على الرغم من التأثير السلبي لجائحة كورونا في العالم، توجد بارقة أمل بالنسبة إلى مشكلة التغير المناخي وظاهرة الاحتباس الحراري وتداعياتهما. فخلال فترة الحجر الاضطراري للبشر بسبب انتشار الوباء الجنوني، رأينا بعض التحسن في مستوى انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وزيادة نقاوة الهواء في بعض المناطق، وتعافي طبقة الأوزون، ولكن الضرر قد حدث بالفعل. ولكي نرى أثر تحسن بيئتنا، سنحتاج إلى وقت أطول قليلًا.
ولنرى مثالًا مباشرًا على تأثير الاحتباس الحراري البالغ في بيئتنا، سنذهب إلى اسكتلندا، بريطانيا، حيث تعاني الأرانب البرية الجبلية تغيُّر لون فروها في غير موعده. وبسبب ظاهرة التغير المناخي واضطراب موسم الثلوج، فقدت تلك الأرانب البرية قدرتها على التخفي من الحيوانات المفترسة.
يتحول لون فراء الأرانب البرية الجبلية في فصل الشتاء من اللون البني الترابي إلى لون بياض الثلج، متماشيًا مع تغيُّر طبيعة البيئة المحيطة من درجات حرارة منخفضة وثلوج متساقطة وأرض مختفية بغطاء من الثلوج في عشية وضحاها. ومع تلك التغيرات، يتغير لون الفراء للتخفي والتواري عن الأنظار، أو ما يسمى بالتمويه. فهذه البيئة المفتوحة ذات المساحات الواسعة تجعلها عرضة للحيوانات المفترسة؛ ولذلك يعد اتخاذ اللون المناسب أمرًا حيويًّا لتصبح غير مرئية حتى للمفترسين ثاقبي البصر، مثل العقاب الذهبي.
وهذا التحول تحفزه ضآلة مقدار ضوء النهار الذي يتلقاه الأرنب البري على مدى عدة أسابيع، فتستبدل بأرديتها البنية أخرى بيضاء. إذًا، فإن تغيير اللون الموسمي الطريقة الوحيدة لتجنب الافتراس. والجدير بالذكر أن هذا التحول يحدث لواحد وعشرين نوعًا من الحيوانات، منهم على سبيل الذكر لا الحصر: الثعلب القطبي، وابن عرس طويل الذيل، والقواع ثلجي النعال، وطائر الترمجان. ولكن وفقًا لدراستين بحثيتين أحدثهما كانت في نهاية عام 2020، لوحظ أن أرانب برية عديدة لم تتمكن من البقاء؛ بسبب تحول لون فرائها إلى اللون الأبيض الثلجي أو العكس في الوقت الخطأ؛ ما جعلها أهدافًا للحيوانات المفترسة الجائعة.
أجرت هذه الدراسة عالمة البيئة التطورية ماريكتا زيموفا بجامعة ميتشيجان الأمريكية، ووجدت أنه بسبب تراجع أيام سقوط الثلوج في الجبال وقصر مدة تغطية الثلوج لبيئتها، تفقد الأرانب القدرة على التمويه لاختفاء الثلوج التي تشبه لون فرائها؛ ما يجعلها فريسة سهلة للمفترسات. كذلك وجدت أن الفارق بين الوقت الفعلي لانتهاء موسم الشتاء وتبديل الفراء الأبيض إلى الفراء الأصلي يصل إلى 35 يومًا تقريبًا؛ ما يدع تلك الأرانب في خطر مميت. ومن المتوقع ازدياد عدد الوفيات بينها؛ ما سيؤدي إلى انقراضها بحلول عام 2100.
في النهاية، ينبغي أن تختلف نظرتنا لبيئتنا في عالم ما بعد جائحة كورونا؛ فبالتأكيد علينا محاولة تفادي أخطاء الماضي وإصلاحها إن أمكن، لغد أفضل لنا وللأجيال القادمة بعدنا.
المراجع
marketazimova.com
sciencemag.org
static1.squarespace.com
theatlantic.com
theguardian.com
هذا المقال نُشر لأول مرة مطبوعًا في مجلة «كوكب العلم»، عدد صيف/ خريف 2021.
Banner image source: flickr.com