«الذكاءات المتعددة» نظرية وضعها هوارد جاردنر، أستاذ في جامعة هارفرد؛ حيث حدد ثمانية أنواع مختلفة من الذكاء، لدى كل فرد القدرة على امتلاكها. وفكرة الذكاءات المتعددة تعد أمرًا هامًّا؛ لأنها تسمح للمعلمين بتحديد نقاط القوة والضعف المتباينة لدى الطلاب، وكذلك تُعارض فكرة أن الذكاء يمكن قياسه باختبار (الآي كيو). وفي البحث عن عبقرية، تبين أن نظرية هوارد جاردنر عن الذكاءات المتعددة تُقدم بديلًا رائعًا لطريقة نسبة الذكاء القابلة للقياس الشائعة.
ويبرهن جاردنر على ذلك بأن الذكاء يُصنف إلى ثلاث فئات رئيسية أو شاملة، تتكون بفضل القدرات. ووفقًا لجاردنر، الذكاء هو: القدرة على خلق مُنتج فعَّال، أو تقديم خدمة ذات قيمة في ثقافة ما؛ ومجموعة من المهارات التي تجعل حل المشكلات في حياة الفرد أمرًا يسيرًا؛ واحتمالية إيجاد أو خلق حلول للمشكلات، والتي تتضمن جمع معرفة جديدة.
ويقول جاردنر إن تلك الفروق تتعارض مع نظام تعليمي يفترض أن الجميع بإمكانهم دراسة نفس المواد بنفس الطريقة، وإن مقياسًا موحدًا وعالميًّا يكفي لاختبار تعلم الطلاب. وفي الواقع، وكما هو متعارف عليه في الوقت الحالي، ينحاز نظامنا التعليمي بشدة إلى الوسائط اللغوية المستخدمة في التدريس والتقييم، وكذلك، بدرجة أقل إلى حدٍّ ما، إلى الوسائط الكمية المنطقية. ويوضح جاردنر أن هناك مجموعة متباينة من الافتراضات تعد إلى حدٍّ كبير مؤثرة تربويًّا. فالطلاب يتعلمون بطُرق تُعرف بتميزها؛ ويمكن خدمة سلسلة واسعة من الطلاب، وربما المجتمع ككل، بشكل أفضل إن قُدمت المناهج بعدة طرق، وإن قُيمت عملية التعلم بوسائل متنوعة.
وتتلخص الذكاءات الثمانية المقترحة من قبل هذه النظرية على النحو التالي:
1- الذكاء البصري / الفراغي: يشمل الإدراك البصري للبيئة، والقدرة على الخلق والتلاعب بالصور الذهنية، وتكيف الجسم في الفضاء.
2- الذكاء اللفظي / اللغوي: يشمل القراءة، والكتابة، والنطق، والتحدث بلغة الفرد أو بلغات أجنبية.
3- الذكاء الرياضي / المنطقي: يشمل مهارات الأعداد والحوسبة، وتميز الأنماط والعلاقات، والانضباط والنظام، والقدرة على حل مختلف المشكلات عن طريق المنطق.
4- الذكاء البدني / الحركي: يشمل التنسيق البدني والمهارة، وذلك باستخدام المهارات الحركية الدقيقة والجسيمة، والتعبير عن النفس أو التعلم عبر الأنشطة البدنية.
5- الذكاء الموسيقي: يشمل الفهم والتعبير عن النفس عبر الموسيقى والحركات الإيقاعية أو الرقص، أو التلحين، أو العزف، أو القيادة الموسيقية.
6- الذكاء الاجتماعي: يشمل فهم كيفية التواصل مع الآخرين وفهمهم، وكيفية العمل بشكل متعاون.
7- الذكاء الذاتي: يشمل فهم المشاعر والأفكار الداخلية لدى الفرد، وتزايد القدرة على التحكم بها والتعامل معها بوعي.
8- الذكاء الطبيعي: يشمل فهم الطبيعة بما بها من نباتات وحيوانات، وملاحظة خصائصها، وتصنيفها. كما أنه يتضمن الملاحظة الدقيقة والقدرة على تصنيف الأشياء الأخرى.
وبعد فترة وجيزة من وضع تلك النظرية قيد التطبيق العملي، قد لاقت قبولًا واسعًا في المجتمع العلمي والتعليمي. ومع ذلك، هناك عديد من الآراء التي تُشكك في دقة بعض الافتراضات الأساسية للنظريات. وقد وجدت اختبارات الذكاء والقياسات النفسية أن هناك ارتباطات وثيقة بين أوجه الذكاء المختلفة، عوضًا عن الارتباطات الضعيفة التي تنبأت بها نظرية جاردنر، وبدعم النظرية السائدة للذكاء العام بدلًا من الذكاءات المتعددة. وقد اُنتقضت النظرية بدقة من قبل الاتجاه النفسي؛ حيث تفتقر إلى الأدلة التجريبية، واعتمادها على الحكم الموضوعي.
وخلاصة القول، أكد جاردنر في نظريته على أن الأفراد يمتلكون مزيجًا من الذكاءات ولا يحكمهم نوع واحد فقط. ووفقًا لهذه النظرية، ينبغي أن تعالج المؤسسات التعليمية كلاًّ من تلك الذكاءات على حدة في مناهجها الدراسية. وبشكل عام، بينما نتجه إلى استخدام مزيج من الوسائط أو الوسائط المتعددة، يصبح من الأيسر تحقيق هذا الهدف. وبينما نفهم أنماط التعلم، يصبح من الواضح لنا لماذا تجذب الوسائط المتعددة المتعلمين، ولماذا يكون مزج الوسائط أكثر فعالية.
المراجع
cse.emory.edu
tecweb.org
educ.ualberta.ca