المقالات

ويلات التحليق في السماء الساخنة

شارك

بالنسبة إلى شخص مثلي يعشق السفر حول العالم، وحالفه الحظ والتوفيق لفعل ذلك من أجل العمل والمتعة، فإن السفر جوًّا أمرًا لابد منه. ومع ذلك، رغم تجاربي الكثيرة مع الطيران فإنه لا يزال شاقًّا بالنسبة لي. لأكون صريحة تمامًا فأنا لا أشعر بالراحة أبدًا عند ركوب أي وسيلة مواصلات لا أقودها بنفسي –وهو أثر مؤسف لحادثة طريق مميتة تعرضت لها في سنوات المراهقة.

الواقع أنه حسب موقع «سي إن إن بيزنس» فإن: «الطيران أكثر أمنًا من معظم وسائل السفر، وهو أكثر أمنًا بكثير من السيارات التي يركبها الناس يوميًّا بدون أدنى تردد». ولكن الاضطرابات الجوية ليست أمرًا بسيطًا، ويبدو أن التغير المناخي يزيد الأمر سوءًا.

أولًا: ما الاضطرابات الجوية؟

هي تحركات هوائية غير منتظمة تتسبب فيها الدوامات والتيارات العمودية. وترتبط بالأحداث المناخية، ويمكنها أن تُحدِث مطباتٍ غير مريحة أو حتى تُخرِج الطائرة عن السيطرة، مما يؤدي إلى حدوث «تدحرجات وتأرجحات فوضوية». هناك ثلاثة أنواع من الاضطرابات التي تؤثر في الطائرات:

  1. تنشأ الاضطرابات القريبة من السحب أو الناجمة عن الحمل الحراري عن الطيران بالقرب من عاصفة أو عبرها؛ والعواصف الرعدية هي المصدر الرئيسي للاضطرابات في المناطق الاستوائية.
  2. تحدث اضطرابات الأمواج الجبلية عند التحليق فوق السلاسل الجبلية؛ ويقول العلماء إن هذه الدوامات المضطربة تحدث عادةً في اتجاه الريح من قمم الجبال.
  3. تحدث اضطرابات الهواء الصافية في المجال الجوي العلوي نتيجة لشيء يسمى قص الرياح. وهنا تزاح الطائرة عن مسار رحلتها جرَّاء التغيرات السريعة في سرعة الرياح أو اتجاهها على ارتفاعات مختلفة.

وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، فإن: «الاضطرابات الجوية واحدة من أكثر الظواهر الجوية التي لا يمكن التنبؤ بها، وتظهر الأبحاث أن الاضطرابات الشديدة أصبحت أكثر احتمالية مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب».

كيف يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم الاضطرابات الجوية؟

في مايو 2024، بعد أن تسبب إضطراب جوي تعرضت له إحدى الطائرات في مقتل أحد الركاب وإصابة عدد آخرين، حذر الباحثون من ارتباط ازدياد سخونة الهواء بالاضطرابات. ففي الغلاف الجوي يمكن للهواء الأسخن حمل مزيد من بخار الماء، مما يتسبب بدوره في درجات حرارة أدفأ. وصرح الباحثون أن هذا يمكن أن يحدث فروقات في درجة حرارة الهواء، مما يزيد من قص الرياح.

فتشير الاكتشافات إلى إمكانية ارتفاع احتمالات وقوع اضطرابات قوية قد تتسبب في إصابات فوق شمال الأطلنطي مرتين أو ثلاثة مرات أكثر ما بين 2050 و2080. يقول بول ويليامز، عالم الغلاف الجوي بجامعة ريدينج الذي يبحث في الاضطرابات الجوية، لموقع «نيتشر نيوز»: «لا يعني هذا أننا سنتوقف عن الطيران أو أن الطائرات ستتساقط من السماء. كل ما أقوله هو إنه في مقابل كل عشرة دقائق اختُبرت فيها الاضطرابات الجوية الشديدة في الماضي، فإن هذه الفترة قد تمتد إلى عشرين أو ثلاثين دقيقة في المستقبل».

هل تنقذنا الطيور؟

أظهرت دراسات سابقة أن تحركات الحيوانات يمكن أن تساعدنا في تحديد قوة التيارات الحرارية الصاعدة، واتجاه الرياح وسرعتها. والآن يقول الباحثون من جامعة سوانزي إن ما تختبره الطيور مع الرياح يمكن أن يساعدنا في التنبؤ بالاضطرابات الجوية.

فالطيور كثيرًا ما تهاجر لمسافات كبيرة؛ حيث تملي عليها سرعة الرياح واتجاهها والاضطرابات الجوية الطريق الذي تسلكه وقدر الطاقة التي تحتاج إلى بذلها. ويقترح بحث جامعة سوانزي إمكانية استخدام المجسات التي تحملها الطيور لجمع معلومات عن الاضطرابات الجوية، مثلما تستخدم المجسات التي تحملها الفقمات لقياس ملوحة مياه البحر ودرجة حرارته.

تقول إيميلي شيبارد، خبيرة تحليق الطيور وتدفق الهواء بجامعة سوانزي في ويلز: «الناس يضعون بالفعل معدات استشعار على الحيوانات لكثير من الأسباب المختلفة وفي بيئات متنوعة. فهم يمثلون عينات بيئية فعالة طوال الوقت».


إن تقنيات استشعار الاضطرابات الجوية في تحسن مستمر؛ فيمكن للطيارين حاليًا استخدام تنبؤات الاضطرابات الجوية التي تشير إلى أسلس المسارات التي يمكن سلكها. في كثير من الأحيان تحدد الاضطرابات الناجمة عن الطقس العاصف من خلال مراكز الطقس والأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار والرادارات الأرضية. ومع ذلك، لا يزال من الصعب التنبؤ بشكل موثوق بالاضطرابات الجوية. إلا أنه على الرغم من أنها لا تزال مكلفة ويصعب تطبيقها عمليًّا، فإن التطورات في تقنيات «الكشف عن الضوء وتحديد المسافات» (الليدار) أظهرت نتائج واعدة.

المصادر والمراجع

www.washingtonpost.com

www.smithsonianmag.com

Cover Image by freepik

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية