نَمرُّ في حياتنا بتجارب ونواجه مواقف تولِّد مشاعر دفينة في أعماقنا؛ بعضها يكون إيجابيًّا، ينبع من الرضا والنجاح والشعور بالتقدير والحب وغيرها؛ وبعضها يكون سلبيًّا، ينبع من الإهانة والهجر وعدم التقدير وغيرها. كلا النوعان من المشاعر يشكلان تجربتنا الإنسانية وماهيتنا.
وفي حين أننا نشعر بالرضا عند اختبار المشاعر الإيجابية، فإن المشاعر السلبية تُشعرنا بعدم الراحة. ولهذا، فإننا نحاول تجاهلها أو صرفها بعيدًا أغلب الوقت قدر الإمكان، بل وبدون الاعتراف بوجودها من الأساس. ولكن، هناك نقطة مهمة جدًّا يغفلها كثيرون، وهي أن المشاعر السلبية أمر طبيعي وجزء أساسي في تكويننا. علاوة على ذلك، يمكن أن تبعث تلك المشاعر السلبية رسائل غاية في الأهمية من شأنها أن تنقذنا من أخطار مادية وأخلاقية محتملة.
سلبية؛ وليست سيئة!
لا تكون المشاعر السلبية سيئة بالضرورة؛ بل إنها أحيانًا ما تخبرنا مزيدًا عن أنفسنا وترشدنا إلى حلول واحتمالات قد لا نستطيع رؤيتها. ولنتمكن من استغلال تلك المشاعر لصالحنا وليس ضدنا، علينا أولا معرفة طبيعتها وكيفية إدارتها.
لا تأتي مختلف المشاعر السلبية التي نختبرها – وأبرزها الغضب، والاشمئزاز، والخوف، والحزن – من فراغ؛ بل نتيجة أو استجابة لمحفزٍ ما. والغرض منها إعطائنا ردود أفعال لبيئتنا والمواقف التي نواجهها، سواءً كانت آمنة أم لا. على هذا الجانب، تشير المشاعر السلبية إلى أن شيئًا ما ليس صحيحًا، وأن سلامتنا قد تكون على المِحك ولا بد من القيام بشيء حيال ذلك.
مُحفِّزات على العمل
ليس قمع المشاعر السلبية بالتصرف الصائب حيالها، فمن شأن المشاعر السلبية التي لا نعالجها إلحاق الأذى بعلاقاتنا وحياتنا المهنية. علينا إذًا تحويل تركيزنا إلى كيفية الانتفاع منها لتحقيق نتائج أفضل. ولعمل ذلك، علينا أولًا تسميتها لنتمكن من التعامل معها بطريقة صحيحة.
- يأتي القلق ليبعث إلينا رسائل بأن بيئاتنا أو سلوكياتنا ليست مناسبة وتؤثر في سلامتنا، وليدفعنا إلى فعل أي شيء قد يغير ما نشعر به الآن.
- قد يكون الإحباط إشارة إلى أن شيئًا ما غير عادل، وقد يدفعنا إلى محاولة فهم متى ارتكبنا خطأ ما أو إلى التصرف لتصحيح وضعًا غير عادلًا.
- يشير الخوف إلى وجود خطر أو تهديد محتمل قد يؤذينا، وأنه يجب علينا الانتباه وتوخي الحذر.
- قد يكون الحزن تنبيهًا على وجود محفزٍ جديد، أو شيء لا يسير على ما يرام، أو شيء يتطلب منا التدخل لتصحيحه وإعارته اهتمامًا أكبر.
- الغضب مُحفِّز قوي يشجعنا على التصرف حيال المواقف أو الأشخاص الذين نجدهم مثيرين للمشكلات؛ فيحفزنا على التصرف لاستعادة سلامنا النفسي.
اغرق أو اسبح
مع الأخذ في الاعتبار أن دورة المشاعر السلبية تبدأ في الدماغ، وأنها تؤثر في وظائفنا الإدراكية وصحتنا العقلية، بل ويمتد تأثيرها بشكل مباشر في حالتنا الجسدية أيضًا، فعلينا التفكير مرتين عند محاولة تجاهلها؛ لأن هذا قد يكون شديد الضرر على المدى الطويل. ويسري الأمر نفسه أيضًا على اجترارها كثيرًا.
نعم، من المرجح أن تعلق المشاعر السلبية بنا أكثر من تلك الإيجابية، لذلك من الأفضل معرفة كيفية التعامل معها حتى لا نستمر في حمل ندبات إثر ذكريات وقرارات السيئة على طول الحياة. اعرف كيفية استخلاص فوائد المشاعر السلبية، وليس فقط آثارها المزعجة. فعلينا الانصات جيدًا إلى الرسائل التي تحاول بعثها إلينا حتى نستطيع التصرف بحكمة في معاركنا القادمة.
المراجع
positivepsychology.com
psychologytoday.com
thriveglobal.com
verywellmind.com
Cover image: Background vector created by rawpixel.com - www.freepik.com