إن كنت تتبع حمية غذائية أو تعرف شخصًا يقوم بذلك، فقد سمعت بالتأكيد مصطلح «الأيض» أو «الاحتراق». فكثيرًا ما نسمع أن على المرء تناول هذا الشيء أو ذاك لتسريع عملية الأيض، ويكون ذلك في إطار الحديث عن «حرق الدهون». ما يعرفه أغلبنا عن الأيض هو قدرته المذهلة على تحويل الأشخاص زائدي الوزن إلى أصحاء يتمتعون بأجساد رشيقة. دعونا إذًا نستكشف مزيدًا عن الأيض ونركز في التمرينات التي من شأنها أن تحسن أداءه.
هل فكرت يومًا كيف يتم تخزين قطعة الشوكولاتة التي تأكلها داخل جسمك في صورة دهون؟ هنا يأتي دور الأيض؛ فهو عملية حيوية مستمرة مسئولة عن تحويل الطعام الذي نأكله إلى طاقة أو دهون؛ وذلك من خلال تفاعلات كيميائية عديدة تحدث داخل الخلايا. عندما نأكل، تقوم الإنزيمات الموجودة بجهازنا الهضمي بتكسير المغذيات المختلفة الموجودة في طعامنا لتحولها إلى صورة أخرى من الطاقة تستخدمها أجسامنا، مثل: الأحماض الأمينية، والأحماض الدهنية، والسكريات البسيطة. ولكن، لا يتحول كل الطعام الذي نأكله إلى طاقة نستخدمها بشكل سليم؛ حيث يختزن أحيانًا في صورة دهون.
يشمل الأيض عمليتين؛ الأولى: عملية الابتناء أو الأيض البنائي المسئولة عن بناء الأنسجة وتخزين الطاقة التي سيحتاج إليها الجسم فيما بعد؛ وهي تتضمن إنشاء خلايا جديدة وإصلاح الأنسجة. وأما الثانية، فهي عملية التقويض أو الأيض الهدمي المسئولة عن إنتاج الطاقة. إذًا، إلى أي نوعٍ ينتمي حرق الدهون؟ لإجابة هذا السؤال، علينا التطرق إلى مصطلح «السعرات الحرارية»، وبعدها سنتناول التمرينات، وكيف تساعدنا على زيادة معدل الأيض وحرق الدهون.
السعر الحراري هو وحدة قياس الطاقة التي يمد طعام ما أجسامنا بها. إن تناولت سعرات حرارية أكثر من الكم الذي يحتاج إليه جسمك، فإنها ستختزن في صورة دهون. والآن بعدما عرفنا الأيض، والابتناء، والتقويض، والسعرات الحرارية، دعونا نعرف كيف تسهم التمرينات في عملية حرق الدهون. يُعرف ما يؤثِّر في معدل حرق الدهون المرتبط بالتمرينات بعملية «الاستهلاك الزائد للأكسجين بعد التمرن». فبعد ممارسة التمرينات، يحتاج الجسم إلى الراحة لكي يعود إلى حالته المستقرة؛ ومن ثَمَّ، تحدث عملية الاستهلاك الزائد للأكسجين بعد التمرن. وتشمل هذه العملية العودة إلى معدل التنفس الطبيعي، وتقليل درجة حرارة الجسم، وإعادة مستويات الأكسجين إلى طبيعتها في الجسم؛ كل ذلك يستهلك الطاقة، ويستخدم مزيدًا من السعرات الحرارية عن طريق حرق الدهون.
هل هناك تمرينات معينة تساعد على استهلاك السعرات الحرارية وإنقاص الوزن بطريقة سريعة، أو أن كل التمرينات لها التأثير نفسه؟ عند بناء الكتلات العضلية، يصبح باستطاعتك زيادة معدل حرق الدهون؛ حيث يحرق 0.45 كجم من العضلات سعرات حرارية أكثر يوميًّا في وضع الراحة، وذلك مقارنة بالدهون. هكذا، فإن زيادة الكتلة العضلية أمر مهم عند محاولة إنقاص الوزن. عندما نفكر في الكتلة العضلية، عادة ما يتأتى إلى أذهاننا رفع الأثقال؛ إلا أنها ليست السبيل الوحيد. فهناك عديد من التمرينات الأخرى التي يمكنها المساعدة، مثل: تمرينات الضغط، والعقلة، وتمرينات البطن، وتمرينات الاندفاع، وقرفصاء السيقان. أنابيب المقاومة مفيدة أيضًا، أو إن أردت يمكنك رفع الأوزان الحرة مثل الأثقال واختبار الوزن المناسب لك.
Photo created by shurkin_son - www.freepik.com
كذلك، هناك عوامل أخرى يمكنها التأثير في معدل الأيض، ولكن لا يمكن التحكم فيها، مثل الجينات، وحجم الجسم، والهرمونات، والطقس، والنوع. علاوة على هذا، كلما تقدمت في السن، أصبح معدل الأيض لديك أقل سرعة، وهو ما يمكن معالجته عن طريق ممارسة التمرينات. كذلك تعمل بعض الأمراض على إبطاء عملية الأيض، مثل السكري والقصور الدّرقيّ. فلا تفرز الغدة الدرقية لدى الأشخاص المصابين بالقصور الدرقي كمية الهرمونات الكافية التي يحتاج إليها الجسم؛ ونتيجة لهذا، تكون عملية الأيض أبطأ لديهم ويزيد وزنهم. وعلى صعيد آخر، يبطئ النوع الثاني من السكري عملية الأيض؛ حيث يصير الجسم مقاومًا للأنسولين نتيجة لارتفاع مستوياته. فتردع مستويات الأنسولين عملية حرق الدهون وتزيد نسبة تخزينها.
هكذا، تستطيع زيادة معدلات حرق السعرات الحرارية وإنقاص الوزن عن طريق اختيار الأطعمة الصحيحة وممارسة التمرينات. فليس هناك خدعة سحرية تسرِّع معدل حرق الجسم للسعرات الحرارية وهو في وضع الراحة، وهو ما يعرف بمعدل الأيض الأساسي. ولكن، عند تناول الأطعمة الصحيحة وبناء كتل عضلية أكبر، ستتمكن من حرق السعرات الحرارية. ليس هناك طرق مختصرة؛ لذلك تناول الأطعمة الصحية ومارس التمرينات، وسيشكرك جسمك على هذا بالتأكيد.
المراجع
abc.net.au
kidshealth.org
peakendurancesport.com
webmd.com
self.com
mayoclinic.org
Main photo created by drobotdean - www.freepik.com
*هذا المقال منشور في مجلة كوكب العلم، عدد صيف 2018