هناك أصوات لا نسمعها نحن البشر؛ ربما لأن ترددها منخفض جدًّا أو مرتفع جدًّا. ومع ذلك، فإن الحيوانات لا تشبهنا؛ فبعضها يستطيع سماع أصوات لا يمكننا سماعها، وهنا تظهر خاصية تحديد الموقع باستخدام الصدى.
فتتمكن الخفافيش من الحصول على معظم التفاصيل التي تحتاجها للعثور على الطعام أو لاستكشاف البيئة من حولها من خلال تحديد المواقع باستخدام الصدى. فهي تلقلق، وتنعق، وتصرخ مصدرةً أصواتًا قد تصل قوتها إلى 120 ديسيبل، ومن ثمَّ تقتفي أثر أصداء تلك الأصوات. وتقوم تلك الأصداء بمنحها كمية كبيرة من المعلومات عن البيئة المحيطة.
على سبيل المثال، يكشف الوقت الذي يحتاجه الصدى للارتداد عن بعد الأشياء من الخفاش؛ كما أن التغيرات في ترددات الصوت عند اصطدامه بكائن آخر قد تكشف أيضًا عن سرعة الحيوان واتجاه حركته. فالتكيفات العقلية والأذنية الخاصة بالخفافيش تمكنهم من استخدام تلك القدرة الشبيهة بالرادار إلى حدٍّ كبير؛ فلديها آذان كبيرة جدًّا تقوم بجمع وتوجيه الأصوات باتجاه طبلة أذن رقيقة وحساسة للغاية.
من ناحية أخرى، فإن تدفق المواد المنصهرة في قلب الأرض، وكذلك تدفق الأيونات في الجو يقوم بتوليد مجال مغناطيسي يحيط بالأرض. فتقوم أعداد كبيرة من الحيوانات باستخدام هذا المجال المغناطيسي لتحديد اتجاهاتها.
ولقد اخترعنا البوصلة؛ لتساعدنا على التنقل بشكل أفضل عن طريق تحديد الشمال المغناطيسي؛ وكذلك فالحيوانات ذات الحس المغناطيسي تستخدم المجال المغناطيسي لتحديد الاتجاهات وللسفر لمسافات طويلة. فكثير منها تستخدمه لتحديد مواقع مواطنها، في حين يستخدمها البعض عند الهجرة من مكان إلى آخر؛ فيُعتبر هذا الحس المغناطيسي البوصلة الخاصة بتلك الحيوانات، والتي استخدمتها قبل أن يخترعها البشر بكثير.
فقد اكتشف العلماء الباحثون في هذا الحس المغناطيسي المذهل أن الحيوانات التي تمتلك ذلك الحس لديها كميات كبيرة من أكسيد الحديد الأسود - وهي مادة مغناطيسية غنية بالحديد - في جهازها العصبي. وعلى الرغم من أن العلماء لا يعرفون كيف تعمل تلك الهياكل، فإن البعض يشك أنها تحفز الأغشية داخل الخلايا العصبية؛ فتثير نبضات عصبية تقوم بإرسال معلومات مرتبطة بالاتجاهات إلى المخ. فتعمل في الأساس مثل عقارب البوصلة المجهرية.
على سبيل المثال، تقوم صغار السلحفاة البرية بقراءة المجال المغناطيسي للكرة الأرضية لضبط الاتجاهات التي تسبح فيها. فمنذ اللحظة التي تخرج فيها من البيضة، تبدو وكأنها تعرف تمامًا إلى أين هي ذاهبة، كما لو أنها مولودة بمجموعة من الاتجاهات، والتي بمساعدة حسها المغناطيسي سوف تضمن لها البقاء في مياه دافئة خلال هجرتها الأولى حول حافة شمال المحيط الأطلنطي. ومع مرور الوقت، تقوم السلحفاة ببناء خريطة مغناطيسية مفصلة أكثر عن طريق معرفة الاختلافات في قوة واتجاه خطوط المجال، والتي تكون بزاوية أكثر حدة في اتجاه القطبين ومسطحة عند خط الاستواء المغناطيسي.