في العقد الأخير اهتم الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بقضايا البيئة والتغير المناخي، وكانت الفيفا أول اتحاد رياضي ينضم إلى إطار عمل الأمم المتحدة للرياضة من أجل المناخ في عام 2016. عملت الفيفا على الاهتمام بحماية كوكب الأرض والعمل على تقليل انبعاث الغازات الدفيئة في الأحداث الكروية الكبيرة مثل كأس العالم؛ فبدأت بمونديال البرازيل، ثم روسيا، ثم قطر. وقد تعهدت قطر بتقديم نسخة من كأس العالم محايدة للكربون، وأنها ستكون النسخة الأكثر استدامة. ترتكز استراتيجية قطر للاستدامة على خمس ركائز: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والإنسانية والحوكمة؛ سنهتم في هذا المقال بالركيزة البيئية.
في البداية، دعونا نتعرف على مفهوم الاستدامة وتحييد الكربون. الاستدامة كما تُعرفها الأمم المتحدة هي «تلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المستقبلية على تلبية احتياجاتها الخاصة»؛ فيجب أن تكون أنشطة الأفراد والمجتمع غير ضارة للبيئة حتى تحيا الأجيال القادمة بسلام. أما مفهوم تحييد الكربون فهو الموازنة بين كمية الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الأنشطة المختلفة وكمية الانبعاثات الكربونية المزالة.
وحتى يكون المونديال محايدًا للكربون عملت الجهات المعنية بتنظيم المونديال على عدة أصعدة لتحقيق ذلك؛ وهي: البناء المستدام، والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وتحسين جودة الهواء، وإدارة النفايات والمحافظة على المياه.
البناء المستدام
تنتج عن عمليات البناء والتشييد كميات هائلة من الانبعاثات الكربونية، لذا شيدت الملاعب وأماكن التدريب والبنية التحتية وفقًا لمعايير البناء المستدام، وتتضمن التقليل من الغبار في مواقع البناء باستخدام المياه المعالجة، وتقليل النفايات والانبعاثات الكربونية باستغلال الموارد المتاحة من مواد البناء. ويعد استاد 974 مثالًا لذلك؛ إذ أنه شيد من حاويات الشحن البحري، وهو أول ملعب قابل للفك في تاريخ بطولات كأس العالم، كما أن ٪90 من المواد المستخدمة في بناء ملعب أحمد بن علي، كانت من ملعب قديم يحمل الاسم نفسه.
الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة
تساهم الرحلات الجوية في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، ونظرًا لصغر مساحة الدولة، فلن يكون هناك داعٍ لاستخدام النقل الجوي للتنقل بين الملاعب كما في البطولات السابقة، إذ يمكن الانتقال من ملعب إلى آخر في أقل من ساعة واحدة. وستكون وسائل النقل المستخدمة وسائل نقل صديقة للبيئة، مثل المترو والحافلات الكهربية والترام. ومن ضمن الطرق المستخدمة في الحد من الانبعاثات، استخدام الطاقة الشمسية في إضاءة الملاعب وفي وحدات التبريد. إلى جانب الاستعانة بإستراتيجية التشجير وزيادة المساحات الخضراء لامتصاص ثاني أكسيد الكربون وزيادة نسبة الأكسجين.
تحسين جودة الهواء
لتحسين جودة الهواء، يجب التقليل من كمية الغبار الناتجة من عمليات البناء باستخدام المياه المعالجة، ومراقبة الهواء أثناء البطولة عن طريق محطات لرصد جودة الهواء في الملاعب، بالإضافة إلى استخدام وسائل النقل النظيفة، وزيادة النباتات والأشجار ورفع الوعي حول أهمية النباتات من خلال المبادرات. ومن أمثلة المبادرات، مبادرة زراعة مليون شجرة، وتهدف إلى زيادة الرقعة الخضراء عن طريق غرس شتلات أشجار مناسبة للبيئة القطرية، مثل السدر والغاف. وتساعد زيادة الرقعة الخضراء على التقليل من تلوث الهواء والانبعاثات الكربونية وزيادة التنوع البيولوجي، كما تهدف المبادرة إلى استخدام المياه المعالجة في ري الأشجار، وهذا للمحافظة على المياه.
تقليل النفايات
اتُبعت استراتيجيات عدة لتقليل النفايات أثناء عمليات البناء وإستراتيجيات إعادة التدوير، وإطلاق حملات توعية مثل حملة موجة واحدة، وتهدف إلى زيادة الوعي بخطر التلوث البلاستيكي، وأثره على الحياة البحرية والمحيطات، وتدعو إلى التقليل من استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد،
المحافظة على المياه
للمحافظة على المياه وترشيد استهلاكها، اتبعت عدة استراتيجيات مثل استخدام المياه المعالجة في التخلص من الغبار وفي الري وفي التبريد، كما زودت الملاعب بإضافات تسمح بترشيد المياه عن طريق تزويد دورات المياه بمستشعرات الحركة في الصنابير، وأنظمة للكشف عن تسرب المياه.
وبهذا نكون أوجزنا التجهيزات والإستراتيجيات المتبعة في سبيل تقديم بطولة محايدة للكربون تكون نموذجًا للبطولات القادمة.
المراجع
publications.fifa.com
qatar2022.qa
الصورة
ملعب974، المصدر: شبكة التلفزيون العربي