لطالما ارتبط فصل الصيف في أذهاننا وقلوبنا بالمرح والحرية؛ ولكن مع الأسف لم يعد ذلك الحال. أي شخص يتخطى عمره العقدين يتذكر بوضوح فصول صيف أقصر وألطف جوًّا في أثناء طفولته. فجميعنا الآن على دراية كاملة ومؤلمة بأن فصل الصيف يطول ويزداد حرارة مع كل عام يمر علينا على كوكب الأرض. وهذا لا يؤثر سلبًا في سلامتنا وراحتنا فقط، بل إن خطورته على الحياة في تزايد مستمر.
عالميًّا، فإن هذا الصيف الذي لم يوشك على الانتهاء بعد قد عرضنا لموجات حارة حارقة عبر منطقة شمال غرب المحيط الهادئ وكندا، وحرائق هائلة تدفع دخانها عبر أمريكا الشمالية، وفيضانات قاتلة ذات أبعاد تدميرية في ألمانيا والصين. وعلى مقربة أكثر منا، فحسب موقع الجزيرة فإنه في يوم 22 يونية 2021 سجلت مدينة النويصيب الكويتية أعلى درجة حرارة في العالم هذا العام حتى ذلك الحين وصلت إلى 53.2 درجة مئوية؛ وفي دولة العراق المجاورة لدولة الكويت وصلت درجات الحرارة إلى 51.6 درجة مئوية يوم 1 يوليو.
إن الموجات الحارة تتكرر أكثر مما سبق، كما أنها أصبحت أقسى مع مرور الزمن. وقد أظهرت أبحاث علمية لا حصر لها أن التغير المناخي يزيد من طول الموجات الحارة ويجعلها أكثر سخونة وتكرارًا وخطورة. حسب منظمة الصحة العالمية WHO فإن الموجات الحارة من أكثر الكوارث الطبيعية خطورة؛ مع ذلك فإنها نادرًا ما تلقى الاهتمام المناسب لأن حصادها من الأرواح والدمار لا يظهر مباشرة في كثير من الأحيان. فما بين عامي 1998 و2017 توفى أكثر من 166.000 شخص بسبب الموجات الحارة، بما في ذلك أكثر من 70.000 ماتوا في أثناء الموجة الحارة التي اجتاحت قارة أوروبا عام 2003.
لقد حذر العلماء لأكثر من خمسين عامًا من تزايد الأحداث العنيفة الناجمة عن التغيرات الطفيفة في متوسط المناخ؛ مع ذلك، صُدم الكثيرون من شراسة الكوارث المناخية الأخيرة. وقد قيمت دراسة حديثة نُشرت في دورية«طبيعة التغير المناخي» Nature Climate Change التكلفة البشرية لتزايد الحرارة: في شهر يونية، أقر فريق من سبعين باحثًا أنه في 732 موقعًا درسوها في القارات الست، فإنه في المتوسط يمكن ربط 37٪ من الوفيات المتعلقة بالحرارة مباشرة بالتغير المناخي.
الواقع هو أن البشر قد ضخوا كثيرًا من ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي حتى تحرك ما هو «طبيعي». في الدراسة الجديدة للموجات الحارة، نظر إيريك فيشر وزملاؤه بالمعهد السويسري لعلوم الغلاف الجوي والمناخ في تكرار الموجات الحارة التي تستمر لأسبوع والتي لا تدفع حدود المناخ السابق فحسب، بل تضرب بالأرقام القياسية السابقة عرض الحائط. حلل العلماء المحاكات المناخية لآلاف الأعوام لتحديد أحداث حارة غير مسبوقة؛ فوجدوا أن الاحترار العالمي الذي تسبب فيه الفحم والبترول والغاز يرتبط عادة بمثل تلك الأحداث.
لقد أظهر الباحثون أن درجات الحرارة المحطمة للأرقام القياسية أصبحت واردة أكثر كثيرًا عمَّا كانت عليه منذ جيل مضى، وأن تلك الأحداث التدميرية ستحدث أكثر وأكثر على مدار العقود القليلة الآتية. إن الأدلة واضحة على أنه كلما أحرقنا مزيدًا من الفحم والبترول والغاز كلما ازداد الكوكب دفئًا وكلما زادت فرص أي موقع في اختبار موجات حارة تفوق أي تجربة سابقة.
المراجع
pbs.org
epa.gov
aljazeera.com
who.int
nationalgeographic.com
Banner image.