إن هذه لنشرةٍ فريدة تصدر عن أحد المراكز العلمية البارزة، وهي ليست بنشرة تقليدية؛ بل نشرة تتناول الموضوعات غير العادية. وقد دُعيت إلى المشاركة بتحرير مقالٍ قصير في هذا العدد، وسعدت بالقيام بذلك.
لقد اخترت الكتابة عن تحديات تغير المناخ لأنه المشكلة البيئية العالمية الأكثر إلحاحًا في الوقت الراهن. والتغير المناخي مشكلة طبيعية، إلا أن وطأة هذا التغير قد أخذت في التسارع بفعل الإنسان خلال العقود القليلة الأخيرة. وتنجم هذه التدخلات البشرية عن العديد من الأنشطة، مثل: توليد الطاقة، والصناعة، والزراعة، والنقل، والمخلفات؛ والتي تتسبب جميعًا في انبعاث غازات الصوبة الزجاجية القادرة على رفع متوسط درجة الحرارة عالميًّا.
ولم يزل هناك رأي قائل بأن تغير المناخ مشكلة طبيعية أساسها حركة الشمس. وفي الحقيقة، فإنه على الرغم من أنه لم يزل علينا توفير المزيد من الأدلة العلمية، فإنه – وبكل تأكيد – لدينا القدر الكافي من المعرفة في هذا الشأن. فقد أكد التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) لعام 2007م على أننا نواجه تغير المناخ بالفعل.
وقد أسندت الهيئة استنتاجاتها المؤكدة إلى عدد من الحقائق: فقد زاد تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 - الغاز الرئيس ضمن غازات الصوبة الزجاجية التي تسبب الاحتباس الحراري العالمي - في الغلاف الجوي من 280 جزء في المليون في 1750م إلى 379 جزء من المليون في 2005م؛ علمًا بأن متوسط تركيزه قد ظل 300 جزء من المليون لفترة 356.000 ألف سنة ماضية. وقد لاحظنا ذلك الشيء في مصر خلال السنوات العديدة الماضية؛ فقد كانت إحدى عشرة سنة من اثنتي عشرة سنة (1994م-2005م) الأشد حرًّا وفقًا للتسجيلات. وقد ازداد عدد الأيام والليالي الباردة وتلك الحارة، بالإضافة إلى الموجات الحارة خلال الخمسين عامًا الأخيرة. وقد كان متوسط ارتفاع سطح البحر 3.1 مليمتر في العام ما بين عامي 1993م-2003م مقارنة بمتوسط 1.8 مليمتر في العام بين 1961م-2003م.
وهناك إجماع بنسبة 97% في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) على أن متوسط درجة الحرارة عالميًّا سيكون قد ارتفع بمقدار درجتين مئويتين بحلول عام 2050م، إلا أن ذلك قد يحدث مبكرًا بحلول عام 2035م. وعلاوة على ذلك، فإن هناك نسبة إجماع تبلغ 50% في الهيئة على ارتفاع متوسط درجة الحرارة عالميًّا بمقدار خمس إلى ست درجات مئوية خلال القرن الحادي والعشرين، وهو تغير لم يعهده الإنسان من قبل.
وقد تم التأكيد على هذه الحقائق المقلقة وإبرازها أيضًا في تقرير حالة البيئة (SOE)، وتقرير التنمية البشرية الصادرين عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، وغيرهما من التقارير التي تصدر عن البنك الدولي، والاتحاد الأوروبي (EU)، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، والمعهد الوطني العلمي الأمريكي، وغيرها.
وعلى الرغم من ذلك، فقد أثبتت نتائج مؤتمرات الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ في كوبنهاجن (2009)، وكانكون (2010)، وديربان (2011) أن الحكومات ليست جادة بالقدر الكافي إزاء هذه القضية. وإن أراد البشر البقاء، فيجب أن تبدأ الدول المتقدمة والنامية مباحثاتها الآن، وأن يصلا إلى حلولٍ وسطية قبل انعقاد مؤتمر تغير المناخ القادم.
*المقال منشور في نشرة مركز القبة السماوية العلمي، عدد صيف 2012.
مصدر الصورة.