدريجيًّا لتصبح باردة، ثم تتحول إلى "أقزام سوداء" مظلمة.
المراجع
http://outreach.atnf.csiro.au
http://docs.kde.org
http://www.enchantedlearning.com
*فكرة وبحث: ياسر حسين
**المقال الأصلي منشور في نشرة مركز القبة السماوية، عدد ربيع 2011