يحتوي التراث الشعبي عديدًا من الخرافات والمعتقدات الخاطئة التي تناقلها الناس وآمنوا بها، ولا أساس لها من الصحة، ولا يدعمها سند علمي. فلم تترك تلك المفاهيم الخاطئة مجالًا إلا ونجد به خرافة أو أكثر، حتى صحة الجسم البشري، وكل ما يخص أجهزته وخلاياه. وهي مفاهيم مغلوطة، يجب ألا نستمع إليها. ولنستعرض معًا بعض أهم تلك المغالطات وردود العلم عليها.
Credits: Freepik
طقطقة الأصابع تسبب التهاب المفاصل
تنتج أصوات الفرقعة عند طقطقة الأصابع عن الضغط السلبي المتكون من سحب غاز النيتروجين مؤقتًا إلى المفصل. ويُسمع صوت الطقطقة في المفاصل أحيانًا عند انقطاع الأوتار عن الأنسجة بسبب تغير بسيط في مجال انزلاق المفصل، وكلها أمور عادية وطبيعية. وعليه لم يثبت قط أن عادة فرقعة الأصابع قد تسبب التهاب المفاصل أو غيره من أمراض المفاصل على الإطلاق. ورغم وجود تفسيرات مختلفة لحدوث هذا الصوت، اتفق الجميع أن المبالغة في طقطقة المفاصل عادة صحية غير سليمة، قد تؤدي إلى احمرار الأصابع وتورمها، أو حدوث التهاب بأحد الأوتار أو الأربطة.
Credits: Freepik
الشتاء والخروج بشعر مبتل يتسببان في الإصابة بالإنفلونزا
نصاب بالإنفلونزا طوال العام، صيفًا وشتاءً، ورغم ذلك فما زال فصل الشتاء يتحمل الذنب الأكبر في معدلات الإصابة بالبرد والإنفلونزا؛ فما العلاقة بين انخفاض درجة الحرارة والتقاط عدوى فيروس الإنفلونزا؟ الحقيقة أنه لا دخل للشتاء وبرودة الطقس بالعدوى، ولكن يكثر المرض بالبرد في الشتاء نتيجةَ عدم التهوية الجيدة وتجمع أفراد الأسرة أو الأصدقاء كثيرًا بالأماكن المغلقة طلبًا للدفء. وهنا يزداد معدل انتشار العدوى بين الجميع للتلاصق المستمر؛ مما يرفع نسب الإصابة بالإنفلونزا. والأمر عينه في خرافة الخروج بالشعر مبتلًّا والاعتقاد أنه يصيب بالبرد الذي هو عدوى فيروسية، لا علاقة له بالشعر المبتل أو الجاف.
لقاح الإنفلونزا يصيب المتلقي بالعدوى
ما زالت خرافات الإنفلونزا مستمرة؛ إذ يُعتقد أن تطعيم أو لقاح الإنفلونزا يصيب المتلقي بالإنفلونزا بالفعل بالعدوى، وبالطبع هذا مفهوم خاطئ تمامًا. وتتنوع لقاحات الإنفلونزا؛ فمنها ما يعطى عن طريق الحقن، ومنها ما يكون على شكل رذاذ أنفي. ويتكون اللقاح الإبري من فيروس ميت أو بروتين واحد فقط من الفيروس؛ أما اللقاح الرذاذي فيتكون من فيروسات حية ضعيفة؛ ولا يمكن لكل ما سبق أن يصيب الإنسان متلقي اللقاح بالعدوى على الإطلاق.
Credits: Freepik
الأوردة الزرقاء تعني أن الدم لا يحمل الأكسجين
نأتي لأمر أصحاب الأوردة الزرقاء، التي يعتقد أنها نتيجة حمل دم غير مؤكسج (أي لا يحمل الأكسجين)؛ ولكن وفقًا لمقال العلماء، فإن دم الإنسان لونه أحمر دائمًا، في كل حالاته، مع الأكسجين أو بدونه. ويرجع تفسير ذلك الظل الأزرق لدماء الأوردة إلى مقدار انعكاس أو مسار الضوء داخل طبقات الجلد؛ مما يجعله يبدو باللون الأزرق؛ بالإضافة إلى قرب الأوردة من الجلد على خلاف الشرايين العميقة.
Credits: Freepik
يجب ألا تضع واقي الشمس عند غياب الشمس
لم تسلم منتجات العناية الشخصية من المعتقدات المغلوطة؛ إذ يعتقد أغلب الناس عدم جدوى واقي الشمس أو عدم الحاجة إليه في الأيام الغائمة والممطرة. والحقيقة أن أضرار الشمس تنجم عن أشعتها فوق البنفسجية وليس عن درجة الحرارة، وتلك الأشعة بإمكانها اختراق بعض السحب، وقد تكون أكثر حدة من يوم دافئ في فصل الصيف. ووفقًا لمؤسسة سرطان الجلد، تمنع السحب الأشعةَ فوق البنفسجية من اختراق الجلد بنسبة أقل من 25٪. ولذلك، يجب وضع طبقة غنية من واقي الشمس قبل الخروج من المنزل، وكل ساعتين في حال البقاء خارجًا لوقت طويل؛ لأنه يحمى البشرة من العوامل الخارجية الضارة أيضًا.
Credits: Freepik
بعد التوقف عن ممارسة الرياضة تتحول العضلات إلى دهون
يشيع في أوساط الرياضيين أن المتدرب ذا العضلات المفتولة إذا توقف عن التدريب نتيجة إصابة أو انشغاله عن ممارسة الرياضة، فإن عضلاته تتحول إلى دهون؛ وهذا لا يحدث إطلاقًا. فخلايا العضلات مختلفة عن خلايا الدهون، ولا يتبدلان أبدًا. ولكن قد يرافق انقطاع التدريب زيادة في الوزن، وتكون هذه الزيادة الجديدة على شكل دهون؛ فهي إذًا دهون جديدة، وليست عضلات مستبدلة.
يجب علينا ونحن في القرن الحادي والعشرين ألا ننساق وراء الخرافات والمفاهيم المغلوطة؛ فبعضها قد يحرمنا الاستمتاع بالحياة، وبعضها الآخر قد يتسبب في أضرار صحية، أو مشكلات اجتماعية وسلوكية. ودائمًا ما يُوصى بالبحث والتحقق من كل ما هو غريب ويرفضه العقل قبل تبني أي أفكار.
المراجع
cancersa.org.au
cdc.gov
forbes.com
medicalnewstoday.com
piedmont.org
sitn.hms.harvard.edu
webmd.com
المقال الأصلي منشور في مجلة كوكب العلم، عدد خريف 2020.
FreepikCredits Banner Image