يتشابه التعليم الابتدائي في معظم مناطق العالم؛ فهو يتبع نمطًا واحدًا معروفًا: الأبجدية، والعدُّ، والحساب، وبعض المعلومات العامة حول الطبيعة، وجسم الإنسان، وبعض مفاهيم الكيمياء والفيزياء الأساسية. وعلى الرغم من احتياجنا لمعرفة تلك المعلومات والمهارات التي نتعلمها في المدرسة، فوجهة نظري أن ذلك النظام قديم للغاية بما لا يتناسب مع العصر الحالي. فمثلاً، يوجد عديد من المعلومات المضللة التي نتلقاها دون التفكير في صحتها أو أصلها.
لدينا خمس حواس
أخبرونا في المدرسة أن للإنسان خمس حواس – اللمس، والشم، والتذوق، والبصر، والسمع –وبذلك فأي حاسة أخرى تعد حاسة سادسة! والحقيقة بعيدة كل البعد عن ذلك.
فهناك عديد من الأشياء التي نشعر بها كبشر ولا تندرج تحت قائمة الحواس الخمسة السالف ذكرها التي تعلمناها في المدرسة. فعلى سبيل المثال، نحن نشعر سواء كنَّا متزنين أم لا، وشعورنا بالدوار دليل على حدوث خلل في تلك الحاسة. كما يمكننا الشعور بالجوع أو العطش حتى لو لم تقرقر معدتنا أو يجف حلقنا؛ وذلك لأن المخ يتعامل مع الشعور بالجوع والعطش بطرق مختلفة تمامًا.
فيتمتع الإنسان بحواس أكثر بكثير مما يتوقع وأكثر مما توصل إليه العلماء، حتى إنهم لا يستطيعون حصرها كلها؛ ولكننا بالتأكيد ليس لدينا خمس حواس فقط.
اللسان منقسم إلى مناطق للتذوق
هذا مفهوم قديم وراسخ في مرحلة التعليم الابتدائي: "يا أطفال! هل تعلمون أنه يوجد في اللسان مناطق للتذوق؟ نعم، هذا صحيح! هناك مناطق مختلفة في اللسان لتذوق ما هو مر، أو حلو، أو حامض، أو مالح!"
خطأ! حاول وضع أي شيء حلو المذاق على أي جزء من أجزاء اللسان غير طرف لسانك؛ فهل ما زلت تتذوقه؟ نعم، تفعل. فلا يوجد ما يثبت وجود مناطق للتذوق في اللسان؛ ولكن توجد مناطق في اللسان أكثر حساسية تجاه بعض النكهات من غيرها، هذا هو كل الأمر.
الجزر يقوي النظر
حسنًا، هذا لا يمكن أن يكون غير حقيقي؛ أليس كذلك؟ فجميعنا نعلم أن فيتامين (أ) ضروري من أجل رؤية جيدة. وبينما يعتبر هذا صحيحًا، وبما أنك تحتاج لفيتامين (أ) للرؤية الجيدة، فلا يوجد أي دليل على أن الإفراط في تناول الجزر سيجعل رؤيتك خارقة. ومع ذلك، فهذا لم يكن ما نشره الجيش الإنجليزي خلال الحرب العالمية الثانية.
فقد بدأ المقاتلون الإنجليز في استخدام تقنية الرادار للكشف عن الطائرات الألمانية خلال الحرب؛ فأصبحوا ماهرين جدًّا في إسقاطها. من ثَمَّ بدأت وزارة الغذاء البريطانية بحملة ترويجية ترجع فيها السبب وراء نجاح القوات في إسقاط الطائرات هو تناولهم للجزر. وكان يُعتَقَد حينها أن ذلك مجرد حيلة لتضليل الألمان؛ حتى لا يكتشفوا استخدام الجيش الإنجليزي للرادارات.
السبانخ مليئة بالحديد
ربينا على تقدير السبانخ لفوائدها المتعددة، سواء أحببناها أم لم نفعل. أنا شخصيًّا لم أستطع قط أن أستسيغها؛ ولكنني أُجبرت على تناولها مرات عديدة لفوائدها الصحية المفترضة، وكل هذا يرجع لخطأ حسابي!
فيرجع السبب في اعتقادنا حتى الآن أن السبانخ مليئة بالحديد إلى خطأ ارتكبه الكيميائي الألماني إريك فون ولف في عام 1870. فقد حسب أن كل 100 جم من السبانخ تحتوي على 3.5 مجم من الحديد. ولكنه قام عن طريق الخطأ بتحريك الفاصلة العشرية في هذا الرقم خانة واحدة إلى جهة اليمين، ومن هنا ظهرت الخرافة؛ فتعتبر 35 مجم كمية كبيرة فيما يتعلق بمحتوى الحديد! ومن ثَمَّ ظهرت الشخصية الكرتونية بوباي في عام 1929؛ لترسخ هذا المفهوم في المجتمع إلى الأبد.
نستخدم 10٪ فقط من عقولنا
"يا أطفال! هل تعلمون أننا نستخدم جزءًا ضئيلاً جدًّا من أمخاخنا؟ فتخيل ماذا سيحدث إذا استخدم أي إنسان جميع قوى مخه؛ أليس ذلك مدهشًا؟" تداول الناس تلك الخرافة لفترة من الزمن، ثم انتشرت أكثر عن طريق بعض المواقع على شبكة الإنترنت التي تدَّعي نشر الحقائق، وعن طريق بعض الأفلام مثل فيلمي "لوسي" و"بلا حدود". إذًا، ما مدى مصداقية هذه المعلومة وما مدى عدم صحتها؟
حسنًا، صحيح أننا لا نستخدم مخنا بالكامل في نفس الوقت؛ فبعض أجزاء المخ تعمل بنشاط أكثر في بعض الأوقات في حين لا تعمل الأجزاء الأخرى بنفس النشاط. إلا أن الحقيقة هي أننا نستخدم أكثر بكثير من 10٪؛ فيكون معظم المخ نشيطًا طوال الوقت، ولكن ليس كل أجزائه. ومع ذلك، فلا يمكن الاستغناء عن أي جزء من أجزاء المخ؛ فمجرد فقدان جزء صغير من المخ – مثلما يحدث جرَّاء السكتة الدماغية – قد يؤدي ذلك إلى إعاقة خطيرة. علاوة على ذلك، لا يوجد أي جزء من أجزاء المخ "لا يستخدم أبدًا " كما تزعم الخرافات؛ ولذلك لا يمكن "تفعيل" أجزاء مفقودة من المخ للتمتع بقوى خارقة.
في هذه الأيام وهذا العصر، أي خبر، أو رابط، أو صورة نراها يجب أن نتقصى عن أصلها؛ لأن كثيرًا من المعلومات مغلوطة، والمثل يسري على ما تعلمناه في المدرسة أيضًا.
المراجع
todayifoundout.com
cracked.com
nytimes.com
google.com.eg
dailymail.co.uk
scientificamerican.com