في عام 1990، أدرجت الباندا الصينية العملاقة بفروها المميز ذي اللونين الأسود والأبيض ضمن الأنواع المهددة بالانقراض؛ إلا أنه في عام 2016 غيَّر الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة حالتها من «أنواع مهددة بالانقراض» إلى «أنواع معرضة للخطر والتهديد». وجاء هذا الإعلان بعد زيادة أعداد الباندا من 1114 في عام 1988 إلى 1596 في عام 2013؛ حتى وصلت إلى 1.864 في عام 2014. ترجع زيادة الأعداد إلى الاستراتيجيات التي تبنتها الحكومة الصينية من حماية للغابات وإعادة تشجيرها. ومع ذلك، فمن المتوقع أن يقلص الاحتباس الحراري وبعض العوامل الأخرى أكثر من 35% من مساحة غابات الخيزران التي تعيش بها الباندا على مدار الثمانين عامًا المقبلة. إذًا فأعداد الباندا معرضة للنقصان مجددًا، ضاربة بعرض الحائط كل الإنجازات التي حدثت خلال العقدين الماضيين.
والباندا العملاقة أندر أنواع الدببة، تعيش في غابات الخيزران الصينية، وتعتمد على الخيزران اعتمادًا تامًّا في نظامها الغذائي؛ فتتناول أكثر من ثلاثة عشر كيلو جرامًا من الخيزران يوميًّا لتبقى على قيد الحياة. تؤدي الباندا دورًا حيويًّا في النظام البيئي لغابات الخيزران؛ فتقوم بنشر البذور ومساعدة النباتات على النمو، مانحة فرصة الحياة لكثير من الحيوانات البرية بها، مثل: القزم الأزرق، والتَّدْرُج متعدد الألوان، وغيرها من الأنواع المهددة بالانقراض، مثل: الغينون الذهبي، والتاكين، وأبي منجل المتوج. وتعد الباندا أيضًا رمزًا وطنيًّا لدولة الصين، وتعود بنفع اقتصادي كبير على المجتمعات المحلية من خلال السياحة البيئية.
يعتقد العلماء أن المناخ المتغير ودرجات الحرارة الآخذة في الارتفاع من شأنها أن تجبر غابات الخيزران على النزوح لتنمو في الأراضي المرتفعة حيث درجات الحرارة المنخفضة؛ ما يحرم الباندا من موطنها الطبيعي ومصدر غذائها الأساسي. علاوة على ذلك، فإن غابات الخيزران معرضة للإزهار والذبول المتزامن بشكل دوري؛ فهذا النبات المعمر أحادي الإزهار يموت فور إزهاره؛ فيجبر الباندا العملاقة على الانتقال لأماكن بها خيزران حي. فعلى سبيل المثال، تضورت 250 باندا عملاقة جوعًا في أعقاب موسم إزهار متسع الانتشار للخيزران في الفترة ما بين عامي 1975 و1983 في منطقتي بينغوو ونانبينغ بمقاطعة سيشوان.
وبالمثل، يشكل تدمير المواطن، والزراعة، وتطوير البنية التحتية، خطرًا كبيرًا على مواطن الباندا. فلم يعد مسموحًا للباندا بالمعيشة إلا في أماكن مرتفعة أعلى من الأراضي التي يمكن استخدامها في الإنتاج الزراعي. كذلك تحرم الطرق الرئيسية وطرق السكك الحديدية المتقاطعة الباندا من الانتقال من مكان إلى آخر في الغابة؛ مما يشكل تحديًا مميتًا لها. ويجدر بالذكر أنه في عام 1980 بلغت مساحة مواطن الباندا 40.599 كيلو مترًا مربعًا؛ لكنها تقلصت وأصبحت 12.340 كيلو مترًا مربعًا في عام 1990.
ومن أجل الحفاظ على الباندا العملاقة وعلى مواطنها، ولتفادي تصنيفها «أنواع مهددة بالانقراض» مجددًا، يجب حماية الغابات التي تعيش بها. وتقدم هذه الغابات بعض الخدمات الهامة للمجتمعات التي تعيش داخلها وحولها. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، تتيح الغابات زراعة المحاصيل، ورعي الحيوانات، وتخزين المياه العذبة وتنظيفها، وتوفير الحطب والأخشاب وكثير من النباتات المفيدة. فضلًا عن ذلك، فهي تدير جريان المياه الناتج عن العواصف، كما تعزل الكربون في الأرض، وتساعد على منع تآكل التربة.
لاحظ الباحثون أن الاستثمار في مواطن الباندا قد حسن من الظروف المعيشية للسكان المحليين. واستعانوا في ذلك ببيانات من الكتاب الإحصائي الصيني السنوي، أظهرت أن الدخل السنوي في مقاطعات سيشوان وشانجسي وجانسو التي تقع بجوار محميات الباندا قد ارتفع بمتوسط 56٪ في الفترة من عام 2000 إلى عام 2010. وزاد الدخل السنوي للمزارعين في الأقاليم الموجودة داخل هذه المقاطعات بنسبة 64٪ في المتوسط.
يجب أن تشمل إجراءات الحفاظ الأخرى صيانة المواطن المناسبة المتصلة وزيادتها، واستعادة المواطن التي تحتوي على أنواع الخيزران أو الأنماط الجينية الخاصة بها التي تتكيف مع المناخ الأكثر دفئًا. ومن الضروري أيضًا تقليص فقدان المواطن وتجزئتها، الذي تتسبب فيه أعمال الزراعة واستخدامات الأرض الأخرى.
باختصار، الحفاظ على الباندا العملاقة مهمة قومية تنفذها الحكومة الصينية؛ لأن كل الأنشطة المدمرة التي يقوم بها الإنسان في مواطنها ستسهم في رجوع الباندا إلى قائمة الأنواع المهددة بالانقراض مجددًا. علاوة على ذلك، يجب تعزيز جهود الحماية وحماس المجتمع العالمي باستمرار لإنقاذ هذه المخلوقات المدللة والمجتمعات التي تعيش بالقرب من مواطنها الطبيعية.
المراجع
carbonbrief.org
chinahighlights.com
iucn.org
livekindly.co
macaupanda.org.mo
newsweek.com
nytimes.com
panda.org
popsci.com
sciencing.com
therevelator.org
worldwildlife.org
wwf.panda.org
*المقال الأصلي منشور في مجلة كوكب العلم، عدد شتاء 2019.