جميعنا يعرف نيل أرمسترونج ويوري ججارين جيدًا، إلى جانب العديد من رواد الفضاء المشاهير الآخرين الذين تركوا بصمة في تاريخ السفر إلى الفضاء. وعلى الرغم من ذلك، فقليل منَّا فقط على دراية برائدات الفضاء، وإحداهن سالي رايد؛ أول امرأة أمريكية تدور حول الأرض.
ولدت سالي رايد في 1951 في ولاية كاليفورنيا الأمريكية. وقد كانت مهووسة بالعلوم واستكشاف الفضاء في طفولتها. حصلت على درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الفيزياء. من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، وأجرت بحوثًا في الفيزياء الفلكية وفيزياء ليزر الإلكترون الحر في أثناء دراساتها العليا.
في عام 1978، أعلنت وكالة ناسا الفضائية عن حاجتها لعلماء جدد؛ من أجل برنامج المركبة الفضائية الجديد. فكانت من ضمن أكثر من 8.000 متقدم لشغر 35 وظيفة فقط؛ إلا أنها نجحت في أن تصبح واحدة من ضمن ست سيدات فقط تم قبولهن في تدريب رواد الفضاء في ذلك العام.
بعد فترة تدريبها الأولى، عملت سالي كضابط اتصالات لرحلات المركبتين الفضائيتين الثانية والثالثة؛ حيث كانت تقوم بنقل الرسائل اللاسلكية من غرفة التحكم الأرضية إلى طاقم المركبة الفضائية «كولومبيا». كما تم اختيارها لتكون ضمن الفريق الذي طور ذراع الروبوت الآلية الخاصة بالمركبة، والمصمم لإطلاق الأقمار الصناعية واسترجاعها.
وكانت المهمة التي شاركت فيها سالي هي الرحلة الثانية لمركبة الفضاء «تشالنجر»؛ وهي المهمة الفضائية الأمريكية الأولى التي تحمل على متنها طاقم يتكون من خمسة أفراد. وخلال الستة أيام التي استغرقتها المهمة، استخدم الطاقم ذراع الروبوت في الفضاء للمرة الأولى، وذلك لاسترجاع قمر صناعي من مداره وإطلاق آخر. في أكتوبر 1984، عادت سالي رايد إلى الفضاء على متن المركبة تشالنجر في مهمة استغرقت ثمانية أيام. خلال هاتين المهمتين، عملت سالي فترة تجاوزت 343 ساعة في الفضاء.
في 28 يناير 1986، انفجرت المركبة تشالنجر بعد دقائق من إقلاعها؛ حيث لقي الطاقم بأكمله حتفه جرَّاء تلك الكارثة المفجعة. من ثمّ،َ تم تعليق جميع التحضيرات الخاصة بمهمات المركبة الفضائية الأخرى على الفور، وتم تعيين رايد في اللجنة الرئاسية المنوط بها التحقيق في الحادث.
عند الانتهاء من التحقيق، تم تعيين رايد أخصائيًّا مساعدًا بإدارة التخطيط الاستراتيجي طويل المدى بمقر وكالة ناسا الفضائية بواشنطن. وقد ترأست سالي أول محاولة للتخطيط الاستراتيجي للوكالة؛ حيث كتبت تقرير "القيادة ومستقبل أمريكا في الفضاء". وقبل أن تترك وكالة ناسا الفضائية في عام 1987، أسست رايد مكتب الاستكشاف التابع للوكالة.
على مر السنين، نما اهتمام سالي رايد بانخفاض تمثيل المرأة في المجالات العلمية. وبما أن البنين والبنات كليهما يظهران حماسًا متساويًا تجاه العلوم في المراحل التعليمية المبكرة، صبت رايد اهتمامها على نشر العلوم في المرحلة الإعدادية، وهي المرحلة التي تبتعد فيها البنات خاصة عن دراسة العلوم. فألفت رايد العديد من الكتب عن استكشاف الفضاء للقراء صغار السن، من بينها مذكراتها "الفضاء ذهابًا وإيابًا". بعد ذلك أطلقت سالي مشروع "إيرث كام" (كاميرا الأرض)، وهو مشروع تابع لوكالة ناسا الفضائية يعتمد على شبكة الإنترنت بشكل كلي؛ لتمكين طلاب المدارس الإعدادية من تصوير الأرض من الفضاء وتحميل صور أخرى له. وفي عام 2001، أسست شركتها الخاصة "سالي رايد للعلوم"؛ وهي شركة مختصة بتنظيم برامج وإصدارات علمية ممتعة لطلاب المدارس. وقد مولت الشركة نوادي سالي رايد للفتيات بالمدارس في جميع أنحاء البلاد، ومعسكرات سالي رايد العلمية بعدد من الجامعات.
توفيت سالي رايد بعد إصابتها بمرض السرطان في عام 2012 عن عمر يناهز الواحد والستين. وبعد عام من وفاتها، تم تكريمها بأعلى تكريم مدني في البلاد: وسام الحرية الرئاسي. وعلى الرغم من إنجازاتها العظيمة في مجال استكشاف الفضاء والفيزياء الفلكية، فإن إرث سالي رايد الأكبر يكمن في الإنجاز التراكمي الذي حققته مع الأجيال المتلاحقة من العلماء الصغار، من البنين والبنات، الذين شجعتهم وألهمتهم.
المقال الأصلي منشور في مجلة كوكب العلم، عدد شتاء 2020.
المراجع
www.nasa.gov
www.achievement.org
www.jsc.nasa.gov