عندما كنا صغارًا، سحرتنا آلات الزمن وفكرة السفر عبر الزمن لاستكشاف المستقبل والعودة إلى الماضي؛ ولكن، ماذا لو كانت هذه الآلة موجودة بالفعل؟ نعم، إنها موجودة ولكنها ليست آلة بالمعنى الحرفي للكلمة.
هل ستصدق إذا أخبرك أحدهم أن لكلِّ فرد آلة زمن في المنزل، وبإمكانه استخدامها متى أراد؟ هذه الآلة المحلية هي العطور؛ فهي مصنوعة من الكحول وبعض المركبات الكيميائية، وتأتي روائحها من الزيوت العطرية التي لها دور مذهل في كيفية عمل ذاكراتنا. فهي تستدعي الماضي وتُعيد إحيائه كما لو أنه لم يمر؛ وتُعرف هذه التجربة بأنها عملية استدعاء الرائحة للذكريات الشخصية Odour-evoked Autobiographical Memories.
في الواقع، ليست العطور وحدها ما يثير الذكريات، بل الروائح عامة تساعدنا بقوة على تذكر خبراتنا الحياتية. فعندما نشتم رائحة ما قد نستدعي مشاعر وذكريات قوية؛ وهذه الرائحة قد تكون عطر، أو مطر، أو هواء نقي، أو عشب أخضر، أو حتى كتاب قديم، ولكن كيف يحدث هذا؟
وتحدث عملية الشم عندما ترسل الخلايا الموجودة في تجويف الأنف إشارة إلى البصلة الشمية، وهي منطقة تحليل الرائحة في المخ وتبدأ داخل الأنف وتمتد على طول قاع المخ. تتصل البصلة الشمية بجزأين في المخ مسئولين عن المشاعر والذكريات: اللوزة الدماغية وقرن آمون؛ ولذلك قد تثير الرائحة ذكرى أو عاطفة معينة.
ومن المثير للاهتمام أيضًا ما أظهرته عديد من الدراسات السلوكية أن الذكريات المرتبطة بالروائح عادة ما تكون قوية وأكثر حيوية، وأن الروائح أفضل من الصور في عملية «استدعاء الذكريات»؛ لأن المعلومات المرئية والسمعية والحسية لا تمر في منطقتي اللوزة الدماغية وقرن آمون.
فعندما تشتم رائحة معينة، تستدعي تلقائيًا فيضًا من المشاعر، بل وتتذكر كل لحظة أو ساعة أو ربما دقيقة؛ فقد تتذكر وقت قبولك في الكلية أو الوظيفة التي لطالما حلمت بها، أو أيامًا أمضيتها مع أسرتك أو أصدقائك مليئة بضحك لا يقدر بثمن وحب غير مشروط. ومع ذلك، قد تثير الروائح أيضًا عواطف سلبية، خاصة لمن يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة posttraumatic stress disorder (PTSD)؛ فتجعلهم يستدعون الشعور بالذنب أو العجز مرة أخرى.
شاهد هذا الفيديو عن كيف إثارة الروائح للذكريات:
وقد تهتم أيضًا بمعرفة كيف تشكل الذكريات وكيف ننساها؛ شاهد هذا الفيديو:
كلما شعرت بالحنين إلى مرحلة ما في حياتك، احضر الرائحة المتعلقة بمرحلة مفضلة في حياتك، واستنشقها، واستمتع بهذه التجربة الحياتية مرة أخرى.
المراجع
fifthsense.org.uk
psychologytoday.com