صانعات الشرانق من الموهبة الفطرية إلى التحسين الجيني

شارك

ذات مرة في طفولتي، أحضرت لي عمتي التي كانت تعمل مهندسة زراعية حفنة من ديدان القز. وكنت أذهب أنا ووالدي لإحضار أوراق التوت لإطعامها من شجرة قريبة من منزلنا. كنت أستمتع كثيرًا بمشاهدة حركاتها المتناغمة وهي تتغذى، كان مشهدًا مهدئًا للأعصاب.

والآن وقد كبرت، أدركت الشيء الملهم في هذه الكائنات الصغيرة، وهو أنها تعيش حياة منضبطة جدًّا وتحقق أهدافها وفقًا لخطة منظمة. ديدان القز لها قيمة اقتصادية كبيرة بالنسبة للبشر، وتلك القيمة في تزايد مستمر بفضل التطورات التكنولوجية.

دورة حياة دودة القز

دورة حياة دودة القز

عادة ما تستغرق دورة حياة دودة القز من45 إلى 55 يومًا. في أثناء طور اليرقة أو الدودة الذي يستمر لنحو 24 إلى 28 يومًا، تركز الديدان على مهمة واحدة، وهي التغذية. فتلتهم أوراق أشجار التوت بنهم كبير وبكميات هائلة لتحصل على المغذيات التي تحتاج إليها لنسج شرانقها فيما بعد.

بعدها تبدأ اليرقة الناضجة في نسج شرنقة حول نفسها باستخدام خيط حريري يتم إفرازه من غدد موجودة في فمها. تستمر هذه العملية بضعة أيام وقد يصل طول الخيط إلى 915 مترًا. وفي النهاية، تصبح الشرنقة تحفة معمارية منفذة بمادة ذات قيمة افتصادية عالية. ثم تتحول الدودة داخل شرنقتها المتينة الآمنة إلى طور العذراء.

ويستغرق طور العذراء من 8 إلى 10 أيام قبل أن تتحول إلى عثة بالغة. تعيش العثة من 3 إلى 4 أيام فقط، تضع خلالها من 300 إلى 500 بيضة، ثم تموت. بعدها يفقس البيض خلال أسبوع أو اثنين حسب درجة الحرارة، ثم تبدأ اليرقات الصغيرة الدورة من جديد.

تاريخ موجز لإنتاج الحرير الخام

Attributed to Liang Kai
Cleveland Museum of Art.

قبل نحو 4000 عام، استطاع الصينيون حلَّ شرنقة دودة القز ونسج الخيوط لتصنيع نسيج الحرير القيِّم الذي لا نزال نستخدمه حتى يومنا هذا. وبعدها بفترة قصيرة أصبحت القِزازة، أو إنتاج الحرير الخام، سمة بارزة لاقتصاد المناطق الريفية في الصين،

حتى أن طرق القوافل التجارية القديمة الشهيرة المعروفة بطريق الحرير اكتسبت اسمها من تجارة الحرير المزدهرة آنذاك؛ إذ كانت الصين هي المُنتج الوحيد للحرير. ولكن قرابة منتصف الألفية الأولى بعد الميلاد، تسربت أسرار القِزازة إلى أوروبا. وبعدها انتشرت تدريجيًّا حول العالم حتى وصلت إلى الأمريكتين في أوائل القرن السابع عشر.

ويعتمد معظم إنتاج الحرير الخام حاليًّا على تربية أعداد ضخمة من ديدان القز المستأنسة.

المستقبل الواعد لإنتاج الحرير الخام

يتميز الحرير الطبيعي بالأناقة والنعومة والقوة، ولذلك يطلق عليه النسيج الملكي. ومع ذلك، فإن التقدم التكنولوجي يستطيع إكسابه صفات أفضل. على الرغم من أن الحرير الطبيعي الذي تنتجه ديدان القز وذلك الذي تنتجه العناكب معروفان بقوتهما، فإن حرير العنكبوت أقوى مرتين على الأقل. ولكن إنتاج العناكب من الخيوط أقل كثيرًا من ديدان القز؛ فهي تنسجه بشكل أساسي لبناء شباك الصيد، وهذا يجعل الإنتاج التجاري لحرير العناكب صعبًا جدًّا.

وقد وجد فريق من الباحثين في جامعة دونغهوا الصينية، بقيادة الباحث جون بنج ميجون بنج مي، طريقة للجمع بين مميزات حرير العناكب وآلية إنتاج الحرير الخاصة بديدان القز، وقد نشرت الدراسة حديثًا في سبتمبر 2023، فاستطاع الفريق باستخدام تقنية التحرير الجيني الفريدة كريسبر/كاس 9 وضع التعليمات الخاصة بإنتاج البروتين المسؤول عن إنتاج حرير العنكبوت في التركيب الجيني لديدان القز. ووفقًا للباحثين، فإن النسيج الناتج «يقدم إمكانات واعدة بوصفه بديلًا مستدامًا للألياف التجارية الاصطناعية».

دورة حياة دودة القز من طور البيضة إلى الفراشة في دقيقة واحدة.

المراجع

britannica.com/animal/silkworm-moth
britannica.com/topic/silk
cell.com
everythingsilkworms.com.au
everythingsilkworms.com.au
bibalex.org/SCIplanet
hts.assam.gov.in
mansfieldct-history.org

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية