النباتية اتباع نظام غذائي يتجنب تناول جميع أنواع اللحوم، والأسماك، والدواجن. والخضرية – على صعيدٍ آخر – درجة أعلى من النباتية تتضمن الإمساك تمامًا عن استخدام جميع المنتجات الحيوانية؛ مثل: الألبان، والجبن، وغيرها من منتجات الألبان، والبيض، والعسل، والأصواف، والحرائر، والجلود. ويتجه الناس لاتباع النظام النباتي لأسباب متعددة ومختلفة؛ منها أسباب صحية، وبيئية، وأسباب تتعلق باعتبارات أخلاقية، أو بعدم استساغة اللحوم، أو باعتقادات تتعلق بنبذ العنف والتعاطف مع الحيوانات.
وبينما لا يتخيل البعض يومهم بدون تناول اللحوم، يصر البعض الآخر على أسلوب حياة نباتي أو خضري بوصفه الأمثل للاستمتاع بالطعام والحفاظ على الصحة. وقد ضمت النباتية والخضرية تدرجيًّا ملايين الأشخاص المهتمين بتناول الأطعمة الطبيعية والامتناع عن المصادر الحيوانية المثيرة للشكوك في غذائهم اليومي. وبشكل عام، تقريبًا كل من اختار أن يصبح نباتيًّا اتخذ هذا القرار لأحد الدوافع الأربعة التالية:
- دوافع صحية: نتيجة للإصابة بارتفاع نسبة الكوليسترول، أو أمراض القلب، أو السمنة، أو السكري، وضرورة اتباع حميات غذائية معينة، والرغبة في تناول أطعمة صديقة للبيئة وأفضل لصحتنا، أو الرغبة في زيادة الأطعمة الطبيعية في الوجبات.
- دوافع إيمانية: رفضًا لفكرة قتل مخلوق آخر من أجل الحصول على الطعام.
- دوافع أخلاقية: رفضًا للطريقة القاسية التي يتم التعامل بها مع الحيوانات في مجال تصنيع الغذاء، وأيضًا رفضًا للتغييرات الوراثية والهرمونية التي تتم على تلك الحيوانات. وبعض الناس من أصحاب هذه التخوفات ليسوا بالضرورة ضد تناول الحيوانات، ولكنهم ضد طريقة التعامل معها، كما أنهم لا يستشعرون حرجًا في تناول الدواجن، والبيض، والأبقار التي تم تربيتها بشكل صحي، وتغذت على طعام طبيعي.
- دوافع بيئية: إيمانًا بأن استغلال الأراضي والمصادر الطبيعية لتربية الماشية من أجل الطعام طريقة غير صحيحة بالمرة للحصول على البروتين. فمن الممكن استخدام نفس المساحة من الأرض لزراعة فول الصويا وتجنب غازات الاحتباس الحراري التي تنتج عن تربية الماشية. وهكذا يكون لدينا طريقة بديلة صديقة للبيئة تشبع بها حاجة العالم من الطعام.
غير أن الحجة الأقوى التي يمتلكها النباتيون في نقاشاتهم حول الموضوع هو أن الحمية النباتية لا تمد الجسم إلا بجرعة قليلة من الدهون المشبعة التي تحتوي على الكوليسترول "الضار" للجسم. وهكذا، فإن النباتيين يتناولون كثيرًا من الألياف والمواد الكيميائية النباتية الداعمة للصحة. ويتحقق ذلك من خلال زيادة استهلاك الفاكهة، والخضروات، والنباتات المنتجة للحبوب، والبقول، والمكسرات، والعديد من منتجات الصويا.
نتيجة لذلك، يتمتع النباتيون بوزن أقل، ومستويات أقل من البروتينات الدهنية وضغط الدم. كما أنهم أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب المتعلقة بالشريان التاجي، وارتفاع ضغط الدم، والسكتات، ومرض السكري من النوع الثاني، وبعض أنواع السرطان.
ومن ناحية أخرى، فإن الانتقادات الموجهة للنباتية قوية جدًّا، وتحليلية، ومقنعة. فالاعتقاد هنا في أن تناول اللحوم ليس بشيء قاسٍّ أو غير أخلاقي، بل هو جزء طبيعي من دورة الحياة، ويقول أصحاب هذا الرأي بأن النباتيين أخطأوا في إعطاء قيمة أكبر لحياة الحيوانات عن النباتات.
فالأبحاث تشير إلى أن النباتات تستجيب للتهديدات التي تتعرض لها بطريقة كهروكيميائية، وأنها قد تشعر بالخوف أيضًا، وهكذا فإن النباتيين يؤذون النباتات كلما قتلوها وتناولوها. فكل كائن حي على وجه الأرض يموت أو يقتل في وقت ما لكي تعيش كائنات أخرى؛ وهكذا، ليست هناك أية مشكلة في هذه الدورة، فتلك هي دورة الحياة.
وإنها لحقيقة أن اللحوم هي أمثل المصادر المتاحة للبروتين. ففي وجبة واحدة، تقدم اللحوم جميع الأحماض الأمينية الرئيسية، والتي تمثل وحدات بناء الخلايا، ذلك بالإضافة إلى المغذيات الأساسية؛ مثل الحديد، والزنك، وفيتامين ب. وأغلب الاطعمة النباتية لا تمد الجسم بالقدر الكافي من الأحماض الأمينية الرئيسية في وجبة واحدة.
وحيث إن اللحوم هي المصدر الأمثل للحصول على فيتامين ب12، فقد أثبتت العديد من الدراسات الإكلينيكية أن النباتيين يعانون من نقص فيتامين ب12 الأساسي لتكوين خلايا الدم. ونقص ذلك الفيتامين يهدد بالإصابة باضطرابات عصبية، بما في ذلك فقدان للخلايا العصبية غير قابل للتعويض. والأطفال الرضع لأمهات نباتيات قد يصابوا بالأنيميا نتيجة لنقص فيتامين ب12.
من المشكلات الشائعة بين النباتيين أيضًا مشكلة ضعف العظام، وذلك بسبب نقص السيانوكوبالامين نتيجة لقلة نسبة الكالسيوم وفيتامين د، مما قد يترتب عليه ضعف نمو نسيج العظام، وبالتالي يقلل من الكثافة المعدنية للعظام. وهكذا، يتعرض النباتيون للكسور العظمية بشكل أكبر.
وهناك أيضًا موضوعات أخرى حول النباتية لا تتعلق بالصحة. فإن كنت نباتيًّا وذهبت لزيارة صديق ما، فأنت تقلل من الخيارات المتاحة له عندما يعد لك طعامًا، وتضطره إلى النزول لشراء طعام خصيصًا لك. وفي الوقت ذاته، فإن كنت تتناول طعامك في مطعم ما، فأنت بالتأكيد تؤيد خياراتك للأطباق النباتية، والتي قد تكون ذاتها محدودة في خيار واحد، أو منعدمة تمامًا. والحقيقة، فعندما تقرر أن تصبح نباتيًّا، تقرر ضمنيًّا تطوعًا منك افتقاد أطعمة وخبرات عديدة.
اختصارًا، يمكننا الاتفاق على أن هناك شائعات متناقضة حول النباتية نتيجة لقلة معرفتنا الدقيقة عن هذا النظام الغذائي غير التقليدي. فلا يستطيع أحدهم أن يخبرك ببساطة إن كانت النباتية هي الخيار الأفضل لك أم لا. وما عليك إلا أن تقوم بواجبك في البحث وراء هذا النظام، لتفهم كليًّا مميزاته وعيوبه قبل أن تقرر اتباعه.
**المقال الأصلي منشور في مجلة كوكب العلم، عدد ربيع 2014.
المراجع
http://www.health.harvard.edu
www.healthremarks.com
http://vegetarian.procon.org/
Images: Freepik.com