إنه ذلك الوقت من العام الذي تزين فيه شجرة عيد الميلاد زاوية حجرة المعيشة أو المكتب، متلألئة بالآمال والطموحات لعام جديد على الأبواب. إنه ذلك الوقت من العام الذي تبدأ فيه أحلامنا بالتبلور في مخيلاتنا؛ فنتحمس لرؤيتها تتحقق على أرض الواقع. إنه أيضًا ذلك الوقت من العام الذي تتوالى فيه المنشورات والنكات الساخرة من «قراراتنا للعام الجديد» في الظهور على مواقع التواصل الاجتماعي. عن أي قرارات نتحدث إن كنت لم أنفِّذ تلك التي وضعتها في السنوات العشر الماضية على الأقل؟ صدقني، لست الشخص الوحيد!
هناك عديد من الأسباب وراء الفشل في الالتزام بقائمة «قرارات العام الجديد» الخاصة بنا. أحد هذه الأسباب أننا أحيانًا نضع هذه القرارات في إطار واقعي جدًّا؛ بحيث تفتقر إلى أي درجة من المتعة. ومن جهة أخرى، يتمثل أحد الأسباب وراء فشلنا في تنفيذ قرارات العام الجديد في تمادينا في الحلم إلى درجة تجعل قراراتنا غير واقعية البتة. كذلك قد يفشل البعض في تنفيذ قرارات العام الجديد؛ لأنهم يضعون خططًا يتعارض بعضها مع بعض. فوفقًا للطبيب النفسي روبرت إيمونز، يؤدي ذلك إلى إحباط كامل فحسب؛ تذكر أن الاعتدال ليس بفكرة سيئة.
والآن، ماذا عن بعض النصائح القليلة التي من شأنها أن تساعدنا على الالتزام بقرارات العام الجديد؟
1- استمتع بما تفعل
تذكر أن الاستمتاع فقط هو ما يبشر بالالتزام طويل المدى، وهذا ما يطلق عليه علم النفس «الدوافع الذاتية». بعبارة أخرى، من الأفضل أن تقوم بشيء تحبه على أن تقوم به مجبرًا. فسواء كنت تكتب مقال تحليل أدبي أو كنت تشرِّح ضفدعًا، تذكر أنك تسهم في رخاء الإنسانية، إما باكتشاف عقار طبي جديد، وإما بلفت أنظار الناس إلى جانب جديد لعمل أدبي قد يلمس شيئًا ما في حياتهم الخاصة. هل أتعبتك الدراسة؟ خذ استراحة، وفكِّر في السيارة الفاخرة الجديدة التي قد تشتريها إن اجتهدت في عملك بعد أن تخرجت حاصلًا على معدل مرتفع، ثم عد بعد ذلك إلى كتابة المقال أو تشريح ذلك الضفدع البائس بحماس.
2- كن واقعيًّا
أنا لا أحاول أن أثنيك عن الحلم؛ فكما يقول باولو كويلو في روايته الفضلى مبيعًا «الخيميائي»: «إن إمكانية تحقيق الحلم هي ما تجعل الحياة مثيرة للاهتمام». ولكن، لا تحلم بأشياء بعيدة كل البعد عن الواقع. هل أنت مهتم بالأدب؟ هذا شيء عظيم، ولكنك لن تفوز بجائزة نوبل في الأدب العام القادم. استمر في الكتابة، واستمتع بجمال الحروف، ولا تنسَ أن تعمل بكد؛ لأنك إن لم تفز بجائزة نوبل العام القادم، فقد تنالها بعد ذلك في يومٍ ما!
3- تجنب الأهداف التي يتعارض بعضها مع بعض
هذه النصيحة تتعلق بالتنظيم بشكل أساسي. فمن الممكن أن تقضي بعض الوقت مع عائلتك، وأن تعمل على مشروع ترقيتك في الوقت نفسه؛ فقضاء بعض الوقت فقط مع العائلة لا يجعل منك ابنًا لا يكترث لواجبه. خصص بعض الوقت للمشروع لكي يتسنى لك بعد ذلك الاحتفال بالترقية قريبًا في محفل عائلي مميز.
4- اطلب الدعم من الشخص الصحيح
إن تأثير الأصدقاء لا يستهان به. فالصديق الجيد هو ذلك الصديق الذي تقضي معه وقتًا جيدًا؛ إنما الصديق الحق هو ذلك الذي لن يأخذك لتناول الغداء في مطعم للوجبات السريعة بعد أن كنت قد قررت اتباع نظام غذائي صحي بقليل. انتقِ الأصدقاء الذين يهتمون بما تخطط له كأنه الذي يخططون له أيضًا؛ فالصداقة تتمحور حول فكرة المشاركة، أليس كذلك؟ ولكن هذه المشاركة لا تشير بالضرورة إلى مشاركة الأطعمة نفسها.
5- لا تقسُ على نفسك
عندما نقسو على أنفسنا قد ينعكس الأمر سلبيًّا علينا، ويفسد الخطة بأكملها. فعبارة «لقد فشلت» تتناسب فقط مع الاستنتاج «أنا فاشل في الالتزام بما أخطط له»، وهذا ما سيؤدي إلى إفساد جميع القرارات التي اتخذتها. وتعلَّم أيضًا أن تكافئ نفسك من وقت إلى آخر. هل انتهيت من فرض الكتابة الذي كُلفت به قبل يومين من موعد تسليمه، وليس يومًا واحدًا كما كنت تخطط؟ أنت إذًا تستحق مكافأة صغيرة؛ إلا أن هذه المكافأة يجب ألا تكون بيتزا محشوة الجوانب بالضرورة. لا تسمح لأحد قراراتك بإفساد قرار آخر.
6- خصص بعض الوقت لنفسك
افسح لنفسك مجالًا دائمًا لفعل الأشياء التي تحبها، وحاول البحث عن أشياء جديدة تستمتع بها. أطلق العنان للقارئ النهم الذي بداخلك، وتعلَّم أسرار السعادة المتعلقة بقراءة الكتب وتذوَّق كلَّ كلمة تقرؤها. فتش عن الكاتب الذي بداخلك، وابدأ مدونتك الخاصة، واجعلها بمنزلة منصة للتعبير عن مشاعرك وأفكارك، وسيتفاعل معها بالطبع أصدقاؤك وغيرهم.
تعلَّم عزف الموسيقى والسباحة في بحر لا ينفد من الأنغام والألحان. مارس الجري. مارس السباحة. اركب دراجة. اِمش واستمتع بنسيم الصباح يداعب وجهك بصحبة الطيور والفراشات الملونة. وبين ذلك كله، لا تنس أن تخصص بعض الوقت للروحانيات والتأمل. افتح ذراعيك واستقبل العام الجديد بحفاوة وحماس وأمل.
أتمنى لك سنة جديدة سعيدة
المراجع
psychologytoday.com
healthypsych.com