يكفي أن تذكر مصطلح « الكائنات المعدلة وراثيًّا» في أي مكان لتجد آراءً مختلفة، سواء كانت مع أو ضد. ولكن قبل أن نتطرق لهذا الجدل لنتعرف أولاً على ماهية الكائنات المعدلة وراثيًّا.
الكائن الحي المعدل وراثيًّا هو كائن تم تعديله معمليًّا عن طريق نقل جين أو عدة جينات منتقاة من كائن آخر، بغرض إضافة صفة لم تكن موجودة به من قبل. وقد ازدهرت الزراعة بفضل تهجين النباتات، وهي عملية تغيير تركيب النبات؛ لجعله أكثر مقاومة لبعض الأمراض، أو أكثر تحملاً لبعض الظروف الطبيعية كالجفاف.
وتحتاج عملية تحسين إنتاجية المحاصيل إلى نقل اللقاح من النباتات ذات الصفات المطلوبة إلى زهرة نبات آخر، بهدف إنتاج نبات جديد يحمل تلك الصفات. إلا أن تلك العملية كانت تستهلك وقتًا طويلاً وجهدًا كبيرًا في الماضي كما أنها لم تنجح في كثير من الأحيان. ولكن الآن ومع التقدم التكنولوجي الحديث، تطورت هذه العملية كثيرًا؛ حيث قدم العلم عدة طرق لتقليل الوقت اللازم لإنتاج سلالات نباتية جديدة. فانتقلت العملية إلى المعمل؛ حيث أصبحت أكثر دقة وفاعلية من ذي قبل.
وقد عكف العلماء على تطوير سلالات نباتية تستطيع إنتاج مبيد للآفات ذاتيًّا؛ لتقليل كمية الكيمياويات التي يستخدمها المزارعون في رش النباتات عادةً. فباستخدام تقنيات الهندسة الوراثية، تم تطوير سلالة الأرز الذهبي، بهدف توفير فيتامين (أ)؛ للقضاء على أمراض سوء التغذية الذي يعاني منه مئات الأطفال في الأماكن الفقيرة والمعدمة. ويُعد نقص هذا الفيتامين في النظام الغذائي سببًا رئيسيًّا في وفاة مئات الآلاف من الأطفال يوميًّا؛ لذلك قد يصبح الأرز الذهبي مُنقذًا لأرواحهم. على الرغم من ذلك، فلم يتم إنتاج هذا النوع من الأرز على نطاق واسع حتى الآن بسبب الجدل المثار حول التعديل الوراثي للكائنات الحية.
فيواجه التعديل الوراثي للكائنات الحية مشكلة اعتقاد كثير من النشطاء البيئيين أنه قد يكون له تأثير سلبي في التنوع الحيوي، وأنه لم تتم دراسة ضرره على البيئة على المدى البعيد بصورة كافية حتى الآن. فقد تقضي مبيدات النباتات الذاتية – المصنعة بواسطة الهندسة الوراثية – على عديد من الآفات والحشرات؛ مما يؤدي إلى الإخلال بالنظام البيئي. ولم يقتصر الجدل حول تأثيره في البيئة فقط، بل امتد ليشمل تأثيره في الإنسان أيضًا؛ حيث يعتقد كثيرون أن استخدامه يضر بصحة الإنسان على المدى البعيد. جاء هذا الاعتقاد بناءً على نتائج أبحاث ودراسات أُجريت على حيوانات تغذت على أعلاف تحتوي على نباتات مُعدلة وراثيًّا؛ حيث تعرضت بعض تلك الحيوانات إلى مشكلات صحية خطيرة.
لا تزال المناظرات محتدمة بين العلماء والنشطاء حول الكائنات المعدلة وراثيًّا منذ عدة سنوات حتى الآن؛ حيث يتهم كلُّ طرف الآخر بأن اعتقاده خاطئ، وأنه يقوم بنشر معلومات مغلوطة عن الكائنات المعدلة وراثيًّا لإثبات وجهة نظره إما بأنها آمنة وإما ضارة. لنرى أي طرف من الطرفين سينتصر؛ فسيتوقف قبول التعديل الوراثي للكائنات الحية أو رفضه على إجراء مزيد من الدراسات والأبحاث المفصلة عن تأثيره وأضراره.
إن كنت مهتمًّا بمعرفة المزيد، فعليك مشاهدة الفيديوهات التالية:
المراجع
nature.com
iflscience.com
britannica.com