شهدت التكنولوجيا طفرات هائلة خلال العقد الماضي؛ فساهمت في تسهيل حياتنا وجعلها أكثر أريحية. هذا هو الحال في البلدان المتقدمة، ولكن هناك فجوة بينها وبين البلدان النامية أو الأقل نموًّا. في مثل هذه البلدان، لا تعدُّ التكنولوجيا من أولويات الحياة؛ حيث يأتي الطعام، والمياه النظيفة، والرعاية الصحية على رأس قائمة الأولويات.
لم تعد إمكانية استخدام الإنترنت من الرفاهيات؛ فهي طريقة أساسية للاتصال، والتواصل، والتعلم، وتبادل المعلومات حول العالم. ومع ذلك، فهناك أربعة مليارات شخص في العالم ليس لديهم إمكانية الاتصال بالإنترنت؛ 90٪ منهم يعيش في أقل البلدان نموًّا في إفريقيا، وآسيا، وأمريكا اللاتينية. فلن يحسن استخدام الإنترنت في هذه البلدان من جودة التعليم والتعلم فقط، ولكنه سيؤثر أيضًا في مهارات التواصل الاجتماعي للمستخدمين وسيتيح الفرصة للأقليات، مثل النساء، للتعرف على أساليب الحصول على صحة وحياة أفضل.
عندما يتعلق الأمر بتوصيل الإنترنت، يجب وضع عديد من العقبات في الاعتبار. بالنسبة إلى الخدمة نفسها، يجد مقدمو الخدمة أن التكاليف تزيد على الفوائد، وبذلك فالاستثمار في هذه المناطق يُعدُّ مخاطرة كبيرة تحتاج إلى تدخل مباشر من الحكومات والمؤسسات. وهناك عقبة أخرى وهي تكلفة الجهاز نفسه؛ ولهذا السبب، يجب أن تبدأ هذه البلدان في الاستثمار في البنية التحتية التعليمية، من خلال توفير مختبرات وأكشاك الإنترنت في المدارس والجامعات؛ لمساعدة الطلاب في أثناء دراستهم ومنحهم نافذة على العالم.
الهواتف المحمولة هي وسيلة اتصال رئيسية في الوقت الحاضر، حتى في أقل البلدان نموًّا. فالهواتف المحمولة منتشرة انتشارًا كبيرًا وتؤثر في حياة الناس بطرق عدة. في مجال الرعاية الصحية، يؤدي التعلم والتواصل إلى التوعية بالأمراض الخطيرة مثل فيروس نقص المناعة البشرية. وفي قارة إفريقيا، تستخدم الرسائل النصية لنشر التوعية أو للتذكير بتناول الأدوية في حالة تفشي الأمراض.
وعلى المستوى الاقتصادي، وفرت الهواتف طريقة للتعاملات المصرفية عبر الإنترنت؛ حيث يقوم الناس بإيداع الأموال، واستثمارها، وتحويلها حتى مع عدم وجود بنوك في المنطقة. ولهذا يجب أن تركز المنظمات الاجتماعية على توصيل التكنولوجيا لمن هم في حاجة أكثر لها، مثل: الطلاب، وأصحاب المشروعات الصغيرة، والنساء العاملات، والمزارعين، وكبار السن، والمتقاعدين، وغيرهم من الأقليات.
إذا استخدمت التكنولوجيا بشكل صحيح، فستوفر تنمية مستدامة وطويلة الأمد للاقتصاد من خلال مساعدة الفقراء ليكونوا منتجين وليسوا مستهلكين فقط. ويجب أن تتاح للأقليات والفقراء فرص متساوية للحصول على خدمات التكنولوجيا الحديثة، وامتلاك أجهزة تساعدهم على تسهيل حياتهم. يجب أن توفر شركات الاتصالات دورات تدريبية لكلٍّ من الطلاب والعمال لتعزيز معرفتهم بالتكنولوجيا واستخدام الإنترنت؛ بشرط رجوع هؤلاء المتدربين إلى مواطنهم بعد فترات محددة لتطبيق ما تعلموه خلال هذه الدورات.
والهدف من ذلك لا يقتصر على تدريبهم على التكيف مع التكنولوجيا فقط، ولكن لتحفيز الابتكار على جميع المستويات. ومع كلِّ ذلك، فللتكنولوجيا جانب مظلم؛ إذ تحتاج إلى مراقبة واتخاذ تدابير لمنع استخدام الإنترنت في الجريمة، وخاصة في البلدان الأقل نموًّا.
المراجع
borgenproject.org
britannica.com
skillsafrica.org
un.org
ustti.org
*المقال الأصلي منشور بمجلة كوكب العلم، عدد خريف 2019