«الطائرة بلا طيار» روبوت طائر، يمكن التحكم فيه عن بعد؛ ليحول مساره أو يطير بشكل مستقيم، وفق البرامج الموجودة بأنظمتها المدمجة؛ عن طريق توجيه إشارات إلى أجهزة الاستشعار بالطائرة.
اكتسبت تلك الطائرات اسمها «درونز» Drones من حشرة النحل؛ لتشابه الطنين الذي تصدره وهي تعمل، مع الطنين الذي تصدره مجموعة من ذكور النحل. وتبدو عملية التحكم في الطائرة بلا طيار سهلة، مع وجود جهاز التحكم عن بعد ونظام تحديد المواقع GPS، ولكنها في حقيقة الأمر أكثر تعقيدًا من ذلك.
تعمل الطائرات بلا طيار بالكهرباء، لاحتوائها على بطاريات كهربية تمدها بالطاقة. وتتحرك الطائرات أولًا حركة عمودية، تحدث عن طريق استخدام الشفرات الدوارة التي تدفع الهواء إلى الأسفل. ولأن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، فإن الهواء يبذل قوة مماثلة في الاتجاه المعاكس وهو اتجاه الدوارات أو المراوح؛ مما يدفع بالطائرة إلى الأعلى. وكلما زادت سرعة دوران الشفرات، ارتفعت الطائرة إلى الأعلى. وتلك هي الفكرة الرئيسية في عمل كل القوى الصاعدة والهابطة. وهكذا، تمكنت الطائرة بلا طيار من إتقان ثلاث حركات على المستوى العمودي؛ وهي التحليق، والارتفاع، والهبوط.
ولتستمر الطائرة في التحليق في الهواء، يجب أن تتساوى حصيلة قوى الدوارات الأربع للطائرة والتي تعمل على دفعها إلى الأعلى، مع قوى الجاذبية الأرضية التي تجذب الطائرة إلى الأسفل. أما في حالة الرغبة في الارتفاع، فيجب أن تزداد قوى الشفرات الدافعة للطائرة (سرعة دورانها) عن قوى الجاذبية أو ما يسمى بقوى الوزن، والعكس صحيح بالنسبة إلى الهبوط.
الفوائد والتطبيقات
فوائد الطائرة بلا طيار عديدة وغير قابلة للحصر؛ فمثلًا تستخدم تلك التقنية في المسح الجغرافي ورسم الخرائط، فهي أقل تكلفة كثيرًا من الطرق الاعتيادية؛ بالإضافة إلى كونها سريعة. وتعمل في معظم أجواء الطقس المختلفة، وتغطي مساحات شاسعة. وكذلك يمكنها اكتشاف المياه الجوفية عن طريق التصوير بالأشعة تحت الحمراء، ومتابعة أعمال البناء والإنشاءات لحظة بلحظة؛ لمعرفة وقت حدوث الخلل لسرعة التدخل.
يُعد استخدام تقنية الطائرة بلا طيار في مجال التغطية والإغاثة بمواقع الكوارث الطبيعية من أهم التقنيات؛ إذ يمكن أن تساعد في المراحل الأربع للكارثة، وهي: الوقاية، والتحضر، والاستجابة، والتعافي. فبالإمكان استخدامها في الاستطلاع ورسم الخرائط قبل وقوع الكارثة، والتقييم الهيكلي والكشف عن الحطام والهشيم، وعمليات الإطفاء والوجود بأماكن التسريبات الكيميائية أو الإشعاعية أو النووية، والتبليغ بالبيانات الجوية في تلك المناطق الملوثة التي تعد خطرة للوجود البشري، مثل حرائق الغابات والتلوث النووي.
وبعد وقوع الكارثة، تسهم الطائرة بلا طيار في عمليات البحث والإنقاذ عن طريق تحديد أماكن الناجين بسرعة أكبر، وتحليل لهيكلة البنايات التحتية التالفة، وتوصيل الإمدادات والمعدات، والمساعدة في الإجلاء، ونقل المصابين؛ بالإضافة إلى حماية عمال الإنقاذ من مخاطر الوجود بتلك الأماكن. كل ذلك بخلاف زوايا التصوير الصعبة، وإمكان انتشارها، ووصولها إلى أماكن خطرة.
العيوب والمخاطر
تتمتع الطائرات بلا طيار بعدد كبير من المزايا إلا أن لها عيوبًا جسيمة أيضًا. فهي تهدد الخصوصية والحريات؛ لأنها تأتي بأشكال وأحجام مختلفة، ومنها ما هو صغير جدًّا يمكنه أن يتلصص على حياة الآخرين دون أن يُلاحظ، مع الجهل التام بمصدرها أو صاحبها. هذا، بالإضافة إلى عدد من العيوب الفنية، مثل: قصر وقت الرحلات التي تقوم بها الطائرة، وسهولة تأثرها بالطقس، واحتمال اصطدامها بالناس أو المباني، أو المعالم الأثرية، ودخولها مجالات جوية غير مسموح فيها بالطيران، ومحاولة بعضهم لاستخدامها في أغراض منافية للقانون، مثل نقل المواد المخدرة وغيرها.
تحتاج تقنية الطائرة بلا طيار إلى قوانين تنظم استخدامها كغيرها من التقنيات الحديثة والباهرة في عصرنا الحديث. تظهر عيوب ومساوئ الطائرة وأخطارها على الأمن القومي للبلاد؛ إذ يمكن استخدامها بسهولة لأغراض التجسس، حتى إلقاء أسلحة حربية أو بيولوجية؛ مما دفع بعض البلدان إلى منع تداولها وبيعها بين أراضيها، ومصادرة أي شكل من أشكالها عند محاولة عبورها للحدود.
بلا شك، تعد الطائرات بلا طيار من أفضل ما اختُرع في مجال التكنولوجيا الحديثة، ولها من المزايا والتطبيقات ما نعجز عن حصره، ولها أيضًا من العيوب والمخاطر ما هو مثير للقلق ومدعاة للتحفظ؛ لذا يجب التعامل مع تلك التقنية بانضباط وحذر شديدين؛ للاستفادة القصوى من مزاياها، والحد قدر المستطاع من عيوبها.
المراجع
airbornedrones.co
dronetechplanet.com
gleassociates.com
wired.com
Image by diana.grytsku on Freepik.