المكتب مكان يقضي فيه كثير منَّا معظم أيام الأسبوع، وأحيانًا نهايات الأسبوع أيضًا، منذ التخرج حتى التقاعد. وهذا يجعل المكتب ثاني أهم مكان في حياتنا بعد المنزل؛ ولذلك فليس من الغريب أن يعكس تطور شكل المكتب –إلى حد هائل– تطورنا نحن شخصيًّا. وبالفعل لا يجسد تاريخ المكتب تطور شكل العمل فحسب، بل يوضح أيضًا كيف تواكب مساحات العمل وتصميماتها المؤثرات الثقافية والتكنولوجية والمجتمعية.
المكتب منذ قديم الزمان
وجدت المكاتب في شكل أو آخر عبر مراحل التاريخ المختلفة، وذلك في هيئة شخص أو مجموعة من الأشخاص يتولون الأعمال الإدارية الرسمية. فيرجع تاريخ المكتب إلى الحضارة الرومانية؛ وحينها لم يتمثل المكتب في مكان معين أو مبنى ما، بل في الأشخاص داخل ذلك المكان.
إلا أن المكاتب ندرت في العصور الوسطى؛ إذ عمل معظم الناس من منازلهم. فلم يبدأ المحامون والعاملون بالخدمات الحكومية وغيرهم من أصحاب المهن الجديدة حينها في العمل بالمكاتب في أمستردام ولندن وباريس حتى القرن السابع عشر. وهو ما أدى إلى التمييز الثقافي بين المكتب المرتبط بالعمل والمنزل المرتبط بالراحة والخصوصية والحميمية.
وقد يصعب علينا أن نتصور عدم وجود تلك المؤسسات الضخمة متعددة المهام بالحجم والتعقيد نفسه الذي كانت عليه الحكومة الرومانية البيروقراطية حتى القرن الثامن عشر. إلا أنها بالفعل لم تظهر حتى ذلك الوقت عندما تأسست تلك المؤسسات لتدعم توسع اهتمامات المملكة البريطانية عبر البحار؛ إذ استلزم الأمر قواعد مركزية لإدارة ما يتطلبه ذلك التوسع من مهمات متعددة ومتنوعة، والتنسيق بينها.
في بدايات القرن العشرين اجتمعت عوامل عديدة لينشأ نتيجتها المكتب الحديث كما نعرفه اليوم. وقد أتاح اختراع الإضاءة الكهربائية للموظفين العمل دون الحاجة إلى إضاءة الغاز المكلفة أو النوافذ العديدة. وكذلك سمحت الآلات الكاتبة والحاسبة بالتعامل مع كميات هائلة من المعلومات والبيانات، ويسرت أجهزة الاتصالات، مثل التلغراف والتليفون، إقامة المباني المكتبية بعيدًا عن المصانع والمنازل، وحتى بعيدًا عن الدول التي تتم فيها العمليات، وذلك دون فقدان التحكم فيها.
النهضة المكتبية
حَدَثَّت الثورة الصناعية العمل اليدوي تمامًا، وعلى غرار ذلك حَدَّث تصميم المكتب العمل الإداري. إلا أن تصميمات المكاتب قد اضطرت إلى تلبية احتياجات ومتطلبات متضادة؛ على سبيل المثال: الانفتاح في مقابل الخصوصية، أو التفاعل في مواجهة الاستقلالية. وقد كان هذا التطور انعكاسًا للمواقف السلوكية المتغيرة نحو العمل المكتبي.
ففي بدايات القرن العشرين اتسمت أوائل المكاتب الحديثة بالانضباط الشديد والالتزام بمخطط مكتبي صارم. فاتبعت تلك «المكاتب التايلورية» منهجية المهندس الأمريكي فريدريك تايلور؛ حيث تكدس العاملون معًا في بيئة مفتوحة تمامًا بينما راقبهم رؤساؤهم من مكاتبهم الخاصة، تمامًا كما في المصانع. وقد انتُقد هذا المنهج كثيرًا لفشله في استيعاب العناصر الإنسانية والاجتماعية؛ إذ ركز فقط على حصول أصحاب العمل على أعلى إنتاجية من موظفيهم.
ومن ثم ارتفعت أسعار الأراضي بالتوازي مع اختراع المصعد والبناء ذي الهيكل المعدني؛ الأمر الذي سمح بإنشاء ناطحات السحاب في مدينتي شيكاغو ونيويورك في القرن العشرين، وهو ما أدى إلى تطور سريع في تصميم المكاتب. هكذا أصبح من الممكن نقل قوى عاملة ضخمة إلى داخل مكاتب ذات مخططات مفتوحة؛ حيث عمل الموظفون في الإضاءة الطبيعية أو تحت الإضاءة الكهربية، مستفيدين من العزل الصوتي والفواصل التي منحتهم الانعزال المطلوب.
ومع تطور ناطحات السحاب وغيرها من المباني التجارية الضخمة، أصبح مكان العمل يستوعب مزيجًا من المكاتب الخاصة والمخططات المفتوحة القائمة على فكرة محطات العمل، بالإضافة أحيانًا إلى مطابخ أو مقاصف للعاملين. وأفسحت ثلاثينيات القرن الماضي المجال لمكاتب أجمل شكلًا؛ إذ ظهر «المكتب الانسيابي» بالتوازي مع المباني الحديثة معماريًّا، وكلاهما قائم على فكرة «لم شمل المجتمع». فتحقق مكانًا أحدث للعاملين باستخدام الإضاءات الساطعة، والفراغات الدافئة، والأسقف الفلين التي لعبت دورًا غاية في الأهمية في امتصاص الضوضاء في المكاتب، وكل ذلك لتعويض العزلة عن العالم الخارجي.
وقد أتت خمسينيات القرن بمزيد من التطورات في البناء بمواد حديثة مثل الحديد المسلح والزجاج. فتم تبني العمارة العملية ذات الطابع الإكلينيكي المميز للحركة الدولية الحديثة في ذلك الوقت، بصفته الشكل الجديد للعمل التجاري. ومع انتشار استخدام أجهزة تكييف الهواء المتقدمة والإضاءة الفلورية، لم تعد المباني الشاهقة الارتفاع في حاجة إلى الإضاءة الطبيعية أو التهوية من خلال النوافذ المفتوحة. مع كل هذه التطورات التكنولوجية أصبح المكتب الإداري مستقلًا تمامًا عن العالم الخارجي، كما أصبحت مخططاته أوسع وأكثر انفتاحًا؛ حيث تم وضع الموظفين في كل مكان تقريبًا.
الثورة المكتبية
استحضر «المكتب الطبيعي» الألماني النشأة القيم الاشتراكية التي انتشرت في أوروبا في الخمسينيات؛ فلم يعد لرؤساء العمل امتيازًا بالحصول على أجنحة تنفيذية خاصة بهم. فقام هذا النظام على المبادئ الديموقراطية الاشتراكية المتقدمة؛ حيث اعترف وسمح بالتنوع الهائل في الأعمال المكتبية المختلفة. فشجع الموظفين من جميع المستويات الوظيفية على الجلوس معًا والمشاركة في العمل، في محاولة لتحسين التعاون والتواصل في بيئة المكتب.
وعلى عكس سابقيه المتشددين شمل هذا التصميم المكتبي مخططات مفتوحة حرة وزعت فيها قطع الأثاث لتشكل فراغات واسعة مقسمة بشكل طبيعي وحر؛ لتوفر بيئات مختلفة مقسمة بشكل أقل صرامة وأكثر ابتكارًا باستخدام الفواصل والنباتات على حسب نوعية العمل المنوط بها العاملين في تلك المنطقة. على سبيل المثال، يمكن جمع العاملين بالمجالات الإبداعية -مثل الإعلان أو الإعلام- بشكل فضفاض، إذ يمكنهم التفاعل بسهولة وبشكل أفضل؛ في حين يتم وضع أصحاب المهام البيروقراطية والإدارية في مناطق مقسمة بشكل أكثر انتظامًا.
الرجعية المكتبية
للأسف فإن طبيعة «المكتب الطبيعي» المفتوحة والفضفاضة ذات المخطط العشوائي الجذاب لم تحظَ بإقبال عالمي؛ فتطور الأمر ليظهر في أواخر ستينيات القرن الماضي اتجاه جديد ابتكره هيرمن ميلر، عُرف باسم «المكتب الفعَّال». وكان هذا أول نظام أثاث عملي نموذجي، اتصف بالفواصل المنخفضة ومسطحات العمل المرنة؛ فاختلف عمَّا سبقه بتقديم بدائل متنوعة من أطر العمل لتناسب مختلف الموظفين، بالإضافة إلى حرية حركة أوسع ودرجة أعلى من الخصوصية في أثناء العمل، وحلول للتعامل مع الضوضاء. ولا يزال هذا النموذج يُنتج حتى يومنا هذا، بل ويستخدم بشكل هائل؛ فعلى الأرجح تعرفه باسمه الشائع وإن كان مزعجًا، وهو «الزاوية» أو «المكعب».
فأضحت «مزرعة المكعبات» في ثمانينيات القرن التجسيد المتطرف لفكرة «المكعب». وكان هذا نتيجة تضخم طبقة المديرين المتوسطين؛ إذ ظهرت طبقة جديدة من الموظفين أرقى من الاكتفاء بمجرد قطعة أثاث، وفي الوقت نفسه أقل من أن يكون لها مكتب خاص. وفي محاولة من رؤساء العمل إرضاء هذه الطبقة من الموظفين بأرخص وسيلة ممكنة باستخدام تلك الوحدات النموذجية ولدت مزارع المكعبات. هكذا كانت مزارع المكعبات، وهي التجسيد المتطرف البائس لفكرة «المكتب الفعَّال»، وليدة اهتمام كبار المسئولين التنفيذيين بالأرباح على حساب راحة العاملين.
وقد حاول مصممو الأثاث تخفيف حدة تصميم مزارع المكعبات لتشجيع المؤانسة بين الموظفين دون فقدان السيطرة على الوضع؛ فابتكر نول على سبيل المثال أنظمة تتكون من حجيرات شبه مغلقة ومتحركة ذات مكاتب متصلة بحيث يمكن تشكيلها لتقسيم مساحات العمل حسب الحاجة عوضًا عن استخدام القواطع. ولم تتحسن الأحوال حتى انتشرت التكنولوجيا في مكان العمل؛ مما أجبر أصحاب العمل على إعادة النظر في تصميم المكاتب بشكل أكثر شمولية يتمركز حول الجانب الإنساني.
معضلة المكتب الحديث
تتطور طبيعة العمل المكتبي بشكل مستمر، بالتوازي مع نطاق الواجبات، وتقدم التكنولوجيا، وتغير أسلوب الإدارة، وكذلك احتياجات العاملين. فيمكن تجسيد عملية تطور المكتب في ثلاثة تغيرات محورية: من العمل الثابت إلى العمل المتنقل، ومن العمل الروتيني إلى العمل الإبداعي، ومن العمل الفردي إلى العمل الجماعي.
منذ تسعينيات القرن المنصرم جلبت شبكة المعلومات العالمية ظاهرة جديدة ظهرت لأول مرة في مكتب العمل مع نهاية القرن العشرين. فكان من شأن انتشار التكنولوجيا الحديثة وشبكة الإنترنت وأجهزة الحاسوب الآلي المتنقلة والهواتف الجوالة تحريك العمل بعيدًا عن المكتب التقليدي؛ ليبدأ عصر ذهبي جديد في تصميم المكاتب تشيع فيه وسائل أكثر مرونة للعمل، مثل العمل القائم على النشاط.
وإمكانية التنقل تعني العمل في أماكن مختلفة بالمكتب وعدم الارتباط بمكان معين، كما تنتشر الحركة الخارجية بشكل متزايد؛ فتتيح العمل من المنزل أو المقهى، أو في أثناء السفر، أو حتى في إدارات مختلفة. ولأن التنقل أصبح سمة العمل، بدأت تصميمات المكتب في احتضان فكرة «المكتب المتنقل» التي لا تُخصص مكان معين لكل موظف، بل يمكن لكل منهم اختيار المكان المتاح الذي يفضله للعمل فيه. فيوفر هذا النظام في المساحات ويستغل تقنيات التواصل الجديدة لتوفير المال، كما يروج لبيئة عمل أكثر مرونة ويشجع على التعاون.
وتسعى هذه التطورات في تصميم المكاتب إلى تغيير ثقافة العمل بالمؤسسة؛ إلا أن هذا النوع من «المكاتب الافتراضية» له عيوبه أيضًا. ففي بيئة العمل الفعلية قد يصعب على الموظفين الشعور بالانتماء؛ فحتى المكعب اللعين كان له طبيعة ملكية تسمح للعاملين بتكييف مكان عملهم مثلما يشاءون، بينما لا يمنح «المكتب المتنقل» للعاملين فرصة الاستقرار.
كذلك فإن الوظائف التي كانت قائمة على الروتين والمهام المتكررة تتغير لتصبح عملًا أكثر إبداعًا يحتاج إلى التركيز، وهو ما لا تسمح به المكاتب الحديثة القائمة على مبدأ المساحات المفتوحة. فتؤكد الأبحاث أن الضوضاء وانعدام فرصة العمل في هدوء أسوأ عيوب المساحات المفتوحة.
لذلك احتضن عدد هائل من الشركات المعلوماتية في نهاية القرن الماضي المكاتب الأصغر مساحة والتي تتسم بغرابة التصميمات ذات الألوان المبهجة، وذلك لمحاكاة الصورة التقدمية والمثيرة التي تمثلها تلك الشركات. وصممت تلك المكاتب لتشجع الانتماء إلى مكان العمل، وهو ما يساعد على تحمل ساعات العمل الطويلة التي يمضيها العاملون في أعمال البرمجة، أو تحليل البيانات، أو بناء الروابط، أو التصميم الجرافيكي؛ فحافظت تلك المكاتب ذات الطابع الغريب غير الرسمي على بعض عناصر المخطط المفتوح، وإن اتسمت بالموضوعات المبتكرة والمجموعات اللونية الصارخة والمرحة. وكذلك أدخلت روح من المرح بإضافة مناطق للاسترخاء والإبداع تحتوي على ماكينات الحلوى وأماكن للجلوس المريح والألعاب وغيرها من أشكال الترفيه. فقد أصبح زي العمل أكثر استرخاءً وأقل رسمية عن البزات التقليدية ورابطات العنق التي اعتاد الموظفون ارتداءها في القرن الماضي، وبالمثل انعكس ذلك التغيير في تصميمات أماكن العمل.
إلا أن ظهور «المكتب غير الرسمي» سعيًّا وراء تشجيع التواصل والتعاون بين الموظفين قد أظهر عيوبًا هائلة أيضًا، وبالأخص بين الموظفين المبالغين في السلوك الاجتماعي؛ إذ تكثر الشكوى من الأصوات المختلفة، والموسيقى الصاخبة، وغيرها من أسباب التشتت، بالإضافة إلى انعدام الخصوصية. وكذلك أن عدم توفر الهدوء أو الأماكن الخاصة سببًا في التهاء العاملين مع زملائهم، وهو ما يؤثر سلبًا على عملهم. وبالمثل فإن حبس الموظفين في مكاتب خاصة دون التواصل أو التعاون مع زملائهم يؤدي إلى مشكلات من نوع آخر.
تسمح المكاتب المعاصرة ذات المساحات المفتوحة والمقسمة في ذات الوقت بالتعاون والإلهام والحركة، ومن ثم الانتهاء من المشروعات المتخصصة دون القلق من التكدس أو التشويش ما بين نوع من أنواع العمل وآخر. فمن شأن بيئات العمل النشط السماح للموظفين العمل بشكل فعَّال في بيئات مختلفة داخل المساحة نفسها. ومبادرات الراحة في مكان العمل لا توفر المال من خلال زيادة الإنتاجية وتقليل الغياب عن العمل فحسب، بل تجعل الموظفين يشعرون أيضًا بالتقدير؛ مما يساعدهم على الإنتاج بفعالية وتماسك وحماس أعلى.
لذلك تضع كثير من الشركات والمؤسسات ذات التفكير التقدمي في الاعتبار التغيرات اللازمة لتحسين الراحة في مكان العمل عند تصميم المساحات المكتبية الجديدة وتجهيزها. ومع تطور قصة تصميم المكتب فإنها قد وصلت اليوم إلى درجة الاستلهام من المنزل من خلال الألوان الدافئة، والإضاءة الحميمة، وأماكن الجلوس المريحة.
وفي عالم يتزايد فيه الوعي بالتأثيرات السلبية لغازات الصوبة الزجاجية، والنقص المتزايد للوقود الأحفوري، والفوائد المادية لكفاءة الطاقة، بدأت تصميمات المكاتب في التوجه نحو الاستدامة بوصفها عنصرًا أساسيًّا. فبالإضافة إلى الفائدة العائدة على البيئة، تعود كفاءة الطاقة والاقتصاد في الإهدار بالنفع على الشركات والمؤسسات بتوفير الأموال التي كانت ستهدر على الوقود وتكاليف الأدوات المكتبية والحلول المؤقتة التي لا توفر علاجًا مستدامًا لمشكلات عدم الكفاءة.
عبر تاريخ تطور تصميمات المكاتب الطويل، ظهرت عناصر واختفت غيرها، كما عادت بعضها أو تغير استخدامها. فبدءًا من صفوف الموظفين المصطفة عبر أرضيات المصانع الكبرى، فيما يشبه خطوط الإنتاج والتي اتصف بها المكتب التايلوري، مرورًا بمزارع المكعبات التي وفرت الملكية للموظفين وإن قامت بعزلهم، فإن غالبية تصميمات المكاتب كانت امتدادًا لروح العمل الرأسمالي المتمثلة في: الإنتاجية، والتوفير، والنمو. إلا أن الموظف قد أصبح أخيرًا مركزًا لتخطيط تصميم المكتب؛ فقد أدركت الشركات والمؤسسات أن الإنتاجية تبدأ بالمنتجين، بدءًا من المديرين في القمة وحتى المتدربين في بداية المشوار.
إن مفتاح زيادة الإنتاجية والسبيل إلى التقدم في العمل هو الاعتناء بالموظفين، ومساعدتهم على النمو، وتشجيعهم على تطوير مهاراتهم، ومن ثم الاحتفاظ بهم. فتكمن العناصر الأساسية وأهمها لنجاح أي عمل في رعاية الموظف، وهو ما يبدأ بالمخططات الأولية لمكان العمل وتطوير تلك المساحة التي سيعمل بها.
المراجع
gsa.gov
k2space.co.uk
morganlovell.co.uk
nowystylgroup.com
theconversation.com
هذا المقال نُشر لأول مرة مطبوعًا في «كوكب العلم»، عدد ربيع 2018.
Cover: Image by freepik