هل راجعت مؤخرًا الوقت الذي تقضيه وأنت ممسك بهاتفك المحمول وأدركت أنك تقضي ساعات طويلة جدًّا على وسائل التواصل الاجتماعي؟ ربما ستدرك أيضًا أن ما يبدو وكأنه بضع دقائق من تصفح التطبيق هو في الواقع ساعات طويلة لا نهاية لها. إذا كنت شغوف بمتابعة الأخبار، فمن المحتمل أنك على اطلاع بأحدث التطورات التي تحدث في أي مكان على الخريطة. ومع استمرار المنشورات والقصص والمقاطع عن الوفيات والإصابات والانفجارات، هناك احتمالية كبيرة بأن تعلق داخل دائرة مفرغة من الألم والغضب والعجز. في الواقع، ظهر مصطلح جديد متداول حاليًّا للإشارة إلى هذه الظاهرة المنتشرة وهو «هوس تصفح الأخبار السيئة».
ظهر مصطلح هوس تصفح الأخبار السيئة عام 2020 خلال جائحة كورونا. حتى أن قاموس أكسفورد الإنجليزي أضاف هذا المصطلح كأحد كلمات العام حينذاك. باختصار، يشير مصطلح هوس تصفح الأخبار السيئة إلى عملية التصفح المستمر وقراءة الأخبار المحبطة على المواقع الإخبارية أو على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصةً من خلال الهاتف المحمول. مع تطبيق الحظر العالمي وعزل ملايين من الناس في الحجر الصحي، وشعورهم بفضول يخالطه القلق حول هذا الفيروس المستحدث، شاع البحث عن آخر المستجدات حول عدد الإصابات والأعراض والإجراءات الاحترازية، إلخ. ونتذكر جميعًا متابعة حالات كوفيد-19 من خلال عداد على شبكة الإنترنت يسجل الحالات في كل بلد مع تحديثات يومية كما لو كنا نتابع تحضيرات كأس العالم لكرة القدم.
وبعد تخفيف الإجراءات الاحترازية المصاحبة للوباء، ظن البعض أن هوس تصفح الأخبار السيئة سيتوقف. ولكن، تزايدت الرغبة في تصفح الأخبار السيئة على شبكة الإنترنت. ومع تطور الخوارزميات لزيادة استهلاك تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، أدت الرغبة في الإطلاع على آخر مستجدات الأحداث الجارية، مثل الحروب، والجرائم، والكوارث الطبيعية، وما إلى ذلك إلى الانغماس في حلقة مفرغة من الغضب والقلق.
في دراسة أجريت بجامعة تكساس التقنية حول استهلاك الأخبار، بعنوان «عالقون في عالم خطير: استهلاك الأخبار الإشكالي وعلاقته بالاعتلال العقلي والجسدي» Caught in a Dangerous World: Problematic News Consumption and Its Relationship to Mental and Physical Ill-Being، كان من الواضح أن متابعة الأخبار على مدار الساعة تؤدي إلى حالة من «الاستنفار الشديد» لدى بعض الناس مما يجعل العالم يبدو «مكان مظلم ومخيف». ويقول براين ماكلولين، باحث بجامعة تكساس التقنية والمؤلف الرئيسي للدراسة: «انتبه لكمية الأخبار التي تتعرض لها يوميًّا. ولتأثيرها على ما تشعر به؟ هذه هي الأسئلة التي يجب أن نبدأ بها».
واستنادًا إلى إجابات العينات التي تم استطلاعها من عدد من البالغين الأمريكيين، فقد تبين أن المشاركين «الذين لديهم سلوك استهلاكي للأخبار يتراوح بين المتوسط والشديد يعانون من مستويات أعلى من الاضطرابات العقلية والجسدية مقارنة بأولئك الذين يستهلكون الأخبار العادية الخالية أو شبه الخالية من المشكلات». وفي دراسة أخرى، تبين أن الأفراد الذين قضوا كثير من الوقت في متابعة الأخبار المتعلقة بجائحة كوفيد-19 يعانون من مستويات أعلى من القلق والضيق والتوتر والاكتئاب (Wathelet et al., 2020).
قد يبدو القول أن الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي أسهل من التنفيذ، خاصةً في هذه الأيام مع ظهور مزيد من التطبيقات الجديدة يوميًّا ومزيد من الشركات والمؤسسات التي تعمل على رقمنة خدماتها. ومع ذلك، مع التدفق المستمر للأخبار، يمكن للمرء أن يتخذ خطوات صغيرة لتقليل خطر هوس التصفح وعواقبه الخطيرة على الصحة العقلية والجسدية.
وكما أشار ماكلولين سابقًا، فإن إدراك مقدار ما تستهلكه هو أمر أساسي. لحسن الحظ، يمكنك معرفة عدد الساعات التي تقضيها كل يوم على كل منصة من خلال هاتفك المحمول. وهكذا، يمكنك تحديد الحد الأقصى لاستهلاكك اليومي من وسائل التواصل الاجتماعي. كما يمكنك أيضًا تقليل كمية المحتوى الذي يظهر في تطبيقاتك عن طريق إلغاء متابعة بعض الحسابات. إن استبدال عاداتك السيئة بعادات صحية أخرى، مثل القراءة أو ممارسة الرياضة أو الخروج أو الاستماع إلى الموسيقى، يمكن أن يصرف انتباهك عن الأخبار السيئة بشكل إيجابي.
مراجع
www.techtarget.com
en.wikipedia.org
www.ncbi.nlm.nih.gov
www.theguardian.com
www.caldwellmemorial.org
today.ttu.edu
pubmed.ncbi.nlm.nih.gov
Cover photo: "Waking up and scrolling on my phone" by dewaelemona is licensed under CC BY 2.0