يتفق علماء النفس على أن جميع البشر يظهرون العاطفة من خلال سلوكيات معينة. وبغض النظر عن العرق أو الثقافة أو العمر، فإن بعض أشكال التعبير عن المشاعر مشتركة بيننا جميعًا. واحد من هذه التعبيرات الوجهية العالمية هو «الابتسامة»؛ وهي تُعدُّ استجابة طبيعية لا إرادية للشعور بالسعادة. واستنادًا إلى العلم يُعدُّ العكس صحيحًا أيضًا؛ حيث إن الابتسامة من الممكن حقًّا أن تخلق السعادة. فافتعال الابتسامة يُغيِّر فيسيولوجيا الدماغ، ويُحوِّل المشاعر السلبية إلى مشاعر إيجابية.
ماذا يحدث في الدماغ عندما نبتسم؟
نواجه أحيانًا بعض المواقف التي تجعلنا سعداء – مثل مقابلة صديق قديم أو ما شابه – فتكون أول ردة فعل لدينا هي الابتسامة التي تأتي بشكل عفوي وغير مخطط له. فيُحفِّز شعور السعادة إنتاج هرمون الأندروفين؛ حيث تنتقل السيالات العصبية من الدماغ إلى العضلات الموجودة في الوجه لتُحفِّز الابتسامة.
في بعض الأحيان، تكون ابتسامتك مصدر سعادتك وإن كانت الابتسامة قسرية. فعندما تبتسم تنقبض العضلات المرتبطة بالابتسام وتطلق إشارة لتحفيز نظام المكافأة الموجود في الدماغ؛ فيتم إطلاق هرمون الأندروفين الذي يجعلنا نشعر بالسعادة. باختصار؛ يشعر عقلنا بالراحة فيخبرنا أن نبتسم، ونبتسم فنخبر عقلنا بأنه في حالة جيدة.
اكتشف باحثون بريطانيون أنه من شأن ابتسامة واحدة أن تُولِّد المستوى نفسه من تحفيز الدماغ المكافئ لما يُحدثه تناول ألفي قطعة شوكولاتة. وعند الحديث عن السعادة يتبادر إلى ذهننا التفكير في الأطفال؛ فهم دائمًا ما يبدون أكثر سعادةً من الكبار. وقد تبين فيما بعد أن سبب ذلك في كثرة ابتسامهم؛ حيث إنهم يبتسمون 400 مرة في اليوم، في حين يبتسم الكبار نحو عشرين مرة فقط يوميًّا.
تأثير الابتسامة في الصحة
أُجريت تجربة لإيجاد الرابط بين الابتسامة والتوتر، فتبين من خلالها أن الأشخاص الذين يبتسمون أثناء ممارسة مهامهم اليومية يكون لديهم مستويات منخفضة جدًّا من التوتر والقلق، كما تقل لديهم معدلات ضغط الدم وضربات القلب. ومن شأن الابتسام وحده أن يُعدِّل المزاج، ويقلل من السمنة والاضطرابات العقلية وأمراض القلب. يساعدك الابتسام أيضًا على العيش لفترة أطول؛ حيث إنه يساهم في ضبط مستويات هرمون الكورتيزول الذي يسبب الضغط والتوتر، ويعزز عمل النواقل العصبية في الدماغ، مثل: الدوبامين والسيروتونين؛ المسئولة عن تنظيم الوظائف الإدراكية والعقلية والجسدية.
تأثير الابتسامة في الحياة الاجتماعية
يُنظر إلى الأشخاص الذين يبتسمون على أنهم محبوبون أكثر من أولئك الذين لا يبتسمون؛ فيكون من السهل بناء علاقات اجتماعية معهم والحفاظ عليها، فضلًا عن نجاحهم في الحياة المهنية. فعندما تبتسم يعاملك الناس بطريقة مختلفة؛ فالابتسامة تجعلك تبدو أكثر صدقًا وموثوقية وجاذبية على الفور. علاوة على هذا، قد تكون الابتسامة طريقة طبيعية أيضًا لجعلك تبدو أصغر سنًّا وأكثر شبابًا، بدلًا من عمليات التجميل.
إن ابتسامتك لا تُحسِّن مِزاجك فقط، بل يمكنها أيضًا تحسين مِزاج الآخرين ورفع معنوياتهم؛ حيث ثَبتَ علميًّا أن الابتسامة مُعدية. فرؤية ابتسامة الآخرين تحفز الابتسامة لدينا، وجزء الدماغ المسئول عن تحكمنا في التعابير الوجهية المرتبطة بالابتسام هو منطقة استجابة تلقائية غير واعية، بمعنى أن الابتسام قد يحدث دون وعينا.
مع مرور الوقت، ينسى معظمنا كيف يبتسم بصدق؛ حيث نتعمد الابتسامات الاجتماعية أكثر وأكثر. المهم في هذا الموضوع أن تحاول دائمًا أن تضع تلك الابتسامة على وجهك، وإن كنت محبطًا أو تواجه مواقف عصيبة. وتذكر أن تغيير سلوكك عن طريق الابتسام يمكن أن يغير مشاعرك الداخلية. بمعنى آخر، إذا وضعت «وجهًا سعيدًا»، فستشعر بالسعادة.
المراجع
britishcouncil.org
psychologicalscience.org
psychologytoday.com