نحن نعيش في عصر الأجهزة اللاسلكية. الأقمار الصناعية، والهواتف المحمولة، والحواسب الآلية المحمولة، والبث اللاسلكي فائق الدقة (الواي فاي)، والبلوتوث، والأجيال الثاني، والثالث، والرابع من الاتصالات، فنحن لدينا ترسانة كاملة من الأجهزة المحمولة التي بإمكاننا أن نعتمد عليها لخدمة شراهتنا نحو التكنولوجيا اللاسلكية تمامًا.
وعندما تبدأ الإشارة اللعينة التي تنذر بضعف البطارية، حينها نتذكر كيف أننا ما زلنا نعتمد كليًّا على الأسلاك لتزويد أجهزتنا التكنولوجية بالطاقة.
والأنظمة المعيبة لكلٍّ من الأقمار الصناعية، والبطاريات، والهوائيات تسمح لنا بحمل أجهزتنا التي لا تعتبر لاسلكية تمامًا في كل مكان نذهب إليه، كما أنها تساعدنا في تبادل البيانات "لاسلكيًّا" لفترات أطول. ولكن عاجلاً أم آجلاً، سوف تبدأ الأجهزة غير المشحونة في إصدار مؤشرات ضوئية وصوتية متتالية، مثل طفل رضيع خائف من الانفصال، ويرغب في العودة إلى رحم أمه.
ولكن، ماذا لو استغنينا عن الأسلاك الكهربائية المتشابكة والمتناثرة على أرضيات غرفة معيشتنا؟ ماذا لو تمكنا من التخلص من البطاريات ووداع متاعب توصيل الأسلاك، والشحن، وإعادة الشحن، تلك الأمور التي تعيقنا من الانتقال إلى عالم لاسلكي بالفعل؟
يؤمن مارين سولجاسيك؛ الأستاذ بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وفريقه بجانب العديد من شركات الطاقة أنه من الممكن أن يتحقق ذلك الأمر. ويقولون أنه الآن الوقت المناسب للقيام به.
فمثلما يبدو العصر الحديث للتكنولوجيا اللاسلكية مثيرًا، إلا إن فكرته موجودة منذ مئات السنين، وقد قام نيكولا تيسلا بوضع هذا المبدأ في الأصل والذي ظهر في هيئة "برج لفائف تيسلا" الشهير، وهو الجهاز الذي يُستخدم لنشر الطاقة عبر مسافات كبيرة.
قليلون من صدقوا أن لفائف تيسلا بإمكانها أن تعمل، ولكي نكون منصفين للمشككين فهي لم تعمل بالفعل، أو على الأقل ليس كما كان من المفترض أن تعمل. وعلى الرغم من أن هذه اللفائف تمكنت من تقليل المصابيح في مساحة معينة، فإنها أطلقت أيضًا 40 مترًا من الصواعق الكهربائية على المارة وجعلت الأرض من تحتها تتوهج باللون الأزرق مع الجهد العالي للتيار. كما أنها كانت غير فعالة بدرجة كافية، ولهذا السبب تخلى عن عمله في النهاية، ذلك على الرغم من أن مفهومه عن الكهرباء اللاسلكية – التوصيل الكهرومغناطيسي- كان في الحقيقة، صحيحًا تمامًا.
يتكون المجال المغناطيسي عندما يمر التيار الكهربائي من خلال لفائف من الأسلاك. وعلى العكس، يتكون التيار الكهربائي عندما تمر لفائف الأسلاك خلال المجال المغناطيسي. ومن خلال استغلال هذه الظاهرة، من الممكن أن يتم نقل الطاقة لاسلكيًّا من خلال خلق مجال مغناطيسي قوي باستخدام محطة من الأسلاك الملفوفة والمتصلة بمقبس الحائط، ومتصل أيضًا بجهاز استقبال مصنوع من الأسلاك الملفوفة المتصلة بجهاز إلكتروني. فهذا هو نفس المفهوم الذي نستخدمه لشحن فرشاة الأسنان الكهربائية اللاسلكية والتي تعمل بشكل جيد عبر مسافات قصيرة للغاية.
وما زال الأستاذ سوليجاسيك وفريقه يعملون على نفس المبدأ، ولكنهم أضافوا إليه فقط خدعة فيزيائية صغيرة لتصبح عملية نقل الطاقة أكثر توجيهًا وفعالية، ولتتمكن من العمل عبر مسافات أطول.
وتُسمى هذه الخدعة بـ"الرنين المغناطيسي"، وهي تشبه في مفهومها مغنية الأوبرا التي تحطم زجاج النوافذ الموجودة في الغرفة: وذلك عندما تتطابق ترددات موجات الصوت مع ترددات رنين الزجاج الفريدة.
وقد تمكن فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من خلال ضبط المحطة الأساسية للمغناطيس مع المغناطيس المتلقي ليرتد صداها على نفس التردد، تمكن من توصيل شحنة كهربائية إلى مستقبلات مضبوطة خصيصًا، ومن إبقاء مستقبلات أخرى بلا شحنات، مما يعني نقل الطاقة بطريقة فعالة (في مساحات مفتوحة وحول الزوايا) وعدم التأثير على أي شيء آخر في المنزل وإن كان من بينها مغناطيس.
تعمل العديد من الشركات الآن على جلب الكهرباء اللاسلكية إلى بيوتنا، وأكدت أنه قد اقترب اليوم الذي سنقوم فيه بقطع الأسلاك التي تربطنا إلى الحائط.
المراجع
thenextweb.com
www.fastcompany.com