لقد تأثرنا جميعًا وفوجئنا بسرور عند رؤية الشاب الاستثنائي غانم المفتاح في حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم قطر 2022. وشعرنا بالذهول أن إعاقاته لم تمنعه من تحقيق أحلامه، وتساءلنا جميعًا عما حدث له؛ إنه مصاب بأحد أندر الاضطرابات المعروفة باسم «متلازمة التراجع الذيلي».
تُعرف متلازمة التراجع الذيلي بأنها اضطراب يضعف نمو الجزء السفلي من الجسم: أسفل الظهر، والأطراف، والقناة الهضمية، والجهاز البولي التناسلي. وتصيب المتلازمة الإناث والذكور على حدٍّ سواء، ولا يزال معرفة تواتر حدوثها غير دقيق، ولكن نحو 1–2.5 من كل مئة ألف طفل يولدون بها.
تختلف أعراض متلازمة التراجع الذيلي، وقد لا يكون لدى الشخص المصاب أي منها. فقد لا تظهر عظام الفقرات السفلية أو لا تنمو، كما تكون الأجزاء المقابلة من الحبل الشوكي إما غير منتظمة أو مفقودة. وقد تكون الفقرات مغلقة بشكل غير كامل مع وجود كيس مملوء بالسوائل في الظهر؛ وقد يحتوي هذا الكيس على سوائل فقط أو سوائل بها جزء من الحبل الشوكي.
المصدر
لا يزال السبب الدقيق لمتلازمة الانحدار الذيلي غير معروف، إلا أن كثير من الأبحاث تشير إلى أنها تفاعل بين بعض العوامل الجينية والبيئية. ومن المسببات إصابة الأم بمرض السكري؛ فمن كل 350 رضيعًا يعانون من متلازمة التراجع الذيلي توجد حالة واحدة لديها أم مصابة بمرض السكري. العلاقة الدقيقة بين مرض السكري وهذه المتلازمة لا تزال غير معروفة، ولكن سوء التحكم في مرض السكري في أثناء الحمل قد يكون سببًا. وقد ترجع العوامل البيئية إلى نقص الأكسجين، أو تناول الكحول، أو اختلال توازن الأحماض الأمينية في أثناء الحمل.
يعتقد بعض العلماء أن وجود شريان غير طبيعي في بطن الجنين يضعف تدفق الدم إلى الجزء السفلي من الجسم، فيؤدي إلى الإصابة بهذه المتلازمة. ويعتقد آخرون أن حدوث اضطراب في نحو اليوم الثامن والعشرين من الحمل يؤثر في الأديم المتوسط –الطبقة الوسطى من الأنسجة الجنينية النامية– ومن ثم يخل بنمو أجزاء من الهيكل العظمي، والجهاز الهضمي، والجهاز البولي التناسلي. ويقترح آخرون أن المتلازمة تحدث بسبب مزيج من كل من النمو غير الطبيعي للأديم المتوسط وانخفاض تدفق الدم.
يمكن تشخيص متلازمة التراجع الذيلي باستخدام الموجات فوق الصوتية في أثناء الحمل. فقد يتمكن الأطباء من ملاحظة أعراض الاضطراب الذي يؤثر في الجزء السفلي من الجسم، كما يلجئون إلى الأشعة السينية بعد الولادة للاطمئنان على الحالة وفحص صحة العظام والأعضاء.
إن بدء العلاج في أبكر وقت ممكن يضمن نتائج أفضل، لأن استراتيجيات العلاج تختلف من رضيع إلى آخر، ويختلف تشخيص الحالة أيضًا وفق شدة المرض. وكذلك يحتاج إلى تعاون الأطباء من عدة تخصصات، مثل أطباء الأطفال، وأخصائيي العظام، وأطباء الأعصاب، وأطباء المسالك البولية، وأطباء الكلى، وأطباء القلب؛ إذ يعتمد العلاج أساسًا على إدارة الأعراض وشدتها.
ويمكن إجراء عمليات جراحية متعددة لتحسين أعراض الهيكل العظمي وعلاج العظام المشوهة. بينما تجرى عمليات غيرها لتحسين وظائف الأعضاء المتضررة، مثل أعضاء الجهاز الهضمي، والجهاز البولي، والكلى. بعض الحالات التي يتضرر فيها الجهاز التنفسي، تحتاج إلى أجهزة تنفس صناعي، وتستخدم حالات عديدة أجهزة تعويضية لتسهيل حركتها.
إن معظم الأسباب المقترحة للإصابة بالتراجع الذيلي لا يمكن التنبؤ بها؛ لأنه ليس مرضًا وراثيًّا، ولكن كل ما يمكننا فعله محاولة التحكم في مستويات الجلوكوز في الدم في فترة حمل الأمهات المصابات بمرض السكري، إلى جانب متابعة العوامل البيئية والوراثية الأخرى التي تؤدي دورًا في تطور المتلازمة.
المراجع
medlineplus.gov
my.clevelandclinic.org
rarediseases.org
Banner image: commons.wikimedia.org/wiki/File:Ghanim_Al-Muftah.jpg