المقالات

ثقب الأوزون؛ كارثة بيئية أم ظاهرة طبيعية؟

شارك

لقد كان الاعتقاد الشائع في السابق أن ثقب الأوزون كارثة طبيعية حدثت بفعل العوادم والأدخنة وغيرها من الملوثات البيئية. وقد تنبأ العلماء بكارثة بيئية محققة في غضون سنوات تودي بالغلاف الواقي الذي يحمي الأرض من الأشعة الضارة للشمس. ولكن هناك نظرية ظهرت حديثًا تنفي ذلك تمامًا، وتؤكد وجود هذا الثقب منذ وقت طويل، وأنه ظاهرة طبيعية لا تستدعي القلق. ولعرض النظريتين بالبراهين والإثباتات هناك بعض الحقائق التي يجب أن ندركها أولًا عن طبقة الأوزون.

ما الأوزون، وأين يوجد، وما دوره؟

ينبغي أولًا أن ندرك أن هناك فرقًا بين غاز الأوزون وطبقة الأوزون. فالأوزون غاز سام أزرق اللون يتكون من ثلاث ذرات من الأكسجين ورمزه الكيميائي O3، ويستخدم لأغراض طبية وفي التعقيم. وطبقة الأوزون غلاف واقٍ مكون من غاز الأوزون، توجد في طبقة الستراتوسفير، وهي الطبقة الثانية من الغلاف الجوي، وتبعد عن سطح الأرض مسافة تتراوح من 25 إلى30 كيلو مترًا تقريبًا. ووظيفة طبقة الأوزون الأساسية حماية سطح الأرض والكائنات الحية من الأشعة الضارة للشمس وخاصة الأشعة فوق البنفسجية.

تقوم ذرات الأوزون في طبقة الستراتوسفير بامتصاص معظم الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الشمس ومنعها من الوصول إلى الأرض؛ حيث من شأن هذه الأشعة الضارة أن تسبب العمى وسرطان الجلد، وأن تقتل بعض الكائنات الحية، وغيرها من الكوارث البيئية. إلا أن الأوزون لا يمتص هذه الأشعة بالكامل؛ فيصل جزء بسيط منها إلى الأرض.

اكتشاف ثقب الأوزون

في عام 1985، أرسلت بريطانيا فريقًا استكشافيًّا للقطب الجنوبي. أثناء الرحلة لاحظ أحد العلماء انخفاض مستوى الأوزون في هذه المنطقة عن المناطق الأخرى، وبعد عدة تجارب واختبارات اكتشف العلماء ثقب الأوزون. استخدمت وكالة ناسا فيما بعد أقمارها الصناعية للحصول على معلومات أكثر دقة؛ فكانت المفاجأة أن المنطقة القطبية الجنوبية بالكامل تعاني من نقص مستوى الأوزون، كما تم اكتشاف ثقب آخر أصغر حجمًا في القطب الشمالي. وبالمراقبة المستمرة لثقب الأوزون، لاحظ العلماء اتساعه ابتداءً من شهر سبتمبر إلى شهر ديسمبر من كلِّ عام، وتقلصه في بقية أشهر العام.

ثقب الأوزون كارثة بيئية

عند اكتشاف ثقب الأوزون تنبأ العلماء بكارثة محققة؛ فحدوث ثقب بالغ الاتساع في الدرع الواقي للأرض من أشعة الشمس الضارة يمكن أن يودي بحياة الكائنات الحية جميعها عاجلًا أم آجلًا. وقد بذل العلماء جهودًا كبيرة في البحث عن أسباب هذا الثقب، وبعد عديد من الدراسات والتجارب توصلوا إلى أن هناك عدة عوامل أسهمت في حدوث ثقب الأوزون، ومنها:

  • انبعاث الغازات المحتوية على الكلوروفلوروكربون، وهي مركبات عضوية تحتوي على الكلور والكربون والفلور، وتُعرف تجاريًّا باسم الفريون. وكما هو معروف، يستخدم الفريون في المبردات، مثل الثلاجات ومكيفات الهواء.
  • كما أسهمت عوادم السيارات والطائرات المحلقة على ارتفاعات عالية في الغلاف الجوي، وأدخنة المصانع والمخلفات الكيميائية المسئولة عن تلوث الهواء في اتساع ثقب الأوزون.
  • التفجيرات النووية، التي لها قدرة تدميرية هائلة بالإضافة إلى انبعاث إشعاعات تؤثر في طبقة الأوزون.

وبالنظر إلى مسببات ثقب الأوزون سوف نجد أن معظمها ينبعث من مصادر حيوية ومهمة في حياة الإنسان، لذلك كان من الصعب السيطرة عليها واحتواء المشكلة بسهولة، وأصبح الحل الوحيد هو الحد من استخدام هذه المصادر بقدر الإمكان، ومحاولة إيجاد بدائل نظيفة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها.

نظرية مختلفة

اتجه بعض العلماء إلى نظرية مختلفة تمامًا عمَّا هو مُعتقد، ألا وهي أن ثقب الأوزون ظاهرة طبيعية حدثت منذ تكوُّن طبقة الأوزون ولا ضرر منه على الكائنات الحية، وأنه لا يزداد باستمرار بل تتغير مساحته كلَّ فترة زمنية. واستند هؤلاء العلماء إلى عدة أسباب علمية ومنطقية لهذه النظرية، ومنها:

  • أن طبقة الأوزون لا تفنى، ولكنها تتجدد بفعل تكون ذرات أوزون جديدة بصفة مستمرة.
  • وجود ثقب الأوزون في القطبين الشمالي والجنوبي وهما من المناطق الأقل تلوثًا على مستوى العالم.
  • أن الثقب يظهر في فترة معينة من العام وتحديدًا في الربيع القطبي، ثم يتناقص تدريجيًّا حتى يختفي تمامًا في الشتاء القطبي.
  • أن ذرات الكلور ومعظم العوادم وغاز الفريون لا تصل إلى الطبقات العليا من الغلاف الجوي بل تظل في الطبقات المنخفضة منه.
  • قد تم عمل إحصائيات على حالات سرطان الجلد الموجودة في القطبين الشمالي والجنوبي، وعلى مناطق أخرى من العالم يكون سُمك طبقة الأوزون كبيرًا بها، وكانت النتائج متقاربة.

وبالنظر إلى هذه الدلائل المنطقية يمكن القول إن ثقب الأوزون ظاهرة طبيعية لا تستدعي القلق، ولكن لم يتم التأكد تمامًا من ذلك؛ فهناك عديد من الأبحاث والدراسات المستمرة للتأكد من أن الثقب لا يمثل أي خطر على الحياة.

المراجع

nstarzone.com
theozonehole.com

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية