بدأت فكرة العلاج النفسي وعلم النفس الألاتري من كتاب «علم ألاترا»؛ حيث يدرس علم النفس الألاتري الإنسان بصورة كلية وكذلك في سياق علاقاته مع الآخرين. وعلم العلاج النفسي الألاتري يعمل على استعادة قدرة الفرد على مزيد من التنمية الروحية والإدراك الواعي لنفسه وللعالم المحيط به، وعدم الاعتماد على طرق التواؤم مع المجتمع الاستهلاكي والتكيف معه فقط. في هذا الإطار عقدت في سبتمبر 2017 ندوة عن العلاج النفسي وعلم النفس «الألاتري» بالقاهرة؛ حيث تناولت موضوعي «ضبط النفس وإدارة الغضب» و«إقامة علاقات متناغمة».
ففي هذه الأيام، كثيرًا ما نسمع البعض يشتكون من ضغوط الحياة وأنه ليس هناك وقت للقيام بأي شيء. وأكدت ذلك الدكتورة ديانا أولينيك - طبيبة ومعالجة نفسية ممارسة وأخصائية إعادة تأهيل من أوكرانيا - بقولها إن الأفراد في الواقع يميلون إلى اختيار ضغوط الحياة. فمجتمعاتنا بحاجة إلى اتجاهات جديدة جوهرية لتنميتها ولإعداد نموذج منظم لها؛ لأن قيم المجتمع ما بعد العصر الصناعي قد دفعت بالإنسانية إلى حافة التدمير الذاتي.
وبمنظور الحضارة الحديثة، لم يعترف بعلم النفس كمجال علمي مستقل بذاته إلا منذ منتصف القرن التاسع عشر، على الرغم من أن القضايا التي يتناولها دُرست في العصور القديمة. فكان من المتعارف عليه أن الإنسان لديه بنية معقدة من الطاقة، وأن هناك مستويات مختلفة للتفاعل بين الأفراد: التواصل المرئي، والتبادل المباشر للطاقة أو للمعلومات، والتواصل على مستوى المشاعر الباطنة.
اكتسب المشاركون في الندوة تجربة فريدة من نوعها بالتواصل معًا على مستوى المشاعر الباطنة من خلال التدريبات العملية. كذلك، قدمت الندوة تقنيات تحويل الانتباه إلى التفكير الإبداعي وتدريبات الاسترخاء الذاتي. ومع الحضور، تمت الإجابة عن أسئلة منها كيف يتمكن الفرد من التحكم في أفكاره ومشاعره ورغباته؟ كيف تصبح سعيدًا؟
من التمارين التي قام بها المشاركون سحب ورقة ثم كتابة كل الأفكار التي تدور في بالهم، السلبية أو الإيجابية منها، خلال دقيقتين. بعد التعليق على كتاباتهم، أدرك كل فرد من الحضور تشابه أفكاره مع الأشخاص المحيطين به.
فالمخ يعمل كجهاز للكشف عن الأفكار، وهذه حقيقة يؤكدها عديد من الأطباء المتخصصين وعلماء الأعصاب اليوم. وبالنسبة إلى المشاركين، كانت تلك التجربة مفيدة جدًّا، كخطوة أولى نحو الإدراك الذاتي؛ حيث أدركوا أن الأفكار ليست نتاج المخ البشري، بل يمكن ملاحظتها دون التعمق فيها، كما أن تطوير الجودة باعتبار الفرد «مراقبًا» أمر حاسم للتغلب على الضغوط والحفاظ على السلام النفسي.
من ثم، فإن دراسات علم النفس الحديثة في القرن الحادي والعشرين تُغيِّر جذريًّا نظرتها للإنسان على أنه أولوية. فالإنجازات التاريخية التي قدمتها الحضارات السابقة، والتي يمكن الوصول إليها بسهولة من خلال وسائل الاتصال المختلفة، تكشف لنا أن الإنسان ليس روبوتًا حيويًّا يؤدي مجموعة متنوعة من المهام يوميًّا فحسب، ولكنه يتمتع بجانب روحي أيضًا.
فكل فرد منا يطرح الأسئلة نفسها: «من أنا؟ ما معنى الحياة؟ لمَ أعيش؟ ما الحياة؟ ما الموت؟ ما طبيعة أفكاري ومشاعري ومواقفي في الحياة؟ كيف أستغل تلك الحياة القصيرة الاستغلال الأمثل؟» وبشتى الطرق، يظل فهم إجابات هذه الأسئلة معتمدًا على نظرة الفرد للعالم.
المراجع
llatra.tv
geocenter.info