لمع اسم الدكتورة إلهام فضالي مؤخرًا في الأوساط العلمية بعدما نشر بحث لها مع فريق من الباحثين في مجلة «نيتشر» Nature المرموقة، وازداد لمعانًا في وسائل الإعلام إثر فوز ذلك البحث بجائزة مجلة «فيزكس وورلد»Physics World لأفضل إنجاز فيزيائي لعام 2020. جاء هذا الإنجاز بعد محاولات العلماء لخمسة عقود في جعل مادة السليكون مادة باعثة للضوء بكفاءة.
ولدت إلهام فضالي في محافظة بني سويف، ونشأت في أسرة صعيدية عريقة تهتم بالدين والعلم. كانت منذ صغرها تحرص على التفوق في دراستها؛ إذ كانت من بين الأوائل على محافظتها في الشهادتين الإعدادية والثانوية. ولم ينصب كل تركيزها على التفوق الدراسي فقط، بل كانت تشارك في الأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية. فكانت تشارك في المسابقات الثقافية مثل إلقاء الشعر، وتتطوع في مؤسسات وجمعيات مختلفة. أيضًا، كانت تمارس رياضة ألعاب القوى، وحصدت فيها عدة ميداليات على مستوى الجمهورية. كل ذلك جعلها مؤهلة للحصول على منحة إعداد وتنمية القادة، لتلتحق بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
مرت رحلة إلهام العلمية من البكالوريوس إلى الدكتوراه بمحطات عدة، في أماكن مختلفة وتخصصات متعددة. كانت المحطة الأولى في القاهرة لدراسة الهندسة الإلكترونية في الجامعة الأمريكية، وفي السنة الثالثة سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة فصل دراسي في جامعة دريكسل في إطار برنامج تبادل طلابي. وكانت تلك المحطة نقطة محورية في حياتها، إذ أثير اهتمامها بفيزياء الأجهزة الإلكترونية وفيزياء المواد النانومترية، ومن ثم عرفت المجال الذي ستستكمل فيه دراستها بعد التخرج.
في عام 2013، نالت درجة البكالوريوس، لتبدأ بعدها رحلة الدراسات العليا في أوروبا. سافرت إلى بلجيكا والسويد لدراسة الماجستير في علوم النانوتكنولوجي، تخصص الإلكترونيات الدقيقة. وفي عام 2015، سافرت إلى هولندا لتعمل باحثة في جامعة دلفت التقنية في مشروع دراسة وتصنيع حاسوب كمي. وفي فبراير 2017، بدأت مرحلة الدكتوراه بجامعة آيندهوفن التقنية بهولندا، لتعمل على تطوير مواد نانومترية لاستخدامها في «تطوير الدوائر الإلكترونية والضوئية المدمجة والحوسبة الكمية»، ونالت درجة الدكتوراه في 16 أبريل 2021.
استحق بحث الدكتورة إلهام وفريقها جائزة إنجاز العام لأنه سيحدث ثورة في مجال الفيزياء، وله تطبيقات واقعية في المستقبل. والمشكلة الحياتية التي تقف وراء هذا البحث هي مشكلة تضخم البيانات الناتج عن التطور التكنولوجي الهائل، وكيفية نقلها بسرعة فائقة وتكلفة أقل. لا يوجد أسرع من الضوء، ولكن المواد المستخدمة في نقل البيانات ضوئيا مثل زرنيخيد الجاليوم وفوسفيد الإنديوم مواد نادرة وذات تكلفة عالية، على عكس مادة السليكون (الرمل) الوفيرة.
ففكر الفريق في كيفية تحويل مادة السليكون من مادة ذات خصائص ضوئية ضعيفة إلى مادة باعثة للضوء بكفاءة. وهكذا، كانت الفكرة تغيير بنية ذرات خليط من السليكون والجرمانيوم من الشكل المكعبي المتوافر في الطبيعة إلى الشكل السداسي للحصول على الخصائص الضوئية المرجوة. ومن التطبيقات الأخرى الممكنة لهذا الإنجاز: رادار الليزر، والسيارات ذاتية القيادة، والمستشعرات الحيوية. وبالإضافة إلى جائزة «فيزكس وورلد»، فازت إلهام فضالي بالمركز الثاني بجائزة النانونكنولوجي لشباب الباحثين لعام 2020.
على الرغم من انشغال إلهام بأبحاثها ودراستها، فإنها لا زالت تؤدي دورها المجتمعي؛ فهي متطوعة في مؤسسة علماء مصر، وكانت من قبل متطوعة في مؤسسة (علشانك يا بلدي) للتنمية المستدامة. أيضًا، اختيرت في عامي 2011 و2012 ممثلة عن الشباب لقارة إفريقيا في مجلس تونزا الاستشاري للشباب، التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. وهي مهتمة بتوصيل العلوم، إذ شاركت في مسابقة مختبر الشهرة بجامعة آيندهوفن عام 2020، بالإضافة إلى انضمامها لفريق محرري مبادرة مقال علمي.
في الختام، نجد أن هذا النجاح الذي حققته الدكتورة إلهام فضالي لم يكن وليد اللحظة، بل وراءه قصة طويلة من الكفاح والعمل الجاد.
المراجع
gate.ahram.org.eg
maqalelmy.org
aucegypt.edu
innovationorigins.com
Image 1: © innovationorigins 2020
Image 2: aucegypt.edu