إن الحفاظ على النظافة الشخصية المناسبة ضرورة للحفاظ على صحة المرء، وهي معلومة معروفة منذ عصور ما قبل التاريخ. فقد سعى أسلافنا للسكن قرب مصادر المياه لدرايتهم بأهميتها؛ ليس فقط للبقاء، ولكن أيضًا للحفاظ على نظافة الأفراد.
فإذا لم نحرص على نظافتنا الشخصية، فإننا نعرض أنفسنا للمرض. وبالتعود على الاستحمام بانتظام والتأكد من نظافتنا الشخصية، فإننا نتفادى اهتمام البكتيريا والجراثيم غير المرغوب فيه بنا، والذي من شأنه أن يتسبب لنا في أذى كبير.
يستخدم مصطلح "النظافة الشخصية" اليوم ليشير إلى مجموع الأمور المتعلقة بالنظافة، والحفاظ على الصحة، والعادات التي تساعد على تفادي انتشار الأمراض. ومع تفشي الأوبئة الفيروسية كل عام والتالي، يزداد الاهتمام بالنظافة الشخصية، وبالأخص في الأماكن المزدحمة؛ حيث تستخدم الملصقات بكثرة لتذكرة الأفراد بغسيل اليدين، وتغطية الفم عند العطس، وغيرها من النصائح المماثلة.
ترجع عادات النظافة الشخصية لعصور ما قبل التاريخ، وعلى الرغم من عدم وجود نصوص مكتوبة ترجع لذلك الزمن، فإننا لدينا أدلة في شكل أغراض فنية تساعدنا على فهم أسلافنا. فبالإضافة إلى إنشاء المستعمرات بالقرب من مصادر المياه، استخدم القدماء أدوات مختلفة للمساعدة على تحسين المظهر الشخصي؛ فاستخدموا الملاقيط المصنوعة من قواقع البحر لنزع الشعر غير المرغوب فيه، كما استخدموا الأمشاط لتسريح الشعر والتأكد من عدم التصاق الشوائب به.
ويساعد غسيل اليدين على إزالة الميكروبات المعدية والوسخ وأية عناصر أخرى غير مرغوب فيها، كما أن الانتظام في الاستحمام مهم للحفاظ على نظافة الجسد. وتشجع الديانات أتباعها على الحفاظ على نظافتهم والاغتسال بانتظام، وتحذر من أخطار عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية للمرء.
اعتاد كثير من الحضارات القديمة على ثقافة الاستحمام؛ حيث انتشرت دور الاستحمام، التي قامت بدور اجتماعي أيضًا. ولم يكن لتلك الدور أن تعمل دون الماء؛ فأنشئت الأنظمة المختلفة لتسهيل توصيل المياه لتلك المنشآت.
وإلى جانب دور الاستحمام، كان للصرف والمراحيض أهمية أيضًا؛ حيث وجد بعضها في وادي الإندوس، وترجع إلى عام 3000 قبل الميلاد. وذلك النظام عبارة عن شبكة متطورة من المجاري التي كانت تستخدم في التخلص من مخلفات الإنسان.
كما عثر على أحد أكثر الأنظمة تقدمًا من المراحيض والمجاري في العالم القديم في موقع موهينجو-دارو الواقع في باكستان حاليًّا. وقد بنيت تلك المستعمرة الحضرية حوالي عام 2600 قبل الميلاد، وبها منازل ذات دورات مياه خارجية؛ حيث تجري المخلفات إلى أسفل من خلال مواسير رأسية لتصل إلى مجارٍ مغطاة للمخلفات، التي تنظف بفعل الماء الجاري من خلالها.
وتعتبر المراحيض المناسبة مفتاحًا أساسيًّا للنظافة الصحيحة، وذلك لتفادي انتشار الأمراض الوبائية مثل الكوليرا؛ فيصاب المرء بالكوليرا جرَّاء تناول الماء أو الغذاء الملوث بفضلات شخص مصاب، وهو ما يحدث عندما لا يكون هناك نظام صرف سليم أو مراحيض نظيفة.
من المؤسف أنه على الرغم من أن الحضارة الإنسانية قد أدركت منذ آلاف السنين أهمية المراحيض النظيفة للحفاظ على حياة صحية سليمة، فإنه حتى يومنا هذا هناك جزء كبير من الكتلة السكانية من البشر لا يتمتع باستخدام المراحيض أو بالمياه النظيفة. وهذان الأمران يساويان الحياة الصحية السليمة والنظافة الصحيحة، ومع ذلك فإن ستة من كل عشرة أفراد على الأرض لا يزالون بلا صرف صحي أو أي مظهر آخر من مظاهر النظافة الصحية الملائمة التي من شأنها حماية المستخدمين والمجتمع المحيط بهم من الآثار الصحية السلبية.
وهذا أمرٌ غاية في الأهمية يجب مواجهته وإصلاحه لتخفيض قابلية البشر للإصابة بالأمراض التي يسهل تفاديها. ولذلك، فعلى أولي الأمر بالبلاد مراعاة تحسين أحوال المواطنين، ووضع توفير البيئة الصحية السليمة للأفراد على قمة أولوياتهم؛ حيث إنها مفتاح الحياة الكريمة.
المراجع
http://www.cleaninginstitute.org
http://www.amnation.com
http://www.ncbi.nlm.nih.gov
http://www.ancient.eu
http://www.dw.de
http://www.sciencedaily.com