يمر العالم بأكمله حاليًّا بأحداث متلاحقة ومتعاقبة؛ إذ نواجه جميعًا هجوم فيروس كوفيد-19 الشهير بكورونا، والذي لم يترك قارة ولا بلدًا إلا وطرق أبوابها، مما جعله يستحق عن جدارة لقب جائحة الذي أطلقته عليه منظمة الصحة العالمية WHO.
وفي فترات كهذه تكثر التساؤلات والمخاوف، وينتاب القلق الجميع، وتزداد الافتراضات والنظريات في محاولة الإجابة عن تلك الأسئلة؛ ومن أشهر هذه التساؤلات: هل يمكن أن يلتقط الشخص المتعافي من فيروس كوفيد-19 العدوى مرة أخرى بعد الشفاء؟ والإجابة «لا».
يفيد خبراء الفيروسات بجامعة تكساس بأن ظهور الأجسام المضادة بجسم المصاب فور تعرضه للفيروس، ينفي تمامًا احتمالية عودة الإصابة له مرة ثانية، وأن الجسم يطور تلك الأجسام المضادة خلال سبعة أو عشرة أيام من التعرض للفيروس لأول مرة. ولكن يتنافى ذلك مع الحالات التي تعافت بالفعل وعند إعادة التحليل المختبري لها، أبدت نتائج إيجابية لفيروس كوفيد-19.
فهناك امرأة في أوساكا باليابان، أظهرت نتائج إيجابية لفيروس كوفيد-19 بعد مرور عدة أسابيع على تعافيها وخروجها من مستشفى العزل. وكذلك هناك تقارير واردة من الصين وكوريا تفيد بعودة الإصابة ثانية؛ ومما زاد من البلبلة وكثرة التساؤلات، أن عودة مهاجمة الإصابة مرة ثانية وثالثة أمر شائع بين الفيروسات التاجية المسببة لأمراض البرد والأنفلونزا.
يؤكد العلماء أن المسببات المرضية للفيروسات المسببة لنزلات البرد تختلف تمامًا عن الفيروس التاجي الجديد، ويعزو نتيجة التحاليل الإيجابية للمرضى المتعافين من فيروس كوفيد-19 إلى عدد من العوامل منها: أن التحاليل السابقة التي أفادت بأن المريض شُفي تمامًا من الفيروس وأظهرت نتائج سلبية، لم تكن دقيقة وبها شيء من الخلل، مثل انخفاض جودة العينة المسحوبة من المريض وأنه لا يزال مصابًا.
ومن المحتمل أن يكون الشخص قد التقط عدوى أحد فيروسات عائلة الكورونا الأخرى، بخلاف كوفيد-19، مثل المتلازمة التنفسية الحادة (سارس)؛ أو أن هناك بقايا من الحمض النووي الفيروسي لكوفيد-19 ما زالت موجودة ولم يتخلص الجسم منها كلية، ولكنه بالتأكيد غير كاف لإلحاق الإصابة أو الضرر بالمتعافي مرة ثانية.
ويستفيض الخبراء في نفي احتمالية عودة الإصابة ثانية، بأن يوضحوا أيضًا أنه لا توجد إمكانية لإعادة تنشيط الفيروس الذي مات بالفعل، وأن النظرية الأقرب للواقع هي التقاط بقايا الحمض النووي الفيروسي الموجود بالخلايا، وأنها مسئولة عن خروج نتائج التحاليل إيجابية، كونها تظل باقية فترة طويلة داخل الخلايا حتى بعد القضاء على الفيروس.
قد ترغب بمشاهدة هذا الفيديو عن هذا الموضوع
Can patients get re-infected after recovering from coronavirus?
هنا يقفز سؤال آخر إلى الأذهان، هل تتكون لدى المتعافي من فيروس كوفيد-19 مناعة مستديمة تجاه ذلك الفيروس؟
يجيب خبراء الأمراض المعدية بجامعة سنغافورة بأن ما لديهم من بيانات ومعلومات ينطبق على الفيروسات التاجية السابقة. فمثلاً احتفظ الناجون من فيروس سارس بالأجسام المضادة مدة ثلاث سنوات؛ مما يدل على اكتساب المناعة، ومن المتوقع أن يكون الأمر مقارباً لتلك الأرقام في حالة فيروس كوفيد-19، وبالطبع تختلف المناعة من فرد إلى آخر تبعًا لقوة الأجسام المضادة المتكونة لديه، وعمره. فمن المتوقع أن يتكون لدى من هم أصغر سنًا وأوفر صحة استجابة قوية للأجسام المضادة، ولكن الإجابة القطعية على هذا السؤال ما زالت بعيدة، كونها تحتاج عددًا من الأبحاث المخبرية والسريرية.
وهكذا، لم ينفِ العلماء تمامًا إمكانية عودة الإصابة بعدوى كوفيد-19 ثانية، ولكن من غير الممكن أن تحدث في تلك الفترة القصيرة المتمثلة في بضعة أسابيع. فالأجسام المضادة التي تتكون تحمي الجسم مدة تتراوح ما بين سنتين وثلاث سنوات في المتوسط.
المراجع
fortune.com
livescience.com
seattletimes.com
time.com