علم الفلك بصفته فرعًا من فروع العلوم هو الدراسة العلمية للكون: حركة الأجرام السماوية، ومواقعها، وأحجامها، وتكوينها، وسلوكها. ويبدأ علماء الفلك أبحاثهم من وجهة نظر موضوعية؛ آملين التوصل لاكتشافات جديدة. فيقومون بالرصد، والدراسة، وتدوين النتائج. على الجانب الآخر، التنجيم هو دراسة مواقع الكواكب اعتقادًا في أنها تؤثر في البشر وسلوكهم.
وقد كانت الرغبة في تطوير التنبؤات الفلكية لعدة آلاف من السنين المحرك الأساسي وراء الرصد الفلكي والنظريات. وعُدَّ التنجيم فرعًا من فروع العلم حتى أواخر القرن السابع عشر، إلا أنه عندما أثبت إسحق نيوتن بعض العمليات الفيزيائية التي تؤثر بها الأجسام السماوية على بعضها بطريقة علمية، أصبح علم الفلك مجالًا منفصلًا تمامًا عن التنجيم؛ فأصبحت التنبؤات بالظواهر السماوية تتم ويتم اختبارها بمنهج علمي.
على صعيد آخر، يعتبر التنجيم الآن علمًا زائفًا على الرغم من سعي آلاف الأشخاص حول العالم للحصول على النصيحة من المنجمين وكتب التنجيم قبل اتخاذ القرارات المهنية، والطبية، والشخصية الهامة. فبالرغم من أن التنجيم به عديد من المظاهر العلمية – مثل الرياضيات، والرسوم البيانية المعقدة، والمصطلحات الخاصة – فلا يتبع المنجمون المنهج العلمي. فهم لا يقومون بالتجارب التي تثبت نظرياتهم؛ ولكن يعتمدون على الأدلة السطحية.
يتتبع التنجيم الكواكب والنجوم، مثله مثل علم الفلك، إلا أن جوانبه التي تتنبأ بالمستقبل، وجذوره الممتدة في نظرية العناصر الأولية وأساطيرها، تتخطى حدود العلم الحديث. فاليوم، لا نستخدم الأساطير لنفهم النجوم، بل نستعين بعلم الفيزياء؛ ولا نستخدم الأساطير لفهم الأشخاص، ولكن نستعين بعلم النفس؛ ولا نستخدم التكهن للتنبؤ بالمستقبل، بل نستعين بتحليل البيانات والبيانات الضخمة.
وإذا كنت تعتقد أن حياتك يحركها موقع النجوم، فعليك أن تعلم أن المنجمين لا يتبعون رسوماتهم البيانية بشكل صحيح. فما يذكره المنجمون عن وجود اثني عشر برجًا هو خطأ شائع؛ فهي في الواقع ثلاثة عشر برجًا. وبرج حامل الثعبان هو البرج المنسي، وهو ليس بجديد، ولكن تم التغاضي عنه منذ آلاف السنين لأنهم أرادوا اثني عشر برجًا فقط.
وما يجعل التنجيم علمًا زائفًا أيضًا هو تأرجحات الأرض؛ فهي تتسبب في تغير محاذاة الأجرام السماوية بعض الشيء، ويمكن ملاحظة هذه الظاهرة في النجم الشمالي. فالآن، نعرف أن النجم الشمالي هو بولاريس، وذلك لأنه يتماشى جيدًا مع القطب الشمالي للكرة الأرضية، ولكنه لم يكن دائمًا النجم الشمالي. فتحرك التأرجحات محور الأرض قليلاً، ولذلك فمنذ آلاف السنين كان النجم الشمالي نجمًا آخر، وفي المستقبل سوف يصبح نجمًا شماليًّا مختلفًا عما نعرفه اليوم. وبالمثل، تتحرك المجموعات النجمية أيضًا.
برجك تحدده المجموعة النجمية التي تشرق فيها الشمس يوم مولدك؛ والأبراج المتعارف عليها تم تحديدها بناءً على المجموعات النجمية التي كانت موجودة منذ ألفي عام. فأنا مثلًا ولدت في الأول من إبريل؛ حينها أشرقت الشمس في مجموعة الحمل النجمية وفقًا للمنجمين. ولكن، إذا ظللت مستيقظة في ذكرى عيد مولدي، فلن أرى الشمس تشرق في مجموعة الحمل، بل ستشرق في مجموعة الحوت.
لذلك، فإن التنجيم خادع، رغم المحاولات الكثيرة ليعتبر فرعًا من فروع العلوم. فالمنجمون يكذبون على الجماهير؛ حيث ينشرون قوانين مبنية على الأساطير والجهل ليس لها أي أساس من الصحة. فقد أظهرت الدراسات العلمية المكثفة أن الأبراج غير حقيقية، على الرغم من وجود كثير من الناس الذين يؤمنون بمصداقيتها. الحقيقة أن التنجيم هو من أكثر أشباه العلوم انتشارًا منذ آلاف السنين؛ ليس فقط بين صفوف الطبقات الاجتماعية الجاهلة، ولكن في بعض الأحيان بين الطبقات الراقية جدًّا. ومن ثمَّ، ليس من السهل القضاء عليه، ولكن التوعية العلمية السليمة هي السلاح الوحيد للفوز بتلك المعركة.
المراجع
skyandtelescope.com
curious.astro.cornell.edu
macaulay.cuny.edu