الهندسة التخيلية هي عملية ابتكار مفاهيم أو تقنيات جديدة يؤدي فيها الخيال دورًا كبيرًا وينفيذها بشكل عملي. وعادة ما يرتبط مفهوم الهندسة التخيلية بشركة والت ديزني؛ إذ تقوم إدارة الهندسة التخيلية داخلها بأعمال الابتكار والتخطيط والبناء لمتنزهات ديزني الترفيهية وغيرها من المقاصد الجاذبة للزائرين حول العالم. الحقيقة أن والت ديزني لم يضع هذا المصطلح على عكس الاعتقاد الشائع، بل وضعته شركة ألكوا (Alcoa Corporation) الصناعية الأمريكية اشتقاقًا من مصطلحي «الهندسة» و«التخيل».
وقد استخدمت الهندسة التخيلية منذ ذلك الحين في مجالات مختلفة، مثل: الجغرافيا، والسياسة، والتصميم الحضري. يتسم العاملون في مجال الهندسة التخيلية بمجموعة كبيرة من المهارات. وهناك عديد من الوظائف التي تندرج تحت هذا المجال؛ منها على سبيل المثال لا الحصر: العلماء، والمعماريون، والمهندسون، والفنانون، والرسامون، ومصممو الجرافيك، ومصممو الإضاءة، والكُتاب. وقد أنجز المهندسون التخيليون في شركة ديزني كثيرًا من الاختراعات والابتكارات؛ مثل: إلكترونيات التحريك السمعية (Animatronics-Audio)، ومركبة ويدواي (WEDway).
إلكترونيات التحريك السمعية هي نوع من الروبوتات المستخدمة في المتنزهات والمقاصد الترفيهية، وهي ما مكَّن شركة ديزني من تحريك الأجسام بصورة ثلاثية الأبعاد، بدلًا من ثنائية الأبعاد. وقد جاء تصميم المفهوم بفضل ولع والت ديزني بطائر ميكانيكي اشتراه في نيو أوريلنز. وقد كان هذا الطائر مصدر إلهام «غرفة تيكي المسحورة» (The Enchanted Tiki Room)، وهي مزار في مدينة ديزني لاند به طيور تصيح وتغني مصممة بتقنية إلكترونيات التحريك السمعية. في يومنا هذا، أصبحت إلكترونيات التحريك السمعية موجودة بشكل ملحوظ في كثير من المقاصد الشهيرة بمتنزهات ديزني؛ فيمكن للزوار التواصل مع بعض المجسمات المصنوعة بهذه التقنية، ومنها: الديناصور لاكي، وشخصية ريمي من فيلم «خلطبيطة بالصلصة» (Ratatouille)، والروبوت والي (WALL-E) أيضًا.
مركبة ويدواي هي نظام لنقل الناس باستخدام تقنية المحرك الحثي لدفع المركبات على قضبان حديدية. وقد قام والتر إلياس ديزني بتطوير شركة ويد (WED Enterprise) التي تعرف الآن باسم شركة والت ديزني للهندسة التخيلية. هذا، وتمتلك ديزني لاند مجموعة فريدة ومتنوعة من النظام الذي يستخدم العجلات المطاطية، التي تقع كل 2,7 متر على الممر الإرشادي الذي كان يستخدم بين عامي 1967 و1995.
بمرور الوقت، أسهمت الهندسة التخيلية في ابتكار صالات العرض والفنادق ومتاجر التجزئة، وتصميمها من أجل الحفاظ على طقس معين؛ فعندما تزور مدينة من مدن ديزني الترفيهية، يبدو الأمر وكأنك تدخل عرضًا، وتصبح منغمسًا في قصته. بالإضافة إلى هذا، فإن بواخر ديزني السياحية تصنع مغامرات بحرية شائقة، وتسهم في تحسين المزاج. للمطاعم والمتاجر قصص ترويها في المنتزهات الترفيهية؛ فجميع التفاصيل مصممة بدقة بدءًا من قوائم الأطعمة إلى ملابس الممثلين.
ويمكنك الاستمتاع بشكل أكبر في منتزهات ديزني الترفيهية عن طريق حواسك؛ مثلما يحدث عندما تشم رائحة الكعك الطازج في أثناء مشيك بالطريق الرئيسي، وهو ما يكمل تجربة أن تكون في قرية أمريكية صغيرة في بدايات القرن العشرين. استخدم عالم والت ديزني أيضًا تقنية المنظور القسري في بناء قلعة سندريلا؛ إذ إن المقياس المعماري للعناصر أصغر كثيرًا في الأجزاء العلوية للقلعة عند مقارنتها بالأساسات. هذا يجعل القصر يبدو أطول نسبيًّا من طوله الفعلي، وهو 58 مترًا تقريبًا.
ونظرًا للتقدم التكنولوجي السريع في هذه الآونة، أصبحت تطلعات الناس أكبر. على سبيل المثال، في لعبة «ساحرو المملكة المسحورة» (Sorcerers of the Magic Kingdom)، يبدأ الزائرون مغامرتهم في المركز السري لتدريب السحرة في الشارع الرئيسي، ثم يتم إخبارهم أن مجموعة من أشرار ديزني يهددون بالاستيلاء على المملكة المسحورة. ويتم إعطاء المشاركين الشجعان خريطة لخمس بطاقات تعويذات يتم تجميعها وبوابات سحرية، وذلك قبل أن يتم تكليفهم بمهام تستغرق 15 إلى 20 دقيقة. وتتضمن هذه المهام تأدية الأدوار بشكل تحليلي، وحل المشكلات، والبحث عن الكنوز، وذلك في أثناء البحث في أرجاء المنتزه.
ومن الأمثلة الأخرى على استخدام التكنولوجيا مغامرة «فورتشونا» (Fortuna)؛ حيث يبحث الزائرون عن ذهب القرصان في المنتزه من خلال الدلائل وحل الألغاز خلال الرحلة. يتم برمجة مغامرة فورتشونا جزئيًّا بواسطة البرمجيات الحاسوبية، وتعتمد بقية القصة على أفعال المشاركين في اللعبة. ومع هذا، يقوم العاملون في مجال الهندسة التخيلية بتصميم التجارب بحيث لا يختبر الزائرون المغامرة نفسها بالطريقة نفسها؛ فالحكايات تنكشف وفقًا للمشاركين فيها، وليس وفقًا لقصصها المكتوبة.
************************
طالما كانت شركة ديزني معنية بحكي القصص المدهشة، وتحقيق التواصل بين شخصياتها والجمهور. وهذا هو ما يجعل العنصر البشري مهمًّا حتى يومنا هذا، ولا يترك مجالًا للاستغناء عنه إلا إذا حدثت طفرات رهيبة في الروبوتات.
المراجع
aboutdisneyparks.com
disneyimaginations.com
en.oxforddictionaries.com
thinkwithgoogle.com