"التوحد" مصطلح عام يعبر عن مجموعة من الاضطرابات المعقدة في عملية النمو العقلي. وتتميز تلك الاضطرابات – بدرجات متفاوتة – بصعوبات في التفاعل الاجتماعي، والتواصل اللفظي وغير اللفظي، والسلوكيات المتكررة. وقد يرتبط التوحد بالتأخر العقلي، وصعوبات في التنسيق الحركي والانتباه، ومشاكل الصحة الجسدية؛ مثل: النوم، واضطرابات الجهاز الهضمي.
وبعض المتعايشين بالتوُّحد يتفوقون وبشكل ملحوظ في المهارات البصرية، والموسيقى، والرياضيات، والفنون. ويتضح أن للتوحد جذورًا تبدأ مع المراحل الأولى للنمو العقلي. ومع ذلك، فإن علاماته وأعراضه الأكثر وضوحًا تميل إلى الظهور في الفترة ما بين عمر السنتين وثلاث السنوات.
وبصفة عامة، فإن التوحد مشكلة عقلية تشكل صعوبة على الأطفال في التواصل مع الآخرين. فإذا حاولنا أن نتخيل ما يحدث داخل رأس طفل يعاني من التوحد، يمكننا أن نتصور شخصًا عصبي المزاج دائمًا مما يجعل تعامله مع العالم من حوله أمرًا صعبًا. فصوت مثل رنين جرس المدرسة – والذي قد لا يهتم به معظم الأطفال – يبدو لطفل مصاب بالتوحد مثل صوت احتكاك الأظافر بالسبورة. ووجود ماركة في قميص يرتديه تبدو له وكأنه يرتدي سترة تشعره بحكة مزعجة. كما أن ضوء الشمس في الخارج يجعله يشعر وكأن هناك مصباحًا قد توهج في عينه. التوحد كأنك تتجول وأظافرك قد قلِّمت قصيرة جدًّا، وترتدي يوميًّا حذاءك في القدم الخاطئة.
ما سبب مرض التوحد؟ كانت الإجابة عن هذا السؤال منذ زمن ليس ببعيد "ليس لدينا أدنى فكرة"، ولكن الأبحاث تقوم الآن بتقديم الأجوبة. ولكن أولاً وقبل كل شيء، نحن نعلم الآن أنه لا يوجد سبب واحد للتوحُّد؛ كما أنه لا يوجد نوع واحد منه. وعلى مر السنوات الخمس الماضية، قد حدد العلماء عددًا من التغيرات الجينية النادرة، أو الطفرات، المرتبطة بالتوحُّد؛ وأن عددًا قليلاً منها كاف للتسبب في الإصابة بالتوُّحد.
ومع ذلك، فإن معظم حالات التوحُّد يبدو أن سببها مزيج من تلك الجينات والعوامل البيئية التي تؤثر على نمو العقل في وقت مبكر. وحتى اليوم، لا يوجد اكتشاف طبي مؤكد بنسبة 100٪ أو علاج لذلك المرض.
إن التوحُّد مسألة يجب أن يهتم بها الآباء والأمهات بشكل عام. فالتوحد أصبح الآن يؤثر على واحد من بين كلِّ 88 طفلاً، والأولاد أكثر عرضة للإصابة بنسبة خمسة أضعاف نسبة إصابة البنات. وبينما تستمر أعداد الأطفال المتعايشين بالتوحد في الزيادة، فليس هناك شك في أن يواجه الطفل المعافى أطفالاً آخرين مصابين به. وبالتالي، فإنه من الضروري أن نتحدث مع أطفالنا عن التوحد، وأن نعلمهم التعاطف والتفهم لحالاتهم.
العديد من الأطفال المصابين بالتوحد لديهم "شيء" مفضل، ففي بعض الأحيان يكون شيئًا ملموسًا، وفي أحيان أخرى يكون شيئًا مهتمين به. وتشجيع الأطفال على التعرف على اهتماماتهم قد يكون طريقة رائعة لمساعدتهم على التواصل. وفي نفس الوقت، من الضروري عدم أخذ أي شيء من الأفراد الذين يعانون من التوحد؛ فغالبًا ما يحملون أشياءهم المفضلة، مما يمنحهم الشعور بالأمان.
المراجع
www.autismspeaks.org
www.medicalnewstoday.com