المقالات

مستقبل بلا دواء

شارك

الصحة تاج على رءوس الأصحاء؛ ولهذا نسعى جميعًا إلى الحفاظ على صحتنا. وللأدوية دورٌ كبير في محاربة الأمراض ومساعدتنا على استعادة صحتنا بعد التعرض للوعكات الصحية. وبين الماضي والحاضر والمستقبل، شهدت صناعة الأدوية وما زالت تشهد تطوُّرًا كبيرًا. ومن المتوقع أن تُكتشف مركبات كيميائية أو مضادات حيوية أكثر تعقيدًا، وأكثر قدرة على التغلب على مقاومة البكتيريا. ولكن، هل يمكننا الاستغناء عن الأدوية في المستقبل؟

ظهرت مؤخرًا تقنيات عدة لمعالجة الأمراض، من شأنها تحديد مدى قدرتنا على الاستغناء عن الأدوية في المستقبل. ولكن، هل ستمكننا هذه التقنيات من منع حدوث بعض الأمراض من الأساس؟ لهذا، دعونا نستعرض بعض تلك التقنيات وكيف تطورت من الماضي إلى الآن.

العلاج الجيني

بدأت فكرة زراعة الجينات واستخدامها في علاج الأمراض في عام ١٩٨٠. تتلخص الفكرة في زراعة جين معين لتحفيز تكوُّن بروتين معين كان غيابه هو السبب في ظهور المرض، أي إن ذلك الجين يُعيد تكوين البروتين المفقود. ولكن، في عام ١٩٩٩، حدث مالم يكن متوقعًا؛ إذ تُوفي مريض أمريكي بسبب العلاج الجيني؛ الأمر الذي أفضى إلى توقف الأبحاث في هذا المجال لسنوات. وفي عام ٢٠١٢، اعتمدت هيئة الأدوية الأوروبية عقّار Glybera علاجًا لالتهاب البنكرياس المزمن، وهو علاج جيني متاح الآن للمرضى. ولهذا استؤنفت أبحاث العلاج الجيني مرة أخرى.

الكائنات الحية

معظم الأدوية في عصرنا الحالي مواد كيميائية، فهل يمكن أن تكون في المستقبل كائنات حية، أو مواد حيوية؟

في الماضي، كانت العلقات تُستخدم في علاج ضغط الدم المرتفع؛ إذ كانت توضع على جبهة المريض لامتصاص الدماء منها وخفض ضغط الدم. ولكن الآن، اكتشف العلماء أن لهذه العلقات القدرة على الحفاظ على سيولة الدم. إذ تفرز بروتينًا مضادًّا للتجلط يسمى هيريدين في أثناء تعلقها بجلد الإنسان ليسهل عليها امتصاص الدم. هذا، وتتراوح فترة العلاج بين ٢٠ و٤٥ دقيقة تستطيع أن تمتص خلالها ١٥ مليمترًا من الدماء؛ وهي كمية ضئيلة جدًّا مقارنةً بفوائدها.

لذلك، تستخدم هذه العلقات في علاج الجلطات كما تستخدم لتحسين الدورة الدموية لمرضى السكري المعرضين لبتر الساق. فهي تساعد على إبقاء الأنسجة حية بالحفاظ على سريان الدم بها. وتستخدم أيضًا في جراحات الميكرو، وجراحات التجميل وإعادة البناء والترميم للحفاظ على سريان الدم في العضو المراد إعادة بنائه، مثل ترميم الأنف والأصابع؛ ما يساعد على رجوعه بصورة طبيعية وتقبل الجسم له وسرعة التئامه.

وكذلك تُستخدم بعض أنواع الطفيليات النافعة لتقوية جهاز المناعة، وعلاج بعض الأمراض، مثل: الربو، والحساسية، والالتهابات الجلدية. وقد يكون العلاج الحيوي مجالًا غريبًا، ولكن كم من المجالات الغريبة التي تطورت وأصبحت عادية الآن. غير أنه ما زال يحتاج إلى جهد كبير لدراسة المواد الفعالة في هذه الكائنات؛ ليصبح استخدامها أكثر سهولة، وكي لا تضر بصحة الإنسان.

في الحقيقة، لا نعلم هل ستُطَوَّر الأدوية في المستقبل أم هل سيحل محلها تقنيات أخرى. فمنذ اخترع ألكسندر فلمنج البنسلين إلى اكتشاف الجينوم، مرت أعوام طويلة من العمل تطورت فيها صناعة الدواء كثيرًا. ولكن، ما أعرفه جيدًا أن العلم لا حدود له، وأنه السبيل الوحيد لتقدم الأمم.

المراجع

bigpictureeducation.com

ghr.nlm.nih.gov

healthline.com

understandingnano.com

United States National Library of Medicine


المقال الأصلي منشور بمجلة كوكب العلم، عدد شتاء 2020


Image by rawpixel.com

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية