جسد يشيخ وعقل يحدَّه الزمان

شارك

إذا سُئلت عن أكبر مخاوفي، سأجيب بلا تردد «التقدُّم في العمر»! وبما إنني في الثلاثينيات من عمري، تطاردني هذه الفكرة دائمًا؛ فأشعر بالقلق حين أفكر أن أفضل مراحل حياتي قد تكون مرت بالفعل. هناك أقوال شائعة بأن حياة الإنسان تبدأ فعليًّا من سن الأربعين أو أيًا كان السن؛ مع ذلك، فإنني أخشى ما قد يصاحب تقدم العمر من تمييز ومواقف غير عادلة في مجالات الحياة المختلفة في سن لاحقة.

غالبًا ما يربط الشباب الأصغر سنًا التقدم في العمر بالحزن والمشكلات الصحية؛ ولكن على عكس الاعتقاد الشائع، يستمتع كبار السن بحياتهم بشكل أفضل طالما يعتنون بأنفسهم؛ أو كما يذهب القول المأثور الشهير: «ليست العبرة في السنوات التي عشتها، بل في نبض الحياة فيها». حسنًا، يبدو هذا رائعًا! ولكن، إذا عدنا إلى أرض الواقع، سنصطدم بحقيقة أخرى وهي التمييز ضد كبار السن.

في بعض الأحيان، يفتقر كبار السن إلى الرعاية الصحية الجيدة والدعم الأسري؛ خاصة أولئك الذين يعيشون في مناطق معزولة. كذلك تعيق الخدمات ووسائل النقل والبنية التحتية غير المناسبة كبار السن عن أداء المهام اليومية. كذلك تتجلى ظاهرة انعدام المساواة المالية بين كبار السن أنفسهم. فيشكل هذا ضغطًا عليهم؛ إذ يُستبعدون من الخدمات الرعائية، والموارد، والرفاهيات، والعمل اللائق، من بين أمور أخرى. ولذلك، يعيش مزيد من كبار السن في فقر في جميع أنحاء العالم؛ سواء في البلدان المتقدمة أو النامية.

ولذلك تعمل الجهات المعنية، على تلبية احتياجات كبار السن ومصالحهم من خلال إيجاد حلول أكثر ابتكارًا وفورية. وتساعد هذه الحلول بشتى الوسائل في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي تؤكد على «عدم ترك أحد يتخلف عن الركب» بتعزيز المساواة والإدماج؛ إذ ينص الهدف العاشر من أهداف التنمية المستدامة على الحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها لضمان تكافؤ الفرص، والحد من التمييز، وتمكين شمول الجميع، بين أهداف أخرى.

تعدُّ أوجه انعدام المساواة التي يعاني منها كبار السن بمثابة تحديًّا أخلاقيًّا قبل أن يكون تحديًّا اقتصاديًّا أو سياسيًّا. فيجب ألا يرتبط تحديد نوعية حياتنا اللاحقة بالعمر، أو النوع، أو الإعاقة، أو الأصل، أو الدين، أو الأوضاع الاقتصادية وغيرها. فهناك حاجة لتطوير عملية فعالة تعزز التقدم في العمر بشكل صحي ونشط والحفاظ عليها. فيجب أن ينشأ «عالم صديق للعمر»، كما أسمته منظمة الصحة العالمية، يتخلص من أي حواجز، ويطور السياسات والأنظمة والخدمات عبر دورة حياة الإنسان.

كل شيء محتمل عدا التقدم في العمر، فإنه أكيد!

إن التقدم في العمر أمر لا مفر منه؛ كما أنه ميزة أيضًا. فإن كنت لا تتقدم في العمر، فأنت ببساطة إنسان ميت، أو من المحتمل أن تكون من الموتى الأحياء! والتقدم في العمر يجلب مزيدًا من أوجه انعدام المساواة؛ لذلك علينا توظيف السياسات والإجراءات والتدخلات الملائمة. ففي عالم يزداد فيه أعداد كبار السن، عليهم أن يحظوا بدور مهم في مجتمعاتهم، ويجب تطبيق الحد من أوجه انعدام المساواة في جميع البلدان لصالح الأجيال الحالية والقادمة.

ومسألة معالجة انعدام المساواة في الحياة اللاحقة ما زال أمرًا قائمًا. فيمكن للأشخاص والمجتمعات إجراء تغييرات وتحسين السلوكيات في أي عمر؛ وبإمكان صانعي القرارات والسياسات فعل الشيء نفسه. فهذه التغييرات الإيجابية ستجلب حقًا الفائدة في أي عمر؛ وتذكر دائمًا أنه «ما زالت هناك حياة تستحق العيش».

المراجع

ageing-better.org.uk
ageinternational.org.uk
extranet.who.int
inequality.org
population.un.org
sciencedaily.com
un.org
un.org/ageing
un.org/WPA2017
undpeurasia.exposure.co

*المقال الأصلي منشور في مجلة كوكب العلم، عدد أهداف التنمية المستدامة II (ربيع 2019).

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية