قد نحكم على عديد من التجارب في حياتنا من خلال التأثير المباشر الذي تتركه تلك التجارب أو كيف تم إدراكها، ولكن لا تترك جميع التجارب تأثيرًا سطحيًّا فقط؛ فقد تصل بعضها إلى أعماقنا، وربما تشكل من نصبح. ومن بين هذه التجارب ذكريات الطفولة؛ فتلك اللحظات التي تقضيها في اللعب، أو القراءة، أو مشاهدة الأفلام لها أهمية كبيرة.
عندما تتذكر والدك وهو يقرأ لك كتابًا، قد تعتقد أن هذه الذكرى متعلقة فقط بقضاء الوقت معًا، لكنك ستكون مخطئًا. من الأفضل أن تلقي نظرة على نتائج دراسة حديثة بحثت فيما إذا كان هناك ارتباط حقيقي بين عقول الأطفال والبالغين خلال الوقت الذي يقضونه معًا. كانت النتائج مذهلة؛ حيث وضحت الدراسة كيف لتلك اللحظات تأثير عميق فينا.
أجريت هذه الدراسة في مختبر برينستون للأطفال مع نطاق لتسجيل النشاط العصبي في عقول ثمانية عشر طفلًا تتراوح أعمارهم بين 10–15 شهرًا في أثناء اللعب مع راشدين. في المختبر، ابتكر الباحثون طريقة صديقة للأطفال لتسجيل نشاط العقل من كل من عقل الطفل والشخص الراشد في أثناء اللعب، والغناء، والقراءة. ونظام التصوير العصبي المستخدم آمن للغاية ويسجل نسبة الأوكسجين في الدم بديلًا للنشاط العصبي. ارتدى كل من الطفل والبالغ قبعات مصممة لجمع البيانات من 57 قناة في الدماغ معروفة بأنها جزء من التنبؤ ومعالجة اللغة وفهم وجهات نظر الآخرين.
تتكون التجربة من جزئين؛ في الجزء الأول، أمضى المجرب البالغ خمس دقائق في التفاعل مباشرة مع الطفل، بينما جلس الطفل في حضن والده. أما في الجزء الثاني، التفت المجرب إلى الناحية الأخرى وأخبر شخصًا بالغًا آخر قصة بينما كان الطفل يلعب بهدوء مع والده.
ليس وقتًا للعب فقط!
وجدت الدراسة تشابهًا في النشاط العصبي في عقول الطفل والشخص الراشد؛ حيث تشاركا نفس الطول الموجي أيضًا. وجد الباحثون أن هناك علاقة عميقة – حلقة رد الفعل – تنفتح في أثناء التواصل في الوقت الفعلي. فإنه يؤثر في تنبؤات كل منهما بطرق ديناميكية، ما يساعد عقل الشخص الراشد على تنبؤ متى يبتسم الرضيع، وساعد عقل الرضيع على توقع متى سيستخدم الراشد مزيدًا من حديث الأطفال.
أظهرت الجلسات بين الأطفال والبالغين أن عقولهم متزامنة في عديد من المجالات المرتبطة بمستوى عالي من فهم العالم الذي قد يساعد الأطفال على فك تشفير المعنى العام للقصة أو إدراك دوافع الأشخاص البالغين الذين يقرأون لهم. انقطع هذا التزامن عند ابتعاد الراشدين عن الأطفال.
علاوة على ذلك، اكتشفت دراسة أن أقوى اقتران حدث في قشرة الفص الجبهي، التي تتشارك في التعلم والتخطيط والأداء التنفيذي، الأمر الذي كان يُعتقد سابقًا أن لم يتطور أبدًا في مرحلة الطفولة.
تواصل ناجح
لا تدور هذه الدراسة حول كيفية تزامن عقل الطفل والراشد في أثناء التواصل الحقيقي فقط، بل الأمر أبعد من ذلك بكثير. فإنها تدور حول كيف يمكن لتواصل يومي صحي وعميق أن يكون مصدرًا لتغذية الطفل الذي يعزز نموه العقلي ويساعده بناء عالم أفضل ينمو فيه.
المراجع
journals.sagepub.com
neurosciencenews.com
sciencealert.com
sciencedaily.com
sciencetimes.com
techexplorist.com
Images designed by Freepik