من الحلول المحتملة للتعامل مع مشكلات التعليم السائدة في إفريقيا هذه الأيام التكنولوجيا؛ مثل الكمبيوترات، والهواتف المحمولة، والأقمار الصناعية، ... إلخ. والسؤال الملح هو: هل البيئة في إفريقيا مهيأة للوصول إلى أهداف التكنولوجيا المتقدمة؟ وهناك عدة مقترحات مفصلة في هذا الشأن للإدخال الفَعَّال للتكنولوجيا المتقدمة في عملية التطوير في إفريقيا.
بنظرة عامة على الوضع في إفريقيا، نجد أن الدول الإفريقية ضعيفة للغاية سواء اقتصاديًّا، أو سياسيًّا، أو اجتماعيًّا. فهناك أزمة مالية غير مسبوقة جرَّاء أعوام من الإدارة السيئة، والصرف غير الحكيم، وعدم الاكتراث بالمستقبل. ولعدم وجود بيئة صالحة اقتصاديًّا، لم تنمُ الغرائز والمهارات التجارية الطبيعية لدى الشعوب الإفريقية؛ وبطبيعة الحال فقد جف الاستثمار الخاص. وينعكس هذا الوضع الهش مباشرة على جودة المؤسسات التعليمية في إفريقيا وطبيعتها.
وقد أجرت السلطات التعليمية خلال الثلاثة أعوام المنصرمة التجارب مع المعامل الوسائطية في أكثر من ستين مدرسة ثانوية في أبوجا بنيجيريا. إلا أن المشكلة تكمن في عدم تحمس المدرسين بالمرة نحو التكنولوجيا؛ فهم مطالبون بشراء أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم والتي سيحتاجونها للعمل. وبالأخذ في الاعتبار مرتباتهم المنخفضة، فسيستلزم المدرسين بضعة أعوام لسداد قيمة الأجهزة؛ إلا أن شركات مثل إتش بي (HP) قد تدخلت، مقدمةً برامج خاصة تسمح للمدرسين بالسداد بالقسط.
بينما يمكن منح المدرسين منفذًا للتكنولوجيا عن طريق برامج الشراء الخاصة فهناك تحدٍّ آخر لا يمكن تخطيه بمثل هذه السهولة. فكثير من الأفراد يعترضون على هذا الاتجاه من التطوير، قائلين بأنه قبل الكلام عن التكنولوجيا في الفصل يجب التحدث أولًا عن الكهرباء. للتعامل مع تلك المشكلة فإن القائمين على شركة "أوشاهيدي" للبرمجة غير الهادفة للربح في كينيا يطورون جهازًا شبيهًا بالمودم من المفترض أنه يقوم بالتحويل إلى إنترنت الهاتف المحمول عند انقطاع الكهرباء، وله بطارية تستمر لثماني ساعات، ويطلق عليه اسم "بريك" (BRCK). كما تقوم عملاقة البرمجة مايكروسوفت ببث الإنترنت عن طريق ترددات التليفزيون غير المستخدمة في كينيا؛ الأمر الذي يساعد على خفض الاعتماد على الكهرباء. ولشركة جوجل مشروع مشابه في جنوب إفريقيا.
في جنوب إفريقيا يستخدم مشروع "إم-أوبونتو" الأجهزة المحمولة لدعم المعلمين محدودي الدخل ومساعدة الطلاب. ويتمحور التحدي الذي يواجه جنوب إفريقيا وأجزاء عديدة من العالم النامي حول المساواة؛ بما في ذلك المساواة في الفرص وفي بناء المهارات، والمساواة الاقتصادية - الاجتماعية، والمساواة الإنسانية، والمساواة بين الجنسين.
فقد بدا واضحًا أن النجاح في مخاطبة المساواة في القرن الواحد والعشرين يستلزم التخصيص الاجتماعي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات للاستفادة المحلية. وقد تجلى "الجوع المطلق" للشعب لتكنولوجيا معلومات واتصالات مناسبة اجتماعيًّا من أجل الاستفادة المحلية في تبني تكنولوجيا الهواتف المحمولة في إفريقيا. فلدى إفريقيا 695 مليون مشترك في خدمات الهاتف المحمول ومعدل اختراق يصل إلى 65٪؛ بل وفي دول عديدة – منها جنوب إفريقيا – فإن معدل الاختراق يقترب من 100٪.
إجمالاً فإن التكنولوجيا المتقدمة تقوم بدور قيادي في المجتمع الحديث في جميع أنحاء العالم. والأدوات الحديثة هامة بشكل خاص بالنسبة للنمو في إفريقيا؛ حيث تمنح الفرصة للأجيال الجديدة للمشاركة، والانخراط، والتقديم، مما يجمع الخبرات عبر القارة ولما أبعد منها. والفضاء الافتراضي الذي يقدمه المنبر الرقمي هو أكبر فضاء رأته الإنسانية عبر تاريخها؛ من حيث الجاذبية، والفورية، واللاحدودية.
المراجع
ke.undp.org
sanews.gov.za
southafrica.info
dw.de