كان مصطفى كمال محمود عالمًا، ومفكرًا، وكاتبًا، وفيلسوفًا مصريًّا عرف بدوره في وصل العلم والإيمان الديني. وقد تدرب طبيبًا، ولكنه اختار أن يعمل صحفيًّا وكاتبًا في وقتٍ لاحق؛ حيث سافر كثيرًا وكتب عن العديد من الموضوعات المتعلقة بفلسفة العلوم والدين.
ولد مصطفى محمود في 27 ديسمبر 1921، في شبين الكوم بمحافظة المنوفية، وتربى في عائلة من الطبقة المتوسطة بالقرب من مسجد شهير في طنطا؛ حيث تعلم هناك. كان حلم طفولته أن يصبح مخترعًا، أو مستكشفًا، أو رحالة، أو عالمًا عظيمًا. وقد أثرت الخلفية الدينية التي تربى عليها في تطور تفكيره التحليلي الذي ساعده على التحقق من جميع الأفكار والمعتقدات وتحليلها، بما في ذلك إيمانه الديني. فأثناء دراسته للطب، كان يقضي ساعات طويلة في المشرحة محدقًا في جثث الموتى ومفكرًا في الموت والحياة ما بعد الموت. وفي عام 1960، قرر أن يتخلى عن مهنته كطبيب؛ ليسافر إلى جميع أنحاء العالم للبحث عن إجابات للأسئلة التي شغلت باله.
أثناء سفره عاش مصطفى محمود في الجزائر، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، واليونان، وإيطاليا، وكينيا، ولبنان، والمغرب، والمملكة العربية السعودية، والسودان، وتنزانيا، وأوغندا، والولايات المتحدة الأمريكية. في كل محطة عاش مصطفى محمود بين أمة مختلفة؛ حتى يتعرف على طريقة معيشتها وفهم فلسفتها في الحياة. وأثناء تنقله من مكان إلى آخر، كانت لديه رحلة أكبر بداخله؛ فقد استقل سفينة العلم، والمعرفة، والدين بدءًا من المذهب الديني الهندي، وزرادشت، وبوذا، انتهاءً بموسى، وعيسى، ومحمد. وأخيرًا، وجد راحته ونفسه في القرآن؛ فأنهى سفره وكرس نفسه تمامًا للتفكير والتأمل. فقد عاش بين الفقهاء، والعلماء، والمتصوفين؛ حيث اكتشف أن القرآن هو المحيط الذي تدور حوله كل فروع المعرفة.
تم نشر خمسة وسبعين كتابًا لمصطفى محمود؛ تحول ستة منها إلى أعمال مسرحية: «زلزال»، و«رجل وضل»، و«الإسكندر الأكبر»، و«العصابة الاجتماعية»، و«رائحة الدم»، و«الشيطان الذي يعيش في منزلنا». وقد تم تقديم أحد الكتب، الذي يحمل عنوان «المستحيل» في السينما، في حين تناول خمسة وعشرون كتابًا المواد الإسلامية؛ أما بقية الكتب فتحتوي على دراسات وقصص قصيرة.
ووجه مصطفى محمود يعرفه جميع المصريين، وذلك بفضل برنامجه التلفزيوني «العلم والإيمان» الذي كان يقدمه. تم تقديم أكثر من أربعمائة حلقة من هذا البرنامج على التلفزيون؛ حيث ناقش مجموعة متنوعة وواسعة من المواضيع المتعلقة بالعلوم والفلسفة. وقد توفي مصطفى محمود في 1 نوفمبر 2009 عن عمر يناهز الـثمانية والثمانين، تاركًا وراءه تراثًا فلسفيًّا وعلميًّا لن ننساه.
المراجع
www.mostafamahmoud.net