مع مشارف الشهور الأولى من عام 2020، أطل على العالم فيروس كوفيد-19 الشهير بفيروس كورونا، والذي لم يترك قارة ولا دولة إلا وألقى بظلاله عليها. فتأثرت كل فئات البشر بتلك العدوى التي أضحت جائحة في غضون بضعة أسابيع، ولم يُستثنى أحد من فرص التقاط العدوى التي تصيب الجهاز التنفسي خاصة الرئتين، مما يسبب ضيقًا شديدًّا وصعوبة بعملية التنفس.
يثير كل ذلك قلق النساء الحوامل والأمهات الجدد اللواتي تستعدن لاستقبال أطفالهن؛ فتحاك عدة أسئلة: هل المرأة الحامل أكثر عرضة لالتقاط عدوى كوفيد- 19؟ وما الذي يحدث إذا أصيبت بالفعل؟ وفي تلك الحالة ما هو مصير الوليد؟
واختلف العلماء والأطباء في إجابة تلك الأسئلة؛ فبعضهم يميل إلى أنه لا يوجد أي دليل حالي يدفعنا إلى معاملة الأمهات بطريقة مختلفة، بينما ينحاز البعض الآخر إلى الأخذ بالحيطة حتى تتأكد المعلومات.
تمر المرأة الحامل بتغيرات كثيرة، ومنها التغيرات التي تصيب الجهاز المناعي؛ فتضعفه وذلك كي لا يطرد جسم الأم الجنين أو يهاجمه. فتصبح أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي في العموم، وهذا بالطبع ينطبق على عدوى كوفيد-19 الذي يصيب الرئة والقصبات الهوائية. لهذا أعلن المدير الطبي للصحة العامة في بريطانيا أنه يجب على الفئات الأكثر عرضة للخطر، وهم كبار السن (70 عامًا فأكثر)، والنساء الحوامل، وأصحاب الأمراض المزمنة التي تؤثر على قوة الجهاز المناعي، الالتزام بالعزل المنزلي لمدة 12 أسبوعًا، وذلك من قبيل الوقاية والاحتياط، حتى تتبين الأمور ويتضح بالفعل أثر الفيروس على تلك الفئات.
أيد ذلك محاضرو جامعة برادفورد بشمال إنجلترا؛ حيث صرحوا بأن التقاط العدوى سهل وسريع لكل من يعاني من ضعف المناعة، مثل النساء الحوامل، كما أنهن أكثر عرضة للإصابة بالمضاعفات مثل الالتهاب الرئوي، الذي قد تتبعه ضائقة تنفسية، مما يحد من كمية الأكسجين التي تصل إلى الجنين. ويوصي مؤيدو هذا الاتجاه بضرورة فصل الأمهات المصابات عن الأطفال حديثي الولادة حتى تمام التعافي.
على صعيد آخر، يؤكد آخرون أنه لا يوجد اختلاف بين طريقة تأثر النساء الحوامل بالفيروس عن غيرهن من باقي البشر؛ فأفاد مدير عام منظمة الصحة العالمية (WHO) في مؤتمره الذي عقد يوم 16 مارس 2020، بأنه لا يوجد دليل علمي على أن النساء الحوامل أكثر عرضة لالتقاط عدوى كوفيد- 19، أو تظهر عليهن أعراض مختلفة أو مضاعفة عن غيرهن. في الولايات المتحدة الأمريكية، أوصت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية سابقًا بالفصل بين الأمهات المصابات بفيروس كوفيد- 19 عن أطفالهن حديثي الولادة، ثم تراجعت عن ذلك القرار وبدأت تتعامل مع كل حالة وفقًا لظروفها الصحية، مفيدين بأن ذلك الإجراء الأول (أي الفصل) لم يكن ضروريًّا.
وبين أولئك وهؤلاء حذرت اليونيسيف من أن إجراءات احتواء فيروس كوفيد- 19 بإمكانها الحد من الخدمات الصحية المنقذة للحياة، والتي تقدم لشرائح عديدة من الناس ومنها رعاية الأمهات وقت الولادة وبعدها، مما قد يعرض هؤلاء النساء وأطفالهن لسوء الرعاية، والذي قد يدفع النساء إلى طلب الرعاية من غير المتخصصين بالمنازل. حتى أن السيدات الحوامل يرفضن التوجه إلى المشافي لطلب المساعدة، كونها قد تكون مصدرًا للعدوى، ويظهر بديل طلب الطبيب والممرضة إلى المنزل حلًا مناسبًا في تلك الظروف.
مع هكذا اختلاف، نجد أنه من الأسلم تفادي المرأة الحامل لأماكن التجمعات ومواقع التقاط العدوى كنوع من الاحتياط، مع عدم الفزع والتوتر كونهما قد يسهما في إضعاف المناعة أكثر من فسيولوجية الحمل نفسه. وننصح أيضًا بقضاء الوقت في المنزل للاستمتاع بشهور الحمل وعقب الولادة مع الطفل؛ فقد تكون تلك فرصة جيدة لتوطيد العلاقة بينهما دون الحاجة إلى الخروج سوى للضرورة.
المراجع
telegraph.co.uk
time.com
unicef.org
Image by rawpixel.com