المقالات

نشأة الغلاف الجوي لكوكب الأرض

شارك

خضع الغلاف الجوي لكوكب الأرض لتغيرات مستمرة منذ نشأته. فبدأ الغلاف الجوي البدائي للأرض في التكون منذ أربعة مليارات عام، وذلك عندما اندمجت المواد المكونة لكوكب الأرض وانصهرت، ثم تراصت في طبقات مكوناتها كثيفة في المركز وأقل كثافة باتجاه سطح الأرض.

متوسط سرعة جزيئات الهيدروجين والهيليوم أكبر من سرعة الهروب من الأرض؛ ولذلك فُقدت هذه الغازات الخفيفة وانحرفت بعيدًا بفعل البخر الضوئي للرياح الشمسية في زمن مبكر في الدهر الجهنمي؛ وذلك نتيجة لضعف جاذبية الأرض ولحادث ارتطام عنيف بكويكب. انتهى الحال بغلاف كوكب الأرض في الدهر الجهنمي ليضم غازات الميثان، والأمونيا، وبخار الماء، ونسبة قليلة من النيتروجين وثاني أكسيد الكربون. هذا، وقد أبقت قذائف النيازك القوية على جزء كبير من سطح الأرض في حالة منصهرة؛ كما أدخلت كميات إضافية من المياه والميثان والأمونيا وكبريتيد الهيدروجين وغيرها من الغازات المكملة للغلاف الجوي.

تكون الغلاف الجوي الثاني للأرض منذ 2.5 مليار عام عندما بدأت قشرة الأرض تبرد وقلت كمية بخار الماء الموجودة فيه؛ حيث بدأت المياه تتكثف في صورتها السائلة. وبينما تكثف البخار ليكوِّن الماء، قلَّ ضغط الغلاف الجوي للأرض وبدأت المياه في إذابة الغازات – مثل الأمونيا – وإزالتها من الغلاف الجوي، وتكوين مركبات الأمونيوم والأمينات وغيرها من المواد الحاوية للنيتروجين المؤهلة لنشأة الحياة.

 

وقد أدى تكثف المياه مع غازات مثل ثاني أكسيد الكبريت إلى تكوُّن الأمطار الحمضية، التي أوجدت معادن جديدة على سطح الأرض. فوجدت حفائر دقيقة لخلايا مؤيضة للكبريت في صخرة عمرها 3.4 مليارات عام، ومن المعروف أن أول الكائنات المائية الضوئية ظهر منذ نحو 3.5 مليارات عام. وقد مرت مليارات السنين قبل أن تستطيع تلك الكائنات الدقيقة تغيير مكونات الغلاف الجوي.

بحلول ذلك الوقت، كانت الأرض قد بردت بدرجة كافية لتمكن أغلب بخار الماء الموجود في غلافها الجوي من التكثف في حالة سائلة، وحظيت الأرض حينها بأول أيامها التي لا تشوبها السحب. كان غازا الأمونيا والميثان موجودين بكميات قليلة في الغلاف الجوي، ومثَّل ثاني أكسيد الكربون نحو 15٪منه، في حين كانت نسبة النيتروجين 75٪هرب كثير من المكونات الأولية للغلاف الجوي، أو تحول إلى سوائل، أو تفاعل كيمائيًّا لإنتاج مركبات صلبة. وكان النشاط البركاني والبكتيريا الضوئية العاملين الأساسيين المؤثرين في تكوين غلاف الأرض الجوي.

وخلال المرحلة الثالثة لغلاف الأرض الجوي منذ نصف مليار عام، مزجت البكتيريا المولدة للميثان الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون لإنتاج الميثان والماء. وقامت البكتيريا المقلصة للكبريتات بمزج الميثان وجذور الكبريتات الكيميائية؛ وقامت كائنات أخرى قادرة على التمثيل الضوئي باستخدام أشعة الشمس لتحويل ثاني أكسيد الكربون المتوافر بكثرة إلى نشويات (C6H12O6) وأكسجين. واستمر تفاعل الأكسجين مع الحديد في تقليص حالته منتجًا لمخزون من الحديد المؤكسد، واستمر استهلاك الأكسجين بفعل تأكسد المعادن الموجودة في القشرة الأرضية.

ثم هاجرت جزيئات الأكسجين إلى الطبقات العليا من الغلاف الجوي مكونة لطبقة الأوزون؛ وهي طبقة تقع على ارتفاع 15 إلى 35 كيلو مترًا فوق سطح الأرض، وفيها تتحول جزيئيات الأكسجين (2O) إلى جزيئات الأوزون (O3) بفعل أشعة الشمس فوق البنفسجية. وتقوم العملية العكسية المتمثلة في تحوُّل الأوزون إلى أكسجين في إطلاق حرارة؛ حيث تعمل طبقة الأوزون بشكل أساسي على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة وتحويلها إلى حرارة.

تتميز بداية تكوُّن الغلاف الجوي الحالي لكوكب الأرض بانتشار الكائنات متعددة الخلايا؛ حيث ظهرت أغلب المجموعات الأساسية من الحيوانات في هذا الوقت. غطت الحياة النباتية سطح الأرض، وبلغت نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي 30٪ هذا ما سمح لحشرات عملاقة بالنشوء، وتسبب أيضًا في نشوب حرائق متكررة للغابات بفعل البرق. وقد حدث انقراض جماعي لكثير من الأنواع الحية منذ نحو 251 مليون عام عندما انخفضت معدلات الأكسجين من 30٪ إلى 12٪في حين بلغت مستويات ثاني أكسيد الكربون نحو ألفي جزء في المليون.

وكان هذا الانقراض الجماعي هو الأسوأ في تاريخ كوكب الأرض؛ حيث قضي على 90٪من الكائنات البحرية و70٪من النباتات والحيوانات البرية. ويعتقد أن السبب في هذا الانقراض الجماعي سلسلة من الأحداث البركانية في سيبيريا استمرت نحو مليون عام منتجة لكميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون وغازات أخرى تحتوي على الكبريت، والكلور، والفلور.

منذ نحو 228 مليون عام، بدأت مستويات الأكسجين بالغلاف الجوي في الارتفاع إلى نحو 15٪وظهر أول الديناصورات. واستمرت مستويات الأكسجين في الارتفاع من حينها إلى قبل مائة مليون عام لتصل إلى 23٪وفي ذلك الوقت، كانت حياة الديناصورات في أوجها وكانت الثدييات والطيور الحديثة قد بدأت في التطور. وطوال المائة مليون عام الأخيرة، ترنحت نسبة الأكسحين ما بين 18٪و23٪لتستقر على نسبته الحالية في الغلاف الجوي 21٪

المراجع 
scientificpsychic.com
amnh.org
 

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية