عندما تقرأ عنوان «النباتات المتحركة» قد تتساءل، هل تتحرك النباتات حقًّا؟ صدق أو لا تصدق، النباتات تتحرك! وعلى الرغم من أن النباتات لا تتحرك كما تفعل الثدييات، فإن الطريقة التي تتحرك بها تُعدُّ حركة بالنسبة إلى العلوم. كيف يكون ذلك ممكنًا؟ ولمَ يحدث ذلك؟ تلك هي الأسئلة المهمة في هذا الشأن.
في المملكة النباتية هناك حركتان يمكن ملاحظتهما، هما: «حركة النبات السريعة» و«الانتحاء». تحدث حركة النبات السريعة في بنية النبات وتستغرق مدة قصيرة جدًّا – عادة ما تكون ميلي ثانية – وهي حركة انعكاسية.
يمكن ملاحظة ثلاثة أنواع من حركات النبات. في النوع الأول تتحرك النباتات لالتقاط فريستها وتناولها، وأشهر نباتات هذا النوع هي «خَنَّاق الذباب» أو «مصيدة فينوس»، وهو نبات آكل للحوم وينمو في الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا النبات لا يعتمد على عملية البناء الضوئي فقط، بل يصطاد الحشرات والعنكبوتيات أيضًا، مثل الذباب والعناكب. وفور استقرار الفريسة على سطح النبات الحساس، تنغلق أوراقه عليها.
والنوع الثاني من النباتات لديها قدرة على تحريك أوراقها ووريقاتها، ومن نباتات هذا النوع ميموسا بوديكا المعروف أيضًا باسم «النبات نعسان» أو «النبات الخجول». وهذا النبات من فصيلة البقوليات وينمو في أمريكا الجنوبية والوسطى، ويشتهر بتحريك وريقاته للأسفل عند لمسها. ويحدث ذلك نتيجة جهد الفعل(1)، الذي يجعل النبات يطلق البوتاسيوم من الفجوات العصارية(2) بخلاياه. وذلك الأمر يؤدي إلى إخراج الماء من تلك الخلايا نتيجة عملية التدفق الأسموزي(3) مما يجعل ضغط امتلاء(4) الأوراق أقل، فينتج عنه ذلك الانطواء وحركة الانغلاق؛ ويعتقد أن تلك الآلية تلجأ إليها الحيوانات العاشبة للاختفاء.
وأخيرًا، هناك نباتات تنشر حبوب لقاحها عن طريق حركة النبات السريعة، و«التوت الأبيض» ويعرف أيضًا باسم «مورس ألبا» أسرع النباتات قيامًا بذلك بسرعة 560 كم/ ساعة، وهو ما يعادل أعلى من نصف سرعة الصوت.
وعلى عكس حركة النبات السريعة، الانتحاء هو تغير بطيء ودائم في النباتات تنظمه هرمونات «الأوكسين» النباتية وتحدده المحفزات الخارجية. والتغيير أو النمو يمكن أن يكون نحو المحفز ويسمى انتحاءً إيجابيًّا، أو يكون ضده ويسمى انتحاءً سلبيًّا.
والمحفزات نفسها تختلف فيمكن أن تكون الضوء فيكون انتحاءً ضوئيًّا، أو الجاذبية فيكون انتحاءً أرضيًّا، أو مركبًا كيميائيًّا فيكون انتحاءً كيميائيًّا، وغيرها الكثير. وزهرة عباد الشمس الشهيرة، أو دوار الشمس، أفضل مثال للانتحاء الضوئي؛ فهي تنمو في الأمريكتين وتتبع الشمس في مرحلة البرعم عندما تحفز التغيرات خلاياها الحركية عند ضغط الامتلاء. وكذلك يعد نمو جذور النباتات نحو الأسفل باتجاه الجاذبية والساق لأعلى ضد اتجاهها مثالًا جيدًا على كلٍّ من الانتحاء الأرضي الإيجابي والسلبي.
وهناك نواحٍ كثيرة يمكن أن نلحظ بها حركة النباتات وهي تقوم بها للبقاء والحصول على مزيد من الغذاء أو للاختباء من العدو؛ وكل ذلك دليل على أن النباتات ألطف بكثير مما كنا نعتقد.
المصطلحات
- جهد الفعل الموجة المتشكلة من التفريغ الكهربائي لتوتر الغشاء الخلوي، وهي سمة أساسية لحياة الحيوان؛ فهي تحمل المعلومات سريعًا داخل الأنسجة وبينها، وكذلك تتسم بها بعض النباتات.
- الفجوات العصارية هي فجوات للتخزين وعادة ما تحمل جزيئات الطعام أو الفضلات المذابة، وتلك الفجوات تكون كبيرة الحجم في الخلية النباتية؛ مما يساعدها على تخزين الماء والأملاح المعدنية.
- التدفق الأسموزي أو التناضح هو حركة انتقال المذيب، مثل الماء، عبر غشاء نصف نافذ (كما في الخلية الحية) إلى منطقة ذات كثافة مائية أعلى لتحقيق توازن لتركيزات الذوائب على جانبي الغشاء.
- ضغط الامتلاء هو القوة التي تدفع الغشاء الخلوي ضد جدار الخلايا، وتسمى أيضًا الضغط الهيدروستاتيكي؛ حيث يقاس الضغط بالسائل داخله عند نقطة معينة عندما يحقق حالة التوازن.
المراجع
Britannica.com
Thenakedscientist.com
sciencedaily.com/terms/action_potential.htm
kids.britannica.com/students/article/cell/273572/234337-toc
merriam-webster.com/dictionary/osmosis