شارون هو القمر الأكبر بين الأقمار الخمسة المعروفة للكوكب القزم بلوتو، وحجمه أكبر من نصف حجم بلوتو. وعلى الرغم من أن بلوتو اكتشف عام 1930، فقد اكتشف الفلكي الأمريكي جيمس كريستي القمر شارون لأول مرة في عام 1978. اقترح كريستي اسم «شارون» في البداية تيمنًا بكنية زوجته شارلين والتي كانت «شار»، وكذلك بأغنية «أشرعة شارون» لفرقة الروك الألمانية «سكوربيونز».
اقترح زملاؤه اسم «بيرسيفون» تيمنًا باسم ابنة زيوس وديميتر، التي اختطفها بلوتو وجعلها ملكة للعالم السفلي. ولكن كريستي فضل اسم «شارون»، خاصة لارتباطه بشخصية شارون من الأساطير الإغريقية، وهو مراكبي الجحيم الذي ارتبطت أسطورته بإله العالم السفلي هاديس. وكان اسم هاديس في البداية بلوتو؛ حيث كان يرمز إلى كوكب الموتى. وقد أعلن عن اسم شارون رسميًّا في الاتحاد الفلكي الدولي عام 1986.
وتُعد رؤية كلٍّ من بلوتو وشارون معًا عبر التلسكوب منظرًا بديعًا؛ حيث يبدوان مثل متزلجين متشابكي الأيدي. وعلى الرغم من أنهما معًا في نفس المدار منذ مليارات السنين، فإنهما مختلفان تمامًا، وذلك وفقًا للصورة التي التقطت لهما من خلال مرصد هابل الفضائي عام 1994. فبلوتو مغطًّى بعلامات ساطعة وداكنة، في حين إن لون شارون رمادي باهت ذو بقعة حمراء داكنة، والتي بتنا نعرف الآن أنها ليست بفعل الحديد، ولكن بفعل الثولينات*.
ويتمتع كوكب بلوتو بغلاف جوي مميز يفتقر شارون إلى مثله. هذا، وقد وجدت أنواع غريبة من الثلوج على سطح كوكب بلوتو مثل النيتروجين المتجمد، والميثان المتجمد، وأول أكسيد الكربون المتجمد؛ في حين يتكون سطح شارون من مركبات الأمونيا والمياه المتجمدة. والتكوين الداخلي لبلوتو صخري في أغلبه، في حين يحتوي القمر شارون في داخله على كميات متساوية من الأحجار والمياه.
ومن الأقمار الخمسة لكوكب بلوتو، شارون هو الأكبر بدرجة تجعل العلماء يعتبرونه وبلوتو نظامًا كوكبيًّا ثنائيًّا. فعندما انطلق مسبار «نيو هورايزونز» في رحلته التاريخية باتجاه النظام في عام 2015، جمع مجموعة كبيرة من البيانات عن هذا القمر المذهل. ويدور شارون حول كوكبه في دورة تستغرق 6.4 أيام أرضية، وهي نفس المدة التي يستغرقها كوكب بلوتو في الدوران حول نفسه مرة؛ فالجسمان مقيدان مديًّا، ويبقيان متواجهين في نفس الاتجاه.
يعد نظام بلوتو وشارون النظام الكوكبي الثنائي الوحيد في المجموعة الشمسية. فيبلغ قطر القمر شارون 1.200 كم وهو ما يعادل تقريبًا نصف قطر كوكب بلوتو؛ ويكمن مركز كتلة الجسمين خارج سطح الكوكب القزم. كما يُعد كوكب بلوتو المثال الأقرب للعملية الديناميكية الخاصة بتكون الكواكب حول النظم الشمسية الثنائية، وذلك وفقًا لما قاله عالم الفيزياء الفلكية النظرية سكوت كينيون.
ومن المعتقد أنهما قد تكونا في نفس الوقت نتيجة اصطدام جسمين؛ وعلى عكس معظم الكواكب والأقمار في المدار الشمسي، فإن نظام بلوتو وشارون مائل؛ كما أن لكوكب بلوتو مدارًا متراجعًا على عكس العوالم الأخرى؛ مما يشير إلى أن بداية بلوتو كانت بداية عنيفة. فالشكل البدائي لبلوتو وشارون كان مختلفًا كثيرًا، مما أدى إلى عالمين مختلفين تمامًا؛ ومن المحتمل أن تكون بقية الحطام قد كونت الأقمار الأربعة الصغرى الأخرى لبلوتو.
ولقد دخل قطب شارون الجنوبي الليل القطبي في عام 1989، ولن يرى ضوء الشمس مرة أخرى قبل عام 2107. فاستطاع مسبار نيو هورايزونز دراسة بعض المناظر الطبيعية وقت المساء؛ حيث كانت إضاءتها خافتة بفعل كوكب بلوتو. وقد ساعد نور القمر شارون العلماء على دراسة كوكب بلوتو عندما غادر المسبار الجانب النهاري من الكوكب.
*الثولينات هي مجموعة كبيرة من الجزيئات العضوية المعقدة، والتي تتكون عندما تضرب الأشعة فوق البنفسجية الجزيئات العضوية البسيطة مثل الميثان أو الإيثان.
المراجع
nasa.gov
space.com