بينما يشهد عالمنا ارتفاعًا متزايدًا في درجات الحرارة ومواسم جفاف أطول، أصبحت حرائق الغابات أكثر تواترًا. فقد صارت مشاهد حرائق الغابات الخارجة عن السيطرة مألوفة حول العام صيفًا وراء الآخر. ويقول رجال الإطفاء أن الوقت عامل جوهري في إخماد الحرائق؛ فكلما اكتُشف الحريق في وقت أبكر، كانت السيطرة عليه أسهل. ولكن عادة ما تُكتشف حرائق الغابات متأخرًا، إذ يشتم أحد المارة رائحة الدخان أو يرى أعمدته المتصاعدة عن قبيل الصدفة ثم يبلغ السلطات المحلية بالأمر. ما نحتاج إليه هو طريقة أسرع وأكفأ وأكثر احترافية لرصد حرائق الغابات،
وهنا يأتي «الأنف الإلكتروني» لنجدتنا. والأنف الإلكتروني عبارة عن جهاز «يشم» الهواء ويرصد وجود غازات معينة –مثل الهيدروجين وأول أكسيد الكربون– تدل على أن هناك ثمة حريق مندلع، ثم ترسل إشارات من خلال شبكات لاسلكية لإبلاغ السلطات. تستطيع هذه الأجهزة أيضًا تحديد مكان الحريق بدقة، وهو ما يسهل وصول رجال الإطفاء إلى الموقع وبدء عملهم بسرعة.
تهدف شركة «دراياد نيتوركس» Dryad Networks –وهي إحدى الشركات المصنعة للأنوف الإلكترونية– إلى إنتاج 120 مليون جهاز لتعمل بمثابة مستشعرات للحرائق حول العالم بحلول عام 2030. وتقدِّر الشركة أنه من شأن ذلك «إنقاذ 3.9 مليون هكتار من الغابات من الاحتراق»، وهذا بدوره سيحول دون «دخول 1.7 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون إلى غلافنا الجوي».
صُمِّم هذا المستشعر لرصد حرائق الغابات بسرعة كبيرة، وذلك خلال دقائق بينما يكون الحريق لا يزال في مرحلة مبكرة، وهو أيضًا مصمم لتجنب الإنذارات الكاذبة. الأنوف الإلكترونية مصممة لرصد أي تغيرات في ظروف الغابات؛ ومنها الرطوبة وجودة الهواء ودرجة الحرارة ووجود غازات معينة. وفي حالة رصد أي انحرافات، ينشط النظام ويرسل التنبيهات والبيانات التي سجلها إلى السلطات.
من شأن استخدام تقنيات الرصد المبكر أن تساعد الدول على تجنب حرائق الغابات الضخمة وما يتنجم عنها من تداعيات سلبية، مثل الوفيات، والتلوث، والأمراض التنفسية، وفقدان الموائل والحياة البرية، والخسائر في الممتلكات. وذلك فإن تطبيق مثل هذه التكنولوجيا عالميًّا سيكون إنجازًا عظيمًا، لأن منع وقوع الضرر أفضل كثيرًا من البحث عن حلول بعد وقوعه بالفعل.
المراجع
telegraph.co.uk
dryad.net
edition.cnn.com
اقرأ مزيدًا في مجلة «كوكب العلم»
مقال «حرائق الغابات»، بقلم سهام الشريف.