زحل هو الأكثر مهابة بين الكواكب بفضل حلقاته الرائعة. فعلى الرغم من أنه ليس الكوكب الوحيد الذي تحيط به حلقات؛ حيث تحيط الحلقات بكلٍّ من المشتري وأورانوس ونبتون، فإن حلقات زحل هي الأكبر والأبهى. ولا بد من أن حلقات زحل الذهبية التي تعكس ضوء الشمس قد أذهلت جاليليو عندما رآها لأول مرة من خلال التلسكوب في عام 1610، أي قبل أربعمائة عام.
وفي عام 1675، اكتشف عالم الفلك جان-دومينيك كاسيني «انقسامًا» بين ما يُعرف الآن بالحلقات «أ» و«ب»؛فنعرف الآن أن تأثير جاذبية قمر ميماس التابع لزحل هو ما تسبب في حدوث هذا الانقسام البالغ عرضه 4.800 كيلو متر. ومنذ ذلك الحين يحاول علماء الفلك معرفة المزيد عن حلقات زحل؛ إلا أن كيفية نشأتها لا تزال لغزًا.
Source: Encyclopedia of Science
ما يتفق عليه علماء الفلك هو أن الحلقات تتكون من مليارات الأجسام الثلجية والصخرية التي تتراوح أحجامها من حجم حبة السكر إلى حجم المنزل. ومن المعتقد أيضًا أنها ترتبط بأقمار كوكب زحل العديدة؛ فقد تم اكتشاف تسعة وخمسين قمرًا حتى الآن تدور حوله. فهناك نظريتان حول تكوُّن حلقات زحل؛ حيث ترجح الأولى أن تكون هذه الأجسام بقايا خلفتها اصطدامات عرضية للكويكبات والنيازك بأقمار زحل، في حين ترجح الثانية أن الحلقات قد تكون مكونة من مخلفات نشأة كوكب زحل الأولى.
وغالبية أقمار زحل صغيرة الحجم نسبيًّا، إلا أنها تتضمن القمر تيتان، وهو ثاني أكبر أقمار المجموعة الشمسية؛ فيفوق عطارد، وإريس، وبلوتو حجمًا. ويظهر تيتان كنجمة من خلال التلسكوبات الصغيرة، في حين إنه يظهر قرصًا باستخدام التلسكوبات الأكبر. ولتيتان سحابة غريبة تكونت بطريقة مشابهة لتكون طبقة الأوزون عند قطبي الأرض. تتكون تلك السحابة الغريبة من الديسيانوسيتيلين، وهو أحد الهيدروكربونات التي تعطي غلاف تيتان الجوي اللون البني المائل للبرتقالي.
Image by Freepik
ومن المعروف حتى الآن أن لكوكب زحل سبع حلقات سميت بترتيب ألفبائي وفقًا لوقت اكتشافها؛ فعلى سبيل المثال، سميت أولى الحلقات المكتشفة «أ»، إلا إن اسمها ليس له علاقة بكونها الأقرب من الكوكب أو الأبعد عنه. والحلقة المركزية هي «د» ذات لون باهت جدًّا، في حين إن الحلقة الأبعد عن المركز والمكتشفة عام 2006 تتسع لمليار جسم بحجم كوكب الأرض. وتتسم الحلقة «إف» بشكل ضفيرة مثير للفضول؛ فتتكون من حلقات ضيقة كثيرة لها انحناءات، والتواءات، وتكتلات ساطعة، وهكذا تعطي انطباعًا بأنها مجدولة.
كما لوحظت شرائط محيرة في حلقات زحل، قد تتكون ثم تتلاشى في خلال ساعات. ويُعتقد أن هذه الشرائط قد تكونت بفعل المجال المغناطيسي للكوكب. فعلى الرغم من أن مجال زحل المغناطيسي ليس بقدر مجال المشتري، فإنه لا يزال أقوى خمسمائة وثماني وسبعين مرة من مجال الأرض المغناطيسي؛ حيث يجذب أي أجزاء صغيرة من الغبار الثلجي ذات الشحنات الكهربائية ويجعلها تطفو فوق الحلقات في شرائط مستقيمة داخل الغلاف المغناطيسي.
وبفضل بعثتي فويجار 1 و2، ومركبة كاسيني-هويجنز التي رعتها وكالة الفضاء الأمريكية ناسا في 2005 لتدرس كوكب زحل، وأقماره، وحلقاته، وغلافه المغناطيسي لمدة أربع سنوات، والتي هبطت في غلاف تيتان الجوي ودارت حول سطحه أربعين مرة، أصبحنا نعرف الكثير عن كوكب زحل. ومن يعرف ماذا سنكتشف بعد ذلك عن هذا الكوكب الرائع، والذي يستمر في إثارة فضولنا ودهشتنا حول إعجاز خلق الكون.
المراجع
nasa.gov
science.nationalgeographic.com
scientificamerican.com
space.com
wikipedia.org