على مدار أكثر من ثلاثين عامًا اختبرت نصيبًا لا بأس به من نوبات القلق؛ فتغلبت على كثير منها سريعًا، إلا أن بعضها لازمني أيامًا، وأحيانًا أسابيع، وفي بعض الأحيان شهور. وتبدأ نوبات القلق لدي في الليل؛ فكثيرًا ما تبقيني مستيقظة. وعلى مدار السنين اختبرت كل الأعراض الشائعة للقلق بدرجات متفاوتة:
- شعور بالتوتر أو الاضطراب أو الأرق.
- شعور باقتراب خطر أو كارثة ما، أو الذعر.
- زيادة ضربات القلب.
- سرعة التنفس (فرط التهوية).
- التعرق.
- الارتجاف.
- الشعور بالتعب أو الإجهاد.
- صعوبة التركيز أو التفكير في أي شيء غير القلق الحالي.
الواقع أن كل الناس ينتابهم القلق في وقت أو آخر من حياتهم؛ وعلى الأرجح في مواقف مثل الامتحان، أو إجراء فحص طبي، أو مقابلة عمل، إلخ. وفي هذه الحالات يكون القلق أمرًا طبيعيًّا تمامًا. إلا أن بعض الناس –مثلي– يجدون صعوبة في التحكم في القلق الذي ينتابهم؛ فتستمر هذه المشاعر وقد تؤثر في الحياة اليومية.
بعض النصائح للتعامل مع نوبات القلق:
- تعرف ما يسبب لك القلق.
- اترك الموقف.
- استخدم تقنيات استعادة الاتزان؛ وابحث حولك عن:
- خمسة أشياء يمكنك رؤيتها.
- أربعة أشياء يمكنك لمسها.
- ثلاثة أشياء يمكنك سماعها.
- شيئين يمكنك شم رائحتهما.
- شيء يمكنك تذوقه.
- تأمل وتنفس بانتباه.
- تصور مكانًا آمنًا.
- عد.
- دع النوبة تمر واجتازها بسلام.
- تحدث إلى صديق أو قريب.
قد تزداد حدة القلق عند بعض الناس؛ ليتحول إلى مشكلة صحية عقلية خطيرة. فاضطراب القلق العام حالة طويلة المدى تتسبب في الشعور بالقلق إزاء مجموعة هائلة من المواقف والموضوعات، وليس أمرًا أو حدثًا معينًا. والأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق العام يشعرون بالقلق معظم الأيام، فكثيرًا ما يجدون صعوبة في تذكر آخر مرة شعروا فيها بالاسترخاء؛ فكلما تزول فكرة مقلقة، تظهر أخرى مختلفة. وفي مثل هذه الحالات ينصح باستشارة متخصص.
ولكن ما علاقة هذا بالقمر؟
حسنًا، منذ بضعة أشهر انتابتني إحدى نوبات القلق فجأةً دون أي مسببات واضحة بالنسبة لي؛ فتسببت في مروري ببضعة أيام سيئة. انتهت النوبة إلى حد ما بعد بضعة أيام –وهذه النوبات لا تنتهي تمامًا إلا بعد وقت– وسارت الأمور على ما يرام قرابة شهر. وفي الشهر التالي، وفي الوقت نفسه تقريبًا، انتابتني نوبة أخرى، وإن كانت أقل حدة من سابقتها، وقد انتهت أسرع حمدًا لله. إلا أن حدوث تلك النوبة في الوقت نفسه من الشهر جعلني أفكر في أمر قد سمعته سابقًا؛ فبحثت ووجدت أن النوبتين قد حدثتا بالتوازي مع اكتمال القمر.
على مدار عدة قرون، اعتقد الناس أن القمر يؤثر في سلوك البشر؛ فكلمة «جنون» بالإنجليزية تسمى lunacy وهي مشتقة من كلمة lunaticus باللاتينية وتعني «أصابه القمر». بحث الطبيب النفسي آرنولد ليبر بعمق في هذا المعتقد من خلال كتبه، مثل «تأثير القمر: المد والجزر الحيوي والمشاعر الإنسانية»(1978). فاقترح أن البشر يختبرون تحولات مد وجزر تتسبب فيها أوجه القمر، لأن جسم الإنسان يتكون من الماء بنسبة 70٪، مثلما يحدث مع المحيطات على كوكب الأرض. وكتب أن عند اكتمال القمر تزداد حوادث القتل، والانتحار، والاعتداءات الشديدة، والحالات النفسية الطارئة، وحوادث الطريق القاتلة، ولكن سرعان ما نبذ الخبراء تلك النظرية. إحدى الدراسات حطمت نظرية ليبر؛ فجادلت بأن قوة الجاذبية الأرضية أقوى 5,012 مرة من قوة جاذبية القمر. فقد ينظم القمر المد والجزر في المسطحات المائية المفتوحة الواسعة، ولكن فكر في تأثيره على كوب ماء أو حتى حوض استحمام ممتلئ بالماء، فما بالك بالماء في جسم الإنسان.
لقد توصل علماء الفلك والفيزيائيون وعلماء النفس جميعهم إلى أن السلوك البشري لا علاقة له بأوجه القمر.
مع ذلك، فإن استمرار معتقد ما لآلاف السنين يشير إلى وجود سبب وراءه. مقال نُشر في مجلة «ديسكافر» اقترح أن أصل تأثير القمر الجنوني هو حقيقة أن سطوع القمر غالبًا ما كان يؤثر على جودة نوم أسلافنا القدماء؛ مما تسبب في حرمانهم من النوم وتعكر مزاجهم.
وقد وجدت دراسة أجريت عام 2013 تحت ظروف محكمة بشدة على مختبر للنوم، أن الناس في المتوسط يستغرقون خمس دقائق إضافية قبل الخلود إلى النوم، وينامون عامة عشرين دقيقة أقل من المعتاد عند اكتمال القمر مقارنة بباقي الشهر، ورغم عدم تعرضهم لضوء القمر بالمرة. وأشارت قياسات نشاط مخهم إلى أن كمية النوم العميق الذي اختبروه قلت بنسبة 30٪. ومع ذلك، فشلت دراسة متابعة الحالة في الوصول إلى النتائج نفسها.
لأكون صادقة، أعتقد أنني فكرت في البحث في تأثير القمر لأنني أردت أن أجد سببًا لنوبات القلق التي أصابتني مؤخرًا. والحقيقة أن نوبات القلق تحدث بسبب أو دون سبب؛ فهي مشكلة عقلية تتحسن عندما نفهمها ونتحدث عنها.
وبمجرد تحدثنا عن هذه الأمور، نشجع غيرنا على ذلك، ونشعر أننا لسنا وحيدين في هذه الحالة ويقل خوفنا منها؛ لأنها تحدث لكثيرين غيرنا. بالطبع، فإن بعض الناس قد يحتاجون إلى ما هو أكثر من القراءة عن الموضوع أو التحدث عنه إلى من حوله؛ فإذا شعر شخص ما أنه لا يستطيع التعامل مع قلقه، عليه التفكير في التحدث إلى متخصص.
المراجع
www.nhs.uk
www.mind.org.uk
www.mayoclinic.org
https://ibpf.org
www.verywellmind.com
www.bbc.com
www.accuweather.com
Cover image by storyset on Freepik