لا شك أن السكر من أكثر المواد التي تشعرنا بالسعادة، واستخدامه في الحلويات المتنوعة والمشروبات اللذيذة تجعله مفضلًا لدى الجميع تقريبًا. وبالرغم من أن الدراسات الحديثة أثبتت أضرار كثيرة لاستهلاك السكر الأبيض، وضرورة استبداله بمصادر أخرى للتحلية، إلا أن فكرة الامتناع عنه تعد معضلة لكثيرين، لأن البدائل لا تقدم تأثير السكر نفسه على الحالة النفسية.
تأثير تناول السكر على المدى القصير
الفكرة الشائعة أن تناول السكر يحسن الحالة المزاجية؛ ورغم صحتها إلى حد ما، يُعد هذا التأثير مؤقت. فعند تناول أي طعام يحتوي على السكر الأبيض، ترتفع نسبة السكر في الدم سريعًا، ويعرف باسم «اندفاع السكر». وهذا الارتفاع المفاجئ المؤقت يجعلنا في حالة نشاط ويقظة كما تتحسن الحالة المزاجية بشكل ملحوظ. وكذلك تتأثر نسبة هرمون الدوبامين –أحد هرمونات السعادة ويرتبط بفكرة المكافأة– لذا نجد أشخاصًا عديدين يلجئون إلى تناول السكريات عند الشعور ببعض المشاعر السلبية أو الكآبة أو الإحباط، أو بوصفها طريقة لمكافئة أنفسهم على إنجاز ما.
تأثير تناول السكر على المدى البعيد
بالرغم من التأثير الإيجابي السريع للسكر على الحالة النفسية، إلا أن آثاره على المدى البعيد تضر الصحة النفسية، كما يمكن أن تصيب الإنسان بأمراض نفسية مثل الاكتئاب. ومع استمرار تناول السكر المضاف، تزداد فرصة حدوث التهابات، كما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم؛ وكلاهما يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب على المدى الطويل.
وخطورة الأمر تكمن في تعامل الشخص مع أعراض الاكتئاب بتناول مزيدًا من السكريات، لتتحسن حالته النفسية بسرعة شديدة لتنخفض بعدها بوقت قصير فيتناول مزيدًا ويدخل في حلقة مفرغة من محاولة تحسين مزاجه، وفي الحقيقة يدخل في دور اكتئاب. وكذلك ارتفاع جلوكوز الدم سريعًا ثم انخفاضه بشدة بعد فترة قصيرة يساهم في اختلال نسب الهرمونات في الجسم وخاصة الهرمونات المسئولة عن الشعور بالسعادة؛ وأشهرها الدوبامين والأدرنالين.
تأثير تناول السكر المضاف على الذاكرة والقدرة على التعلم
أشرنا من قبل إلى أن استهلاك السكر المضاف باستمرار يزيد من الالتهابات بالجسم؛ الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تدهور بعض القدرات العقلية لدى الإنسان، فتظهر بعض الأعراض مثل الارتباك والنسيان.
ومن تأثيرات تناول السكر المعروفة أيضًا مقاومة الإنسولين التي بدورها تسبب السمنة، وتزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني. ورغم أن هذه الأعراض تعد جسدية، تؤثر مقاومة الإنسولين بشكل هائل أيضًا على خلايا المخ الخاصة بالتعلم والذاكرة. وكذلك عدم استقرار مستويات السكر في الدم يمكن أن يجعل الدماغ يفرز الغلوتامات؛ وهو ناقل عصبي يرسل إشارات بين الخلايا العصبية الضرورية للتعلم والذاكرة، ولكن الزيادة في إفرازه يمكن أن يسبب الاكتئاب والقلق.
هل يوجد حد آمن لاستهلاك السكر المضاف؟
توجد مدارس وتوجهات عديدة تفيد بالامتناع النهائي والتام عن استهلاك السكر الأبيض؛ ومع ذلك توصي جمعية القلب الأمريكية باستهلاك أقل من 10% من السكر المضاف من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، ولكن الأفضل استهلاك أقل من 6% من إجمالي السعرات الحرارية اليومية من السكر الأبيض لتجنب مخاطره في التأثير على الصحة النفسية.
*****************************************
من المعروف أن السكر الأبيض المضاف يحسن من الحالة النفسية للإنسان، لكن ذلك على المدى القصير فحسب، وأما على المدى البعيد، فيمكن أن يسبب مشكلات نفسية وأعراض متعلقة بالذاكرة والتركيز، لذا يُنصح باستهلاك أقل قدر ممكن من السكر الأبيض المضاف أو استخدام بدائله الآمنة.
المراجع
ableto.com
realsimple.com
Image by 8photo on Freepik